حذر محللون سياسيون من إمكانية تعرض مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات في لبنان لأزمة اقتصادية بعد مقتل أكثر من 50 مدنياً في الاشتباكات العنيفة التي اندلعت الأحد بين الجيش اللبناني ومسلحين إسلاميين في مخيم نهر البارد بالقرب من مدينة طرابلس شمال البلاد.
وقد قامت دبابات تابعة للجيش اللبناني بفتح النار على مواقع داخل المخيم التي يسيطر عليها مسلحون من جماعة فتح الإسلام في أسوأ قتال تشهده مدينة طرابلس منذ عقدين من الزمان، بحسب المراقبين. ودفع تواجد الجماعة السنية التي تشبه إلى حد كبير تنظيم القاعدة، الجيش إلى إغلاق المداخل المؤدية إلى المخيم في وقت سابق من هذا العام، مما الحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد المحلي.
ويتوقع محللون أمنييون بأن يكثف الجيش اللبناني من تواجده في المناطق المحيطة بجميع المخيمات الفلسطينية التي تضم أكثر من 400,000 لاجئ فلسطيني، مما يزيد من القيود المفروضة على المداخل العامة ويلحق الأذى بالجو الاقتصادي والاجتماعي الهش أصلاً.
وقال تيمور جوكسيل، المتحدث السابق باسم قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة والمحلل الأمني ذو الخبرة الطويلة في لبنان لشبكة الأنباء الإنسانية إيرين" أن "الجيش اللبناني سيصاب بالصدمة جراء الحادثة لأنه لم يكن يعتبر نفسه في السابق هدفاً لأي اعتداء".
وأضاف قائلاً: "يلعب الجيش دوراً مهماً في الأمن الداخلي وعليه أن يحافظ الآن على مصداقيته. قد يفكر الجيش في وضع جميع المخيمات في لبنان تحت الحصار عينه مما قد يسبب معاناةً للفلسطينيين أنفسهم، وقد يحدث المزيد من سفك الدماء كذلك".
وضمن اتفاقية مع لبنان تعود إلى عقود من الزمن، تقع مسؤولية الحفاظ على الأمن داخل المخيمات على عاتق الفلسطينيين، وأغلبهم من حركة فتح أكبر الفصائل الفلسطينية في ومنافس علماني لجماعة فتح الإسلام الأقل شعبية.
سطو على بنك يفجر دوامة العنف
سرين أسير/إيرين |
أطفال فلسطينيون يلعبون في مخيم الراشدية، الذي يعيش سكانه تحت أوضاع معيشية صعبة. |
وقال شهود عيان أن مسلحين تابعين لحركة فتح الإسلام سيطروا فيما بعد على نقاط تفتيش تابعة للجيش اللبناني على مدخل مخيم نهر البارد واستولوا على ناقلتين مدرعتين. كما فتح المسلحون النار على الطرقات المؤدية إلى المدينة ونصبوا كميناً لإحدى الوحدات العسكرية التي كانت تعبر منطقة الكورة مما أدى إلى مقتل أربعة جنود.
كما تصاعدت كتل من الدخان من المخيم نتيجة لقصف المدفعيات والأسلحة الثقيلة المستمر لمواقع المسلحين. وقالت مصادر فلسطينية داخل المخيم أن اثني عشر مدنياً على الأقل جرحوا في القتال.
نحن على استعداد للاستمرار في القتال ضد الجيش اللبناني ونعلم بأن إخواننا في المخيمات الأخرى لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا استمر الوضع على ما هو عليه |
وأضاف طاهر: "إن الله يضعنا في تجربة وسنلبي النداء. نحن على استعداد للاستمرار في القتال ضد الجيش اللبناني ونعلم بأن إخواننا في المخيمات الأخرى لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا استمر الوضع على ما هو عليه".
وكان الوضع الأمني داخل وفي محيط المخيمات الفلسطينية الإثني عشر قد تراجع خلال الشهر الماضي حيث وقعت معارك ضارية بين الفصائل المتناحرة في مخيم عين الحلوة الأكبر والأقل تقيداً بالقانون والذي يقع بالقرب من مدينة صيدا.
وقال أبو رهيجه، صاحب أحد المحال التجارية في مخيم نهر البارد لشبكة الأنباء الإنسانية "إيرين": "نحن خائفون مما يجري ولا نريد هؤلاء الناس في مخيمنا. لا تسمح جماعة فتح الإسلام للجرحى والمدنيين بمغادرة المخيم وهم يستخدموننا كسترات واقية من الرصاص".
من جهة أخرى ناشد القادة في لبنان بضرورة التهدئة وشجبوا الأعمال التي تقوم بها جماعة فتح الإسلام. وطالب سعد الحريري، زعيم الأغلبية السنية في البرلمان الناس في طرابلس بالتعاون مع الجيش اللبناني. وقال في حديث للمؤسسة اللبنانية للإرسال "إل بي سي": "يعلم الجميع أن هؤلاء الإرهابيين مجرمون ولا صلة لهم بالإسلام".
كما قالت وزارة الداخلية السورية بأنها أغلقت منافذها الحدودية المؤدية إلى لبنان في كل من العريضة والدبوسية ريثما تستقر الأوضاع الأمنية."