يعارض الكثيرون من سكان إقليم البنجاب الأكثر اكتظاظاً بالسكان وإقليم السند جنوبي باكستان، اللذين قد يشهدان فيضانات وشيكة، دعوة السلطات لهم لمغادرة منازلهم ومزارعهم والانتقال إلى مناطق أكثر ارتفاعاً.
وقال جمال أحمد، 70 عاماً، بينما كان ينظر إلى الصور المنشورة في الصحف للمتضررين من الفيضانات في إقليم خيبر بختون خوا، شمال غربي البلاد: إنه لأمر سيء ...ولكنني وأبنائي لن نترك منزلنا".
ويسكن أحمد وأسرته الممتدة على بعد عدة كيلومترات من مدينة مولتان في إقليم البنجاب، على ضفاف نهر تشيناب وسط البلاد. وقد وجه المسؤولون المحليون لسكان تلك المنطقة تحذيرات للفرار من الفيضانات المحتملة.
وأضاف أحمد متسائلاً: "لن نترك ممتلكاتنا أو مواشينا ونذهب للعيش في المخيمات. علينا البقاء هنا لحماية جواميسنا، وإلا كيف سنعيش بعد أن تنحسر المياه؟".
وفقاً للتحديث الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 3 أغسطس، تستعد السند "لمواجهة أكبر فيضانات منذ 34 عاماً".
وفي بلدة سكهر على ضفاف نهر الإندوس في إقليم السند الواقعة على بعد 450 كيلومتراً جنوب مولتان، كانت السلطات المحلية تحاول وعلى مدى عدة أيام إقناع الناس بالانتقال إلى مخيمات الإغاثة.
المعضلة التي تواجه السلطات
وتشكل معارضة الانتقال حتى في ظل الخطر المتزايد معضلة بالنسبة للسلطات. وفي هذا السياق، أخبر سومير سيد، وهو مسؤول محلي شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "بدأ بعض القرويين بالانتقال ولكن إذا استمر رفض البعض الآخر فعلينا عندها اللجوء إلى القوة". وبينما يتواجد الجيش والقوات شبه العسكرية في المنطقة، تفيد تقارير وسائل الإعلام أنه قد تم قطع إمدادات الغاز والكهرباء في محاولة لإقناع الناس بإخلاء المكان.
بدوره، قال خادم محمد، 50 عاماً، وهو مسؤول خدمة مجتمعية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الناس لا يريدون مغادرة منازلهم هنا في مولتان أو في أي مكان آخر لأنهم يعرفون أن الظروف في المخيمات تتسم عادة بالبؤس ولا يعامل الناس فيها باحترام". وقدم محمد مثالاً على ذلك إعصار فيت الذي هدد المناطق الساحلية في يونيو الماضي وتم إثر ذلك إجلاء السكان من قرى الصيد في محيط كراتشي إلى مخيمات مؤقتة.
وأضاف أن "الأشخاص الذين تم إجلاؤهم عادوا إلى ديارهم على الفور تقريباً لأن الظروف لم تكن ملائمة في ظل غياب احتياجاتهم الأساسية". وأشار إلى أن المأوى الذي تم توفيره في بعض الأحيان لم يكن أكثر من قطعة قماش أو غطاء من البوليثين منصوب على قصبات، موضحاً أنه "لا يمكن للناس العيش بهذا الشكل في مثل هذا الطقس الحار والخانق".
وقال مسؤول محلي من منطقة مولتان، فضل عدم ذكر اسمه، أنه "إذا لم ينتقل الناس ... فسيؤدي ذلك إلى حدوث وفيات وإصابات... ولكننا إذا أجبرناهم على ذلك بالقوة فسنتعرض للانتقاد وكذلك الحكومة".
الصورة: أوتشا |
فيضانات باكستان منذ 3 أغسطس 2010 (شاهد نسخة مكبرة من الخريطة) |
وقال عدنان خان، الناطق باسم هيئة إدارة الكوارث في الإقليم: "سوف نبدأ عمليات الإجلاء القسري إذا لزم الأمر".
عوامل ثقافية
وتؤثر العوامل الثقافية أيضاً على قرار السكان بعدم ترك ديارهم، حيث قالت زهيدة خنتون التي تسكن في قرية تقع على بعد 20 كيلومتراً من مولتان: "لا أستطيع تخيل البقاء في غرفة واحدة مع غرباء. لقد شاهدت على التلفاز عشرات الرجال والنساء يسكنون في مكان واحد".
وكالكثير من النساء في المناطق الجنوبية من إقليم البنجاب، قالت زهيدة أنها لم تذهب قط إلى المدرسة وأنها تلتزم بشكل صارم "بالبرده" (التواري عن الأنظار ولبس الحجاب لمنع الرجال من النظر إلى النساء) وأنها لم تقض ليلة واحدة خارج منزلها. وأضافت قائلة: "قد يكون الموت بالنسبة لي أفضل من الحياة في المخيمات ".
kh/ed/cb-dvh