يعارض آلاف النازحين في جنوب وزيرستان شمال غرب باكستان الجهود التي تبذلها السلطات لإقناعهم بالعودة إلى مناطقهم بدعوى أنها لا تزال غير آمنة. ويبدو أن البعض مستعد للبقاء بعيداً عن دياره لأشهر عدة أو حتى سنوات إلى أن يقتنع بأن الوضع قد أصبح آمناً للعودة.
وفي هذا السياق، أخبر مسعود محسود، 50 عاماً، وهو نازح من جنوب وزيرستان يعيش حالياً في بلدة ديره إسماعيل خان في شمال غرب باكستان، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "نعتقد أنه لا معنى للعودة في الوقت الراهن، فقد يتجدد القتال في وقت ليس ببعيد، ونحن لا ندري لماذا تصر السلطات على عودتنا إلى منطقة غير آمنة".
وكان مسؤولو الحكومة والجيش الذي يقوم بعملية عسكرية في المناطق القبلية ضد حركة طالبان، يحاولون إقناع شيوخ القبائل بالعودة إلى جانب عشرات الآلاف من النازحين من قبيلة محسود في جنوب وزيرستان. ويعتقد الجيش أن عودة السكان قد تحبط محاولات المتشددين لاستعادة الأرض التي خسروها لصالح الجيش، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام. وكان القائد العسكري لباكستان قد أعلن في فبراير من هذا العام "الانتصار" في جنوب وزيرستان.
المقاتلون "يتربصون للرد"
غير أن السكان المحليين يقولون أن المقاتلين ما زالوا موجودين في بعض أجزاء من المنطقة، حيث قال عماد وزير، البالغ من العمر 30 عاماً: "إنهم يتربصون للرد وقد تراجعوا من المناطق الرئيسية لحماية أنفسهم".
ووفقاً لتقرير صادر في 16 أبريل عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، هناك 254,000 نازح مسجل في جنوب وزيرستان. كما أفادت بعض التقارير أن من بين النازحين من جنوب وزيرستان حوالي 300,00 شخص من أفراد قبيلة محسود، وهو ما يدل على أن جميع أفراد القبيلة تقريباً غادروا منازلهم.
وفي هذا السياق، أخبر بابار بالوش، وهو مسؤول إعلام لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن المفوضية "لا تملك أية معلومات عن الضغط الذي قد تكون الحكومة تمارسه على النازحين في جنوب وزيرستان من أجل العودة. نحن على اتصال مع السلطات للتأكد من أن عملية العودة، متى بدأت، ستستند على مبدأ العودة الطوعية".
وأضاف أن "لدى المفوضية موقف واضح فيما يخص عملية عودة النازحين في باكستان. إذ يجب أن تكون العودة طوعية ومبنية على قرار شخصي واعٍ ومطلع، وفقاً للمبادئ التوجيهية الدولية للنزوح. نحن، بالتأكيد، لن نرتبط بأي مشروع للعودة القسرية".
كما يشعر أفراد قبيلة محسود، التي ينتمي إليها زعيم حركة طالبان السابق بيت الله محسود والحالي حكمة الله محسود، بالقلق حيال إمكانية أن يعلقوا في الاقتتال.
وفي مقابلة مع رويترز، حذر قائد طالبان ولي الرحمن الأسبوع الماضي من احتمال اندلاع قتال عنيف. وجاء في تحذيره: "ليس للجيش سيطرة سوى على الطرق فقط. نحن موجودون في الغابات وإذا عاد أفراد قبيلة محسود إلى جنوب وزيرستان فإنهم سيعانون من كلا الجانبين".
توقعات بإقامة طويلة بعيداً عن الديار
الصورة: خرائط غوغل |
خريطة لباكستان والمناطق المحيطة بها توضح شمال وزيرستان (بالأحمر) وجنوبه (بالأزرق) |
وفي ظل توقع أفراد قبيلة محسود البقاء لفترة طويلة بعيداً عن ديارهم، قام العديد منهم بالالتحاق بأعمال ووظائف طويلة المدى في أماكن نزوحهم. وعن ذلك قال ديلاوار خان، أحد النازحين من جنوب وزيرستان: "لقد طلبت من أخي أن يجد لي عملاً كحارس أمن أو أي عمل آخر في بيشاور. أعمل حالياً حارساً هنا ولكن الأجور في بيشاور أفضل ولذلك أفكر الآن في الاستقرار هنا إلى الأبد".
أما زوجته، غولمينا بيبي، فقالت: "لا أحب فكرة مغادرة المنزل. أنا متعلقة بجبالنا في جنوب وزيرستان. ولكن في نهاية المطاف علينا أيضاً أن نفكر في أطفالنا، فقد أغلقت المدارس أبوابها لعدة أشهر".
ولدى ديلاوار وغولمينا أربعة أطفال، بينهم فتاتان، وهما حريصان على أن يحصل أطفالهما على فرصة التعليم. غير أن المسلحين واصلوا مهاجمتهم للمدارس في جميع أنحاء منطقة الصراع. وفي أحدث هجوم، تم تفجير مدرستين للبنين في منطقة باجور، وهي واحدة من سبع مناطق قبلية على الحدود الباكستانية الأفغانية.
وقالت عزيزة بيبي، البالغة من العمر 50 عاماً: "لا يبدو أن هناك نهاية في الأفق لهذا القتال. سنكون حمقى إذا قررنا العودة الآن. لقد تعودت الآن على الحياة في منزل ابني هنا وقد نبقى هنا بشكل دائم".
kh/at/cb- amz/dvh
"