بعد مرور ثمانية عشر شهراً على الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 23 يوماً على قطاع غزة، لا تزال ثلاثة أرباع المنازل والمباني والبنى التحتية المتضررة دون إصلاح، وفقاً لتقييم احتياجات إعادة الإعمار الصادر عن مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في القدس.
وتحتاج غزة لحوالي 527 مليون دولار لتتمكن من العودة إلى وضعها قبل الحرب (في ديسمبر 2008)، حسب البرنامج الذي أضاف أن هذا الرقم لا يشكل سوى جزءاً بسيطاً من المبلغ الإجمالي اللازم لإصلاح الإضرار ووقف التدهور الذي لحق بالبنية التحتية للمرافق العامة والخاصة خلال السنوات الأربع للحصار الإسرائيلي على القطاع.
وذكر التقييم أنه قد تم إصلاح معظم المرافق الصحية إلى جانب حوالي 78 بالمائة من المرافق العامة للمياه والصرف الصحي. ومع ذلك، لم يتم إصلاح سوى نصف الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء في حين لم تشهد البنية التحتية للنقل أية إصلاحات تذكر.
وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المشكلة الكبيرة التي تواجهها المنشآت الطبية في قطاع غزة تتمثل في عدم وجود الأدوية والمعدات الطبية بالإضافة إلى الأزمة الحادة في الكهرباء. وجاء في بيان صادر عنها في 14 يونيو أن "إمدادات الطاقة في غزة تنقطع لمدة سبع ساعات يومياً في المتوسط وهو ما يتسبب في عواقب مدمرة بالنسبة للخدمات العامة، خاصة نظام الرعاية الصحية الأولية". وأضاف البيان أن احتياطي الوقود المستعمل لمولدات الطاقة بالمستشفيات يتعرض للاستنزاف.
كما أشار تقييم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن العقبة الرئيسية في طريق التعافي من الحرب تتمثل في الحصار المفروض على القطاع الذي يسمح فقط بإدخال الواردات من السلع التي تعتبرها إسرائيل سلعاً إنسانية. ويضع الحصار قيوداً صارمة على دخول مواد البناء الأساسية مثل الإسمنت والحديد والزجاج مما يعيق جهود المجتمع الدولي لإعادة إعمار القطاع.
من جهته، قال جون جينغ، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، أن "موقف الأمم المتحدة واضح. نحن نتوقع أن يتم رفع الحصار حتى يتسنى لسكان غزة استعادة حقوقهم الأساسية. لا بد من تعبئة الإرادة السياسية لوضع حد للحصار وتحويلها إلى عمل واستكشاف كل خيار ممكن لحلول عملية بما في ذلك فتح ميناء غزة".
وتعتبر إسرائيل حركة حماس، السلطة الفعلية في قطاع غزة، منظمة "إرهابية" وتخشى أن يشكل رفع الحصار خطراً على أمنها. وكانت إسرائيل قد شنت هجومها على القطاع لوقف إطلاق الصواريخ من غزة على البلدات الإسرائيلية المجاورة.
تغيير السياسة الإسرائيلية
في 27 حزيران/يونيو، وإثر العملية العسكرية العنيفة التي قامت بها إسرائيل ضد أسطول المساعدات المتوجه إلى غزة، وافقت إسرائيل بالسماح لعدد أكبر من البضائع بالدخول إلى قطاع غزة، حيث ستسمح بمرور وزيادة تدفق مواد البناء للمشاريع المعتمدة للسلطة الفلسطينية تحت إشراف دولي. ولكنها أوضحت أنها لن تقوم بتغيير النظام الأمني الحالي لقطاع غزة بسبب سيطرة حماس.
وعلق جون جينغ على ذلك بقوله: "نحن لم نر بعد قائمة بالمواد المحظور دخولها إلى غزة، ولكننا بحاجة لنهج مغاير تماماً في ظل عدم ملائمة قائمة الـ 114 مادة المسموح بدخولها إلى القطاع".
جهود الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
وقد عبرت حوالي 400 شاحنة محملة بمواد البناء إلى غزة على مدى الأشهر الأربعة الماضية، مما مكن الأونروا من استكمال بناء محطة لمعالجة المياه في رفح والانتهاء من بناء حوالي 150 وحدة سكنية كان 80 بالمائة منها مبنياً من قبل، وفقاً لجينغ.
وأضاف أن الوكالة حصلت على 460 مليون دولار لإعادة بناء منازل 2,300 لاجئ و100 مدرسة وكلية لتدريب المعلمين على افتراض إمكانية الحصول على المواد اللازمة لتشغيلها.
الصورة: Free Gaza |
سكان غزة يجمعون ما يمكن جمعه من تحت أنقاض منازلهم |
ويعيش في غزة ما يقرب من مليون لاجئ فلسطيني وحوالي نصف مليون شخص غير لاجئ.
ويقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضاً بإعادة بناء المدارس بالتنسيق مع جهات مانحة محددة لكل مشروع. كما بدأت بعض المنظمات غير الحكومية الدولية مثل منظمة سي إتش إف إنترناشيونال CHF International ومنظمة الإغاثة الإسلامية بإعادة بناء المدارس.
وكانت حوالي 217 مدرسة 60 حضانة قد تعرضت لأضرار متفاوتة أو لدمار كامل خلال الهجوم الإسرائيلي، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وقد حصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على 200 مليون دولار لإعادة بناء منازل 1,200 منزل لغير اللاجئين من سكان القطاع ولكنه لم يتمكن من إدخال مواد البناء، حسب عمران الخروبي، مدير المشاريع بمكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة.
وأوضح الخروبي أن "الإسمنت والصلب الرخيصين يدخلان غزة عبر الأنفاق على طول الحدود بين غزة ومصر، ولكن لا يمكن لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي استخدام مثل هذه المواد".
وأوضح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الصناعات صغيرة الحجم في غزة تمكنت عبر سحق حطام المباني المدمرة من ترميم نحو 25 بالمائة من الأضرار التي ألحقتها إسرائيل بالبنية التحتية خلال عمليتها العسكرية التي دمرت أو ألحقت أضراراً مختلفة بـ6,268 منزلاً على الأقل بالإضافة إلى مئات المباني العامة.
الصورة: إيريكا سيلفرمان/إيرين |
المزيد من البضائع تدخل غزة ولكنها ليست كافية، حسب الأمم المتحدة |
وقال أنصار أبو عمرة، وهو لاجئ يبلغ من العمر 52 عاماً كان قد فقد منزله البالغ قيمته حوالي 50,000 دولار خلال الهجوم، أن "مواد البناء مثل الإسمنت موجودة في قطاع غزة عبر الأنفاق ولكن ينقصنا المال لشرائها. لقد وعدت الأونروا بمساعدتي بمبلغ 6,000 دولار ولكنني لم أحصل على شيء حتى الآن". وكان بيته المكون من 10 غرف يقع بجوار وزارة التخطيط التي كانت مستهدفة بالهجوم الذي أصاب بيته.
جهود حماس
وتتحمل حكومة حماس مسؤولية إعادة بناء المباني العامة ولكن البناء لم يبدأ بعد، وفقاً لياسر شنط، مهندس أول في وزارة الإسكان والأشغال العامة في قطاع غزة. وجاء في توضيحه أن "المواد القادمة عبر الأنفاق ليست كافية لإصلاح الأضرار والحكومة تفتقر للتمويل بسبب رفض الجهات المانحة تمويل المشاريع التي تستخدم الإسمنت المستورد عبر الأنفاق".
وقال أن الحكومة أنفقت حتى الآن حوالي 500,000 دولار على جهود إعادة الإعمار بما في ذلك إصلاح حوالي 700 منزل باستخدام بعض المواد التي جاءت من إسرائيل ومن خلال المشاريع الممولة من قبل المنظمات الدولية مثل منظمة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية، وهي منظمة غير حكومية تركية تعتبرها إسرائيل منظمة "إرهابية"، والمنظمات غير الحكومية الموجودة بغزة مثل جمعية دار الكتاب والسنة ومنظمة الرحمة العالمية.
من جهته، أفاد جمال عبد الباري، رئيس قسم البناء بوزارة التربية والتعليم، أنه قد تم إصلاح 17 مدرسة من قبل وزارة التعليم في غزة بتمويل من المانحين الدوليين مثل القنصلية البريطانية في القدس. ومن المقرر أن يتم إصلاح 16 مدرسة أخرى.
es/ed/cb –amz/dvh