أفاد دبلوماسيان بارزان سابقان أن اتفاق السلام الذي وضع حداً لسنوات طويلة من المواجهات بين شمال وجنوب السودان قد يتعرض للانهيار ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذه.
فقد حذر الجنرال لازاروس سومبيو وجون دانفورث من أنه "بعد مرور خمس سنوات على توقيع اتفاق السلام الشامل التاريخي بين شمال وجنوب السودان، هناك خطر كبير من عودة حرب شاملة إلى السودان وعدم التوصل إلى حل نهائي ودائم لقضية دارفور".
وكان سومبيو الوسيط الأساسي لمحادثات السلام بين الفرقاء السودانيين في مدينة نيفاشا وسط كينيا، في حين كان دانفورث المبعوث الأمريكي للسلام في السودان.
وبعد مرور خمسة أعوام على توقيع اتفاق السلام الشامل، كتب الدبلوماسيان السابقان في صحيفة إيست أفريكان الكينية أنه لم يتم حتى الآن تنفيذ شروط حاسمة من الاتفاق، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع العامة في مختلف أرجاء البلاد. وأضافا أنه "ما لم يتم تعزيز الدعم الدولي بشكل كبير لمساعدة شمال وجنوب السودان على الاتفاق على القواعد الأساسية لمستقبلهما، فإننا نخشى أن تلقي انتخابات [أبريل 2010] واستفتاء [2011] بالبلاد مرة أخرى في براثن حرب مدمرة".
وقال المتحدثان أن العنف في دارفور قد شهد تزايداً كبيراً في الوقت الذي لم يتم فيه التعامل مع الأسباب الجذرية للنزاع. كما أن "الوضع في شرق السودان وفي المناطق الانتقالية الثلاث المتمثلة في أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق لا زال متوتراً".
وفي الأسبوع الماضي، أعربت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس عن قلقها حيال تدفق الأسلحة بما فيها الأسلحة الثقيلة إلى جنوب السودان. وأضافت أن حكومتها تعتقد أن هذه الأسلحة تأتي من شمال السودان والدول المجاورة له. غير أن الحكومة السودانية نفت هذه الادعاءات.
الارتفاع المفاجئ في العنف
وفي 30 يناير، وصف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، جان بينغ، الوضع في السودان بأنه أشبه ببرميل من البارود قابل للانفجار في أية لحظة. وقال متسائلاً في مقابلة له مع راديو فرانس إنترناسيونال: "هل هناك خطر لاشتعال الحرب مرة أخرى بين الشمال والجنوب بالرغم من كل ما قيل؟ ألن يشجع استقلال جنوب السودان أطراف أخرى في دارفور وغيرها من الأماكن التي لا تطالب حالياً بالاستقلال على المطالبة به مثلما فعل جنوب السودان؟ ينتابنا شعور بأننا نجلس على برميل من البارود".
وقد شهد الجنوب ارتفاعاً مفاجئاً في وتيرة العنف. فعلى سبيل المثال، لقي أكثر من 140 شخصاً حتفهم وأصيب حوالي 90 شخصاً آخر بجراح في هجوم على منطقة ونشاي بولاية واراب في يناير.
وحسب منظمات الإغاثة، لقي أكثر من 2,500 شخص حتفهم وأجبر أكثر من 350,000 شخص آخر على النزوح من ديارهم خلال عام 2009، وهو ما يشكل "ثقلاً إنسانياً أكبر بكثير مما حصل في دارفور العام الماضي". وحذرت هذه المنظمات في بيان صادر عنها مؤخراً من عدة نقاط اشتعال محتملة خلال الأشهر الإثني عشر القادمة بما فيها الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية في أبريل، وهي الأولى منذ 24 عاماً بالإضافة إلى الاستفتاء المقرر في أوائل عام 2011 حول استقلال جنوب السودان.
تقرير مسح الأسلحة الصغيرة
وأفاد تقرير صادر عن لجنة مسح الأسلحة الصغيرة في 15 ديسمبر أن مستقبل السودان يبدو متوتراً أكثر فأكثر. وجاء في التقرير أنه "بالرغم من التقدم الذي تم إحرازه في الأيام الأخيرة، لا زالت عملية السلام تترنح من أزمة إلى أخرى. فقبل ثلاثة أشهر فقط، توقع زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان أن احتمالية عودة الحرب مع حزب المؤتمر الوطني التابع للرئيس عمر البشير تصل إلى حوالي 50 بالمائة".
وأضاف التقرير أن معوقات تقدم المحادثات حول دارفور متعددة للغاية أهمها أن الجماعات المسلحة الرئيسية تبقى ممزقة بالإضافة إلى أن الميليشيات العربية أصبحت تحرر أكثر فأكثر من اتفاقية السلام.
بالمقابل يفيد التقرير أن "الطلب على الأسلحة الصغيرة والخفيفة وبعض الأسلحة التقليدية الثقيلة يشهد تزايداً مستمراً بين القوات الحكومية والمتمردين والمجموعات المسلحة غير المنحازة في البلاد".
وكان استيراد الأسلحة وانتقالها داخلياً قد تواصل بالرغم من حظر الأمم المتحدة وغيره من القيود المتعددة الأطراف التي تم وضعها للحيلولة دون وصول بعض الأسلحة لبعض العناصر والمناطق السودانية. كما أن وجود حوالي 25,000 عنصر من عناصر حفظ السلام لم يساعد في تحقيق الاستقرار، حسب التقرير.
وكانت منظمة العفو الدولية قد حذرت في 29 يناير من أن تتسبب الانتخابات في تدهور وضع حقوق الإنسان عبر البلاد وفي ارتفاع سريع للنزاع المسلح، خصوصاً في دارفور وفي الجنوب.
eo/cb – amz/dvh
"