قال سمير وليد، 39 عاماً، أنه خائف من الخروج إلى شوارع بغداد بعد أن تم توقيف أخيه قبل أسبوعين عند حاجز تفتيش حيث أُخذ بعيداً وقُتل. ومن سخرية القدر أن تكون هذه الحواجز، التي ازداد عددها لاحتواء الوضع الأمني المتدهور، أن تشكل هي نفسها خطراً على السكان.
تقوم الشرطة العراقية والجيش العراقي وأحياناً الميليشيات بحراسة حواجز التفتيش، الأمر الذي يزيد بالتأكيد من الضغوط النفسية الهائلة التي يشعر بها سكان العاصمة. ويقول السكان المحليون أنه غالباً ما يتم اعتقال الأشخاص عند حواجز التفتيش إذا دارت حولهم الشكوك بأنهم يعملون لدى الجماعات المسلحة.
وقال وليد: كان أخي في سيارة مع زوجته وأولاده عندما أوقفهم رجال الشرطة عند نقطة تفتيش في منطقة المنصور. فقاموا باعتقاله ولم نسمع منه أي خبر بعد ذلك. بعد أسبوع من البحث عنه في كل مكان، وجدنا جثته في مشرحة المدينة وفي رأسه ثلاث طلقات".
وأضاف قائلاً: "أخبرتني زوجة أخي أنهم عندما أوقفوه اتهموه بأنه متمرد بسبب لحيته الطويلة. حاول أخي أن يشرح لهم أنه صيدلي وأن لديه لحية طويلة لأغراض جمالية ولكنهم بالرغم من ذلك قاموا باعتقاله".
الشرطة تنكر مسؤوليتها
سأل وليد الشرطة عن سبب قتل أخيه ولكن المسؤولين في مركز الشرطة الذي يقع في المنطقة التي اعتقل فيها أخوه قالوا له أنه لا توجد لديهم أية معلومات بخصوص اعتقال أخيه. وقالوا أنه من المحتمل أن يكون قد قتل من قبل المتمردين عندما أطلقت الشرطة سراحه بعد التحقيق.
وأضاف وليد: "أعرف أنهم [الشرطة] قاموا بقتله ولكنني لا أستطيع إثبات ذلك. أنه واقعنا الجديد في العراق. يوقفك رجال الشرطة متى شاءوا ومن بعدها لا تعرف ماذا سيحصل لك. لقي عمي وثلاثة من أبناء عمومتي نفس المصير، حيث قُتل اثنان منهم عند نقاط تفتيش الميليشيات بينما كانا في طريقهما لمغادرة العراق واثنان منهم فقدا عند حاجز تفتيش في بغداد أثناء ذهابهما إلى العمل ووجدا مقتولين فيما بعد".
وبسبب معدلات القتل العالية في العراق هذه الأيام، تم إعطاء قوات الأمن الحق في اعتقال أي شخص. وبالرغم من أن المواطنين راغبون في مشاهدة القتلة خلف قضبان السجون، ولكن تراودهم مخاوف مماثلة من السلطات الأمنية.
وقال الأستاذ بكر محمد، المحلل الأمني في الجامعة المستنصرية أن "حواجز التفتيش مهمة للعراق لمنع الإرهاب ولكن لسوء الحظ فإن قوات الأمن لا تتصرف بشكل سليم مع السكان المحليين. وحتى الجيش لا يبدي أدنى درجات الاحترام للعراقيين أثناء مرورهم من خلال حواجز التفتيش، وهذه الحوادث المحزنة [القتل على الحواجز] في ازدياد حيث يشكل العنف الطائفي الخلفية لهذه الجرائم".
الولاءات الطائفية
وأضاف محمد: "يخشى السنة من المرور على حواجز التفتيش الشيعية كما يخشى الشيعة المرور على حواجز التفتيش السنية. من النادر أن يمر يوم دون اعتقال أو مقتل أشخاص وبالتأكيد فإن معظمهم من الضحايا الأبرياء للعنف الطائفي. هذه الجرائم غير مقبولة ويجب على الحكومة أن تقوم بشيء حيال ذلك".
ورداً على هذه الاتهامات قالت الشرطة والجيش العراقي أن حواجز التفتيش موجودة لتوفير الأمن للسكان المحليين بدلاً من زيادة العنف.
وقال العقيد علي حسناوي، الضابط الكبير في وزارة الداخلية أن "قوات الأمن في العراق توفر الحماية للسكان المحليين من هجمات الإرهابيين إذ يعتقل رجال الشرطة والجيش الأشخاص الذين يثبت خطرهم على السكان فقط. وإذا تم توقيف بعض الأشخاص من أجل التحقيق، يتم إطلاق سراحهم على الفور دون أي تعذيب أو إهانة في حال ثبتت براءتهم".ولكن وفقاً لمحمد فإن الحقيقة مختلفة تماماً حيث ينحاز العديد من رجال الشرطة على أساس طائفي ويقومون بإهانة وإذلال المدنيين الذين ينتمون إلى طائفة مختلفة عنهم.
وقال محمد: "إذا لم يتم اعتقالهم يتم على الأقل إهانة العائلات من خلال استخدام الكلام البذيء والأعمال العنيفة أو حتى التحدث بفظاظة عن الزوجات بينما يجبر الرجال على قبول تلك الإهانات للحفاظ على حياتهم وحياة عائلاتهم".
المفقودون
وفقاً لخالد العاني، الناطق باسم جمعية حقوق الإنسان العراقية المحلية غير الحكومية، فإن عدد الأشخاص الذين اختفوا بعد اعتقالهم عند حواجز التفتيش في العاصمة قد ازداد بشكل ملحوظ منذ شباط/فبراير.
وقال العاني: "تطلب العديد من العائلات مساعدتنا في البحث عن أقاربهم بعد أن تم اعتقالهم عند نقاط التفتيش في العاصمة. وهناك الكثير من العائلات التي لا تعرف ما الذي حصل بالضبط، ولكنهم تلقوا معلومات تشير أن أقاربهم كانوا يعبرون من خلال حاجز تفتيش ثم اختفوا بعد ذلك".
الصورة: عفيف سرحان/إيرين ![]() |
تصر الحكومة العراقية أن رجال الشرطة والجيش الذين يحرسون حواجز التفتيش لا ينحازون على أساس طائفي |
وقالت وزارة حقوق الإنسان العراقية أنها نظرت في العديد من حالات العراقيين المفقودين نتيجة لتوقفهم عند حواجز التفتيش ولكن رجال الشرطة أبرزوا البراهين الكافية على براءتهم من حوادث الاختفاء.
وقد أدى انعدام العدالة في بغداد إلى شك العديد من السكان بالسلطات سواء كانوا من الجيش أو الشرطة أو موظفي الحكومة.
وقالت سميعة الدين، 43 عاماً، التي اعتقل زوجها وابنها في آذار/مارس: "تم اعتقال زوجي وابني عند حاجز تفتيش في منطقة الدورة. لقد اتهمهما المتمردون ولم يرجعا منذ ذلك الوقت. حاولت البحث عنهما ولكنني خائفة أن يلاقي أبنائي الآخرين المصير ذاته لذا فإنني أفضل البقاء في المنزل والبكاء على أمل أن يطرقا باب المنزل يوماً ما".
وأضافت قائلة: "يوثر العنف الطائفي في كل سكان ومناطق العراق ولم نعد ننعم بالأمان على الإطلاق. في السابق كنت أخشى الخروج بسبب التفجيرات ولكن حواجز التفتيش أصبحت الآن أكثر خطورة من أي خطر آخر في العراق".
"