يقول خبراء البيئة أن الدول التي تتصدي لقضية انعدام الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ يمكنها الاستفادة بصورة كبيرة من الحراجة الزراعية – بدمج الأشجار والنباتات الغضة في أنظمتهم الزراعية.
منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لديها تاريخ من انعدام الأمن الغذائي بسبب الأمطار الشحيحة وتدهور الأراضي وانخفاض خصوبة التربة والإدارة المتردية للموارد من بين عوامل أخرى.
وقال أتشيم شتاينر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في المؤتمر العالمي الثاني حول الحراجة الزراعية الذي عقد في نيروبي كيف يمكن لنا في عالم يفوق عدد سكانه ستة مليارات نسمة وسيرتفع العدد ليصل إلى ما يزيد عن تسعة مليارات أن نقوم بإطعام كل شخص بينما نؤمن في نفس الوقت خدمات النظام البيئي مثل الغابات والأراضي الرطبة التي تدعم الزراعة والحياة نفسها في المقام الأول؟"
وأضاف شتاينر "نستطيع تمكين الناس ليأخذوا بزمام المبادرة والبدء بالزراعة شجرة شجرة"، مضيفا "الأشجار هي واحدة من أكثر حلول الطبيعة العبقرية للعديد من مشكلاتنا".
الحراجة الزراعية تساعد على الإمداد بالأعلاف والفواكه والمكسرات وأيضا الأشجار والشجيرات التي تنتج اللبان والصمغ والأدوية القيمة.
وقال شتاينر أن الحراجة الزراعية قد تلعب العديد من الأدوار في المشهد الدولي الجديد الذي يركز على مكافأة الدول على خدماتها الطبيعية أو المعتمدة على الطبيعة.
"أولا هي تقدم الإمكانية لتعظيم الإنتاج الغذائي المستديم في المناطق المحيطة بالغابات الطبيعية بينما تقوم أيضا بتعزيز التنوع البيولوجي والبنية الأساسية الطبيعية الأخرى".
"ثانيا هي تقدم الفرصة لإنتاج الأخشاب وبالتالي توفر مصادر رزق بديلة لتلبية فجوة الإمداد المحتملة التي قد تظهر في ظل النظام المكتمل لتقليل الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها".
"ثالثاً يمكن لمناطق الحراجة الزراعية هذه الحفاظ على استمرار التدفقات المالية لتمويل الكربون (الدفع مقابل الانبعاثات الكربونية)".
تقليل الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها
تقليل الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها هي استراتيجية لمساعدة المجتمعات المحلية على المحافظة على الغابات بما في ذلك تمويل تلك الجهود من خلال الحكومات والآليات التي تعتمد على السوق مثل التبادل التجاري للكربون المخزن في الغابات مع الصناعات المسببة لانبعاث الغازات الدفيئة.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أهمية بعض أنواع الأشجار مثل البدع والسنط والأكاسيا البقولية. فطبقاً لدنيس جاريتي المدير العالم للمركز العالمي للحراجة الزراعية "تدخل أشجار البدع في طور الكمون في بداية موسم الأمطار حيث تقوم بإيداع كميات وفيرة من السماد العضوي على المحاصيل الغذائية لتوفير المواد المغذية وزيادة الغلة وذلك بشكل مجاني بالكامل"، مضيفا أن "تلك الأشجار هي مصانع للسماد في حقول المحاصيل الغذائية".
وأوراق وقرون أشجار البدع التي تتكيف مع نطاق واسع من أشكال المناخ والتربة المختلفة سواء كانت صحراوية أو استوائية رطبة توفر العلف في موسم الجفاف أيضا.
وقال جاريتي "الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء زاد من ألم الجوع لدى مئات الملايين من الأسر. والحلول الموحدة غير ناجحة. والسؤال هو ما الذي سنفعله نحن كعلماء حراجة زراعية حيال ذلك؟ ما الذي سنساهم به في إيجاد الحلول المستديمة؟"
وأضاف أنه مع تقلص الغابات "سيتعين تلبية الطلب المتزايد على منتجات الأشجار من مصادر تنمو في الحقول. وبصورة واضحة فإن علم الحراجة الزراعية لديه الكثير الذي يقدمه في التغلب على تحديات الأمن الغذائي في أفريقيا وأماكن أخرى في العالم".
الغطاء الشجري
![]() الصورة: ويكيميديا ![]() |
حقل ذرة: ملايين الأسر في أفريقيا تواجه الجوع |
وقد ذكر التقرير أن "الحراجة الزراعية- إذا تم تعريفها بغطاء شجري أكبر من 10 بالمائة على الأراضي الزراعية- فإن ذلك موجود على نطاق واسع على 46 بالمائة من المساحة الكلية للأراضي الزراعية في العالم وتؤثر على 30 بالمائة من سكان الريف".
وقال نمانجو نوجنجي رئيس التحالف من أجل ثورة خضراء في أفريقيا أن "75 بالمائة من الأراضي الزراعية في أفريقيا في حالة تدهور وأن إزالة الغابات تحدث بمعدل أربع أضعاف المتوسط العالمي وهو ما يدمر 1 بالمائة من غاباتنا كل عام".
وطبقا لدراسات أجراها المركز العالمي للحراجة الزراعية فإنه يمكن للحراجة وحدها إزالة 50 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي خلال الخمسين عاما القادمة وهو ما يلبي تحدي خفض حوالي ثلث إجمالي الكربون العالمي.
عوائد الكربون
أشار وانجاري ماثاي الحائز على جائزة نوبل إلى أن مزارعي الكفاف ربما يكونوا أكثر استعدادا للاستثمار في زراعة الأشجار إذا كان هناك ضمانات ببعض الدخل من برامج إعفاءات الكربون.
وقد قام برنامج الأمم المتحدة للبيئة مؤخرا بالبدء في مشروع للاستفادة من الكربون في أماكن تجمع مياه بحيرة فكتوريا وفي النيجر ونيجريا والصين. ويسعى المشروع إلى إيجاد طريقة موحدة وقياسية لتقييم كمية الكربون المخزن فعليا في الغطاء النباتي والتربة في ظل الأنظمة المختلفة لإدارة الأراضي.
وقد مثل هذا تحديا كبيرا لأصحاب الحيازات الصغيرة من الأفارقة الذين يسعون إلى الوصول إلى سوق الكربون. ومن المتوقع أن تظهر النتائج الأولية خلال 18 شهر.
وطبقا لشتاينر فإن الحوافز الاقتصادية مطلوبة لوقف إزالة الغابات وتدهورها. وأضاف شتاينر "إن إغلاق الغابات من أجل تأمين الكربون الموجود بها كما لو كانت مجوهرات ملكة أو إقامة ما يشبه سور برلين في عصرنا الحديث بين الغابات والناس هو بالتأكيد حماقة ولا يزيد عن كونه وصفة لكارثة محققه".
aw/js/am/mw/hk/kkh
"