1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Israel

إسرائيل - الأرض الفلسطينية المحتلة: المجتمعات الحدودية تتأهب للأسوأ

The building of Ministry of Interior, civil division-Gaza bombed Thursday night Ahmed Dalloul/IRIN

شوارع سديروت فارغة، ومدارسها ومحلاتها التجارية مغلقة. اعتاد سكان هذه المدينة التي تقع في جنوب إسرائيل على سماع صافرات الإنذار التي تنطلق كل يوم تقريباً عند إطلاق صواريخ من أرض غزة، لكن تصاعد العنف في الأيام الأخيرة كان، بالنسبة للبعض، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

سيأخذ بيني كوهين أطفاله الثلاثة إلى منزل العائلة في الشمال، في بتاح تكفا، التي تقع على بعد 20 دقيقة شرق تل أبيب وهو لا ينوي العودة. وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): لقد استمر الحال على هذا المنوال لمدة تسع سنوات، ولن ينتهي. لن أعرض أطفالي لهذا الخطر بعد الآن. كان علي الرحيل [منذ سنوات]".

وأضاف قائلاً: "يستحيل عليك العيش وأنت ترى أطفالك يكبرون تحت سيل من صواريخ القسام. في كل مرة تطلق فيها الصواريخ يكون أمامنا 15 ثانية للعثور على ملجأ وهذا مستحيل".

وعبر الحدود، في المناطق الشمالية من قطاع غزة، كما هو الحال في بيت حانون، وهي بلدة تضررت بشدة جراء أعمال العنف على الحدود، بدأ الكثير من الناس يغادرون منازلهم بالفعل، متجهين نحو المناطق الأكثر أمناً بالقرب من مدينة غزة، حسبما ذكرت ليديا دي لييو، وهي موظفة توثيق في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. لكنهم لن يجدوا ملاذاً أمناً هناك أيضاً.

كان جهاد المشهراوي، المحرر في البي بي سي، في مكتبه عندما تلقى نبأ تعرض منزله في مدينة غزة للقصف أثناء غارة جوية إسرائيلية. وعندما وصل إلى المنزل، وجد ابنه البالغ من العمر 11 شهراً وزوجة شقيقه قد لقيا مصرعهما، بينما أصيب شقيقه بحروق شديدة.

وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد اعتدت على تحرير لقطات لأناس دمرت منازلهم وقصفت، ولآخرين قتلوا، ولكني لم أكن أتوقع أن يحدث هذا لي ... يقولون أنهم لا يهاجمون المدنيين، لكننا مدنيون. هل كان طفلي مسلحاً؟"

العنف المتبادل

وذكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الغارات الجوية الإسرائيلية قتلت 19 فلسطينياً، من بينهم ما لا يقل عن 10 مدنيين، في غزة خلال اليومين الماضيين، كما أصيب 253 آخرين بجروح.

وذكرت وجمعية ماغن دافيد آدوم (نجمة داوود الحمراء)، وهي خدمة الاستجابة لحالات الطوارئ في إسرائيل، أن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب 10 آخرون بجروح خطيرة أو حرجة، وتلقى 50 آخرون على الأقل علاجاً بعد إصابتهم بكدمات أو جروح بسبب الشظايا أو الصدمات النفسية.

وأخبر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يوآف مردخاي القناة العاشرة الإسرائيلية أن الجيش شن أكثر من 200 غارة جوية على قطاع غزة يومي 14 و15 نوفمبر، من بينها الغارة التي أدت إلى مقتل أحمد الجعبري، القائد العسكري لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

وقد أطلقت الجماعات المسلحة في غزة صواريخ على جنوب إسرائيل لمدة خمسة أيام متتالية. وفي 15 نوفمبر، سقط صاروخ في تل أبيب لأول مرة منذ حرب الخليج، كما سقط صاروخان آخران هناك يوم 16 نوفمبر. وتستطيع مجموعة من صواريخ فجر-5 الجديدة أن تصل إلى نصف سكان إسرائيل، وما كان في السنوات التسع الماضية يعتبر "متاعب محلية" تواجه المجتمعات التي تعيش على الحدود مع غزة، تحول في دقائق معدودة إلى مصدر قلق كبير.

وللمرة الأولى منذ 20 عاماً، فتحت السلطات الإسرائيلية الملاجئ العامة في تل أبيب والمدن المجاورة ليلة 15 نوفمبر. وفي غضون الثلاث ساعات التي تلت سقوط الصاروخ في تل أبيب، شن الجيش الإسرائيلي 70 غارة على "أهداف" في قطاع غزة.

"لم ينم أحد منذ يوم الأربعاء [14 نوفمبر]،" كما أشارت دي لييو. ولا تزال الصواريخ والضربات الجوية تتساقط على جانبي الحدود. وخلال محادثة قصيرة عبر الهاتف دي لييو، سمع مراسل شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) ثلاث غارات جوية في بضع دقائق على مدينة غزة وحدها. أما في إسرائيل، فتتوالى صافرات الإنذار.

وقالت شيرا، وهي أم لطفلين في بتاح تكفا: "لدينا غرفة سلامة في شقتنا، لكنني لم أتخيل أننا قد نضطر لاستخدامها في يوم من الأيام. لم نكن متأهبين لهذا الموقف على الإطلاق".

وهناك روايات مختلفة حول كيفية بدء هذه الجولة من العنف، ولكن هذا أخطر تصعيد منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة في 2008-2009، الذي قُتل فيه نحو 1,400 شخص - كلهم تقريباً من الفلسطينيين، ونصفهم على الأقل من المدنيين.

ونظراً لاقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية، والدعم الذي تلقته حماس من الصحوة الإسلامية في المنطقة، يقول محللون أن هذا العنف يمكن يتحول بسرعة إلى حرب أخرى.

مدن أشباح واحتياطيات متناقصة

ويتأهب سكان المناطق الحدودية للأسوأ، فنداف مثلاً، وهو طالب في بلدة بئر السبع التي تقع في جنوب إسرائيل، يفكر في الانتقال إلى تل أبيب في الوقت الحالي لتجنب ما قد يحدث في المستقبل القريب، حيث قال: "إنها الفوضى. علينا أن نصعد ونهبط إلى الملجأ طوال الليل، الأطفال يبكون، والمحلات التجارية والمدارس مغلقة وحفلات الزفاف والمناسبات تُلغى أرجو أن ينتهي كل هذا بسرعة".

لكن لا يبدو أن أحداً يعتقد أن الأزمة ستنتهي بسرعة ولذلك قام الناس في سديروت بتخزين الطعام والإمدادات خلال الساعات القليلة التي فتحت فيها محلات السوبرماركت أبوابها يوم 15 نوفمبر.

وفي محطة بنزين بمدينة غزة، حيث اصطفت السيارات حول مربع سكني واصطف الناس على الأقدام حاملين خزانات وقود فارغة، حاول الموظفون تحديد حصص للعملاء لا تزيد عن غالون واحد أو اثنين لكل منهم، وذلك لضمان حصول الجميع على بعض الوقود. وتم إغلاق العديد من محطات البنزين في غزة، سواء من أجل أمن موظفيها، أو لأن الوقود قد نفد.

ووصفت دي لييو قطاع غزة بأنه "مدينة أشباح"، مضيفة في حديث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "إذا لم يضطر الناس للخروج، فإنهم لا يغادرون منازلهم. الشوارع تكاد تكون خاوية والسيارات القليلة التي تتنقل تعبر بسرعة كبيرة، لأن أي شيء يمكن أن يصبح هدفاً في أي لحظة".

أغلق سعيد محمود، وهو رجل أعمال في غزة، متجره خلال اليومين الماضيين، مفضلاً البقاء في منزله ومحاولة تهدئة عائلته، على الرغم من مخاوفه الخاصة. وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "هذا أمر خطير للغاية. إنه يذكرني بالحرب في 2008-2009 عندما بدت غزة خالية تماماً من السكان. أتوقع أن تزداد الأمور سوءاً إذا حدث غزو بري".

وأشارت دي لييو إلى أن الخبز قد نفد بالفعل في بعض المناطق نتيجة للحصار المفروض على غزة. وأضافت قائلة: "لا توجد احتياطيات، فقطاع غزة يعيش على الكفاف منذ عدة سنوات. وعندما يحدث تصعيد، لا توجد منطقة عازلة".

ووفقاً للشهادات التي جمعتها المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية أطباء من أجل حقوق الإنسان، قطعت حكومة غزة الكهرباء بسبب نقص الطاقة. وأفادت المنظمة أنها تلقت العديد من مكالمات الاستغاثة في الأيام الأخيرة، خصوصاً في الساعات الأخيرة، من العاملين في المجال الطبي في غزة، حيث تفتقر المستشفيات إلى معدات الطوارئ والقدرة على علاج المصابين.

Jehad in the living room where his son died
الصورة: أحمد دلول/إيرين
مراسل البي بي سي جهاد المشهراوي في غرفة المعيشة التي توفي فيها ابنه
"ويشعر سكان غزة بالارتباك والقلق،" كما أكد أحد العاملين في مجال الصحة النفسية في مكالمة إلى منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان. وأضاف أن "هناك انفجارات مستمرة في جميع أنحاء قطاع غزة. وتقارير وسائل الاعلام مبالغ فيها، وتسبب قلقاً كبيراً. يسمع الناس عن الخسائر الإسرائيلية ويخشون المزيد من التصعيد. الطوابير أمام المخابز والمحلات طويلة جداً لأن الناس يخشون من اقتراب الغزو الإسرائيلي. والأطفال في حالة نفسية سيئة للغاية وهم يبكون بسبب شعورهم بالقلق".

حرب أخرى؟

وأعلنت لجان المقاومة الشعبية، وهي مظلة شاملة لجماعات مسلحة فلسطينية، أن اغتيال الجعبري (ثاني أكبر قائد في الجناح العسكري لحركة حماس) بمثابة إعلان حرب على غزة. وتهدد إسرائيل، التي أطلقت على هذه العملية اسم "عمود الدفاع"، بشن غزو بري بالفعل. وصرح وزير الجبهة الداخلية في إسرائيل مؤخراً بأن إسرائيل بحاجة إلى "إعادة تهيئة" غزة. وأضاف موردخاي في تصريحه للقناة العاشرة: "لقد هيأنا السكان في الجنوب والسكان في غزة. ونحن لا نلتزم بوقت محدد".

وقال مصدر عسكري طلب عدم ذكر اسمه لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن إسرائيل حشدت قواتها وتهدف إلى استدعاء 30,000 من جنود الاحتياط في الأيام المقبلة، وبدأ بالفعل استدعاء الآلاف ليلة 15 نوفمبر. وفي 16 نوفمبر، نقلت القناة العاشرة لقطات للآلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم في الجنوب.

وأضاف المصدر العسكري أن "إسرائيل ليست حريصة على اتفاق وقف إطلاق النار في الوقت الراهن. لدينا العديد من الأهداف التي يجب تدميرها لاستعادة قوتنا الرادعة ضد حماس".

وكتب حسين إيبش، المحلل البارز في فريق العمل الأمريكي المعني بفلسطين، وهي مجموعة مناصرة فلسطينية تتخذ من واشنطن مقراً لها، في مقال أن توقيت هذا العنف ليس من قبيل الصدفة. فالانتخابات الإسرائيلية قاب قوسين أو أدنى، والحكومة تتعرض لضغوط للرد على زيادة عدد الصواريخ التي أُطلقت على إسرائيل هذا العام.

وأضاف إبيش أن "[رئيس الوزراء بنيامين] نتنياهو بنى مستقبله السياسي على القضايا الأمنية، ولكن حتى لو كان يأمل في الحد من آثار هذا الحريق الهائل، إلا أنه قد يخرج عن نطاق سيطرة الجميع". كما أوضح أن الزيادة في إطلاق الصواريخ هي نتيجة للتحول في ميزان القوى داخل حماس، حيث يحاول القادة العسكريون داخل غزة استعادة السلطة من قادة حماس في المنفى.

ووفقاً لتقديرات الجيش الإسرائيلي، يوجد في غزة حالياً 10,000 صاروخ من طراز القسام (صواريخ بدائية صنعت في غزة، يتراوح مداها بين 7 و15 كيلومتراً) و2,000 صاروخ غراد يصل مداها إلى 30 كيلومتراً، وبضع عشرات من صواريخ فجر القادرة على الوصول إلى تل أبيب.

مع ذلك، فإن كلا الجانبين سيخسران الكثير في حال وقوع حرب شاملة، كما يؤكد اثنان من كتاب الأعمدة في صحيفة هاآرتس، وهما عاموس هرئيل وآفي يسسخروف، اللذان يعتقدان أن "من شأن هذه العملية تعريض وجود نظام حماس في غزة لخطر شديد. ومن غير المؤكد أن ترغب إسرائيل في ذلك. إن الاستعدادات العسكرية في هذه المرحلة تهدف إلى تنفيذ عمليات الألوية المحلية، وليس لإعادة احتلال قطاع غزة".

وذكر تقرير ستراتفور يوم 15 نوفمبر أن أي هجوم آخر من المرجح أن يتبع نفس أساليب عملية الرصاص المصبوب التي شنتها إسرائيل في 2008-2009، إلا أنه سيكون أكثر تعقيداً بسبب وجود صواريخ طويلة المدى في قطاع غزة وشريكاً ربما يكون أقل تعاوناً مع إسرائيل وهو الحكومة المصرية الجديدة.

وإذا أمكن الاسترشاد بعملية الرصاص المصبوب، فإن الضرر الذي سيلحق بالمدنيين سيكون هائلاً. وأكدت دي لييو، أثناء سماع دوي غارة جوية أخرى على الهاتف، أن "النقص [الحالي في المواد الأساسية] مقلق بنفس قدر الضربات العسكرية، وأنا لا أعرف كيف ستتعامل غزة مع حملة عسكرية جديدة ضدها".

td/ad/ha/cb-ais/dvh
"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join