أعلنت منظمة أطباء بلا حدود إنها لن تقبل تمويلاً من الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء فيه بعد الآن احتجاجاً على ما وصفته بـ "محاولات مستمرة لإبعاد الناس ومعاناتهم عن الشواطئ الأوروبية".
وتجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيسي لسخط منظمة أطباء بلا حدود هو اتفاق الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، الذي يوفر حوافز مالية وغير مالية لتركيا مقابل قبول عودة اللاجئين من اليونان. وقد نتج عن ذلك احتجاز أكثر من 8,000 مهاجر ولاجئ في الجزر اليونانية منذ أواخر مارس، ويواجه الكثيرون منهم خطر الترحيل إلى تركيا.
وكانت القشة الأخيرة بالنسبة للمنظمة غير الحكومية التي تقدم مساعدات طبية هي الكشف عن اقتراح جديد من قبل المفوضية الأوروبية في الأسبوع الماضي قد يؤدي إلى اتفاقات مماثلة مع دول أخرى في أفريقيا والشرق الأوسط.
وتحت عنوان "إطار شراكة الهجرة الجديد"، يمكن تقديم ما يصل الى 62 مليار يورو مقابل الاستفادة من الدعم لهدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في الحد من تدفقات الهجرة من 16 دولة منشأ وعبور، من بينها السودان والصومال وإريتريا.
ويشير اقتراح السياسة العامة إلى "الحوافز الإيجابية والسلبية" التي يجري دمجها في سياسة التنمية الخاصة بالاتحاد الأوروبي. وسوف تحصل الدول التي تتعاون في إدارة تدفقات الهجرة على مكافآت، في حين ستواجه الدول التي ترفض التعاون "عواقب".
وعلى الرغم من أن هذا الاقتراح لم يتم تبنيه حتى الآن، فقد ظهرت تقارير في الشهر الماضي تفيد بأن السودان بدأ بالفعل اتخاذ إجراءات صارمة ضد اللاجئين الإريتريين الذين يعيشون في البلاد أو يمرون خلالها. وتفيد التقارير الواردة أيضاً أن إريتريا قد شددت الرقابة على حدودها مع السودان.
"مرة أخرى، لا ينصب التركيز الرئيسي في أوروبا على مدى نجاح حماية الناس، بل على مدى كفاءة إبعادهم،" كما قال جيروم أوبيريه، أمين عام منظمة أطباء بلا حدود الدولية، في بيان صدر الجمعة.
وأشار البيان إلى أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا قد يشكل سابقة خطيرة في بلدان أخرى تستضيف اللاجئين. ففي الشهر الماضي، على سبيل المثال، أشارت الحكومة الكينية إلى الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا كجزء من مبرراتها لاتخاذ قرار بإغلاق مجمع داداب لمخيمات اللاجئين وإعادة 350,000 صومالي إلى وطنهم.
وأضاف أوبيريه أن "سياسات الردع التي يتم ترويجها بين الناس على أنها حلول إنسانية تؤدي فقط إلى تفاقم معاناة المحتاجين. ولن تقبل منظمة أطباء بلا حدود تمويلاً من المؤسسات والحكومات التي تتسبب سياساتها في إلحاق الكثير من الأذى والضرر".
وعلى الرغم من أن غالبية تمويل منظمة أطباء بلا حدود يأتي من جهات مانحة خاصة، فإنها قد تلقت 19 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي و37 مليون يورو من الدول الأعضاء في عام 2015.
والجدير بالذكر أن هذه ليست المناسبة الوحيدة التي أحدثت فيها منظمة أطباء بلا حدود ضجة كبيرة كنوع من الاحتجاج في الأونة الأخيرة؛ فقد انسحبت من القمة العالمية للعمل الإنساني التي عُقدت الشهر الماضي في اللحظة الأخيرة، مشيرة الى مخاوف من أن القمة لم تركز على إصلاح وتحسين الاستجابة لحالات الطوارئ بالقدر الكافي.