لا يعني الشتاء درجات حرارة التجمد فقط بالنسبة للاجئين السوريين في لبنان والبالغ عددهم نحو 120,000 لاجئ مسجل، ولكنه يعني أيضاً وظائف أقل، خاصة في المناطق الريفية.
وقال جعفر* البالغ من العمر 23 عاماً الذي لجأ هو وزوجته وأطفاله الثلاثة إلى منطقة تقع بالقرب من زحلة في سهل البقاع: في أكتوبر استطعت العمل لمدة خمسة أيام. لكنني عملت يوماً واحداً فقط الشهر الماضي". وكان جعفر قد فر وأسرته من دمشق منذ أربعة أشهر.
وفي شهر أكتوبر، تمكن 20 بالمائة فقط من أسر اللاجئين من الحصول على عمل، طبقاً للبحث الذي قامت به لجنة الإنقاذ الدولية وهيئة إنقاذ الطفولة وقامت بنشرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وأفاد التقرير أن فرص العمل الحر قد انخفضت بمعدل النصف في الشتاء.
ويتم السماح لجميع السوريين بالعمل خلال الستة أشهر التي تلي دخولهم إلى لبنان بصورة قانونية. لكنهم لا يحصلون على مساعدات الرعاية الاجتماعية التي تتطلب تصريح عمل رسمي تصل تكلفته السنوية 10,000 دولار.
ويمكن للاجئين السوريين المسجلين العيش والعمل في لبنان إلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من أنه من الناحية النظرية يحتاج اللاجئون السوريون إلى دفع رسوم مقابل تصريح العمل للحصول على الضمان الاجتماعي، إلا أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تتفاوض حالياً مع الحكومة اللبنانية لتخفيض تلك الرسوم.
وقبل هذه الأزمة كان نحو 300,000 سوري يعيشون في لبنان حيث هاجر العديد منهم للعمل الموسمي في مجال الزراعة.
ومنذ بداية الأزمة ازداد عدد السوريين حيث تم تسجيل 120,000 لاجئ سوري في لبنان بالإضافة إلى 40,000 لاجئ إضافي على اتصال بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في انتظار أن يتم تسجيلهم.
وطبقاً لما ذكرته هيئة كاريتاس الكاثوليكية الخيرية، قد يكون العدد الحقيقي لهؤلاء الذين فروا من الأزمة ضعف عدد اللاجئين الرسميين حيث ذكرت الهيئة أن العديد منهم يقولون أنهم يخشون التعرض للاضطهاد إذا قاموا بتسجيل اسمائهم.
الفرار من الأزمة والبحث عن عمل
فر وائل* البالغ من العمر 24 عاماً من دمشق بسبب الأزمة بالرغم من أنه قال أنه لم يسجل نفسه كلاجئ لأنه يخشى من أن يعرضه ذلك للخطر بعدما فر من الخدمة العسكرية في سوريا. ويعمل وائل حالياً في إصلاح السيارات في كراج في منطقة مار ميخائيل، وهي مركز صناعي في شرق بيروت، لكن عمله متقطع ولا يحصل منه على أكثر من 100 دولار شهرياً.
ويقوم الباحثون عن عمل في الكثير من الأحيان بالانتقال إلى المدن وخاصة مع بداية فصل الشتاء.
وقال توفيق* البالغ من العمر 31 عاماً من طرطوس وهو الآن لاجئ في العاصمة اللبنانية بيروت: "أعمل كهربائياً مقابل 200 دولار شهرياً على الرغم من حصولي على درجة جامعية في العلوم البيطرية". وكان توفيق يمارس الطب البيطري في عيادة خاصة في سوريا وهو محظوظ بحصوله على عمل في لبنان في الوقت الذي ما يزال فيه العديد من أصدقائه اللاجئين عاطلين عن العمل.
ويعمل بعض اللاجئين مقابل أجر عيني، حيث يقوم علي* البالغ من العمر 25 عاماً من حمص بتنظيف منطقة الاستقبال والسلالم في أحد الأبنية في منطقة الضاحية الشيعية كل يوم. وفي مقابل ذلك، يعيش على سطح تلك البناية كنوع من السكن ولكن ينقصه الأثاث والنوافذ والكهرباء والمياه الجارية.
وقد وجد العديد من اللاجئين السوريين فرص عمل في جنوب لبنان من خلال العمل في مواقع الإنشاءات والبناء.
وقال أحد العاملين في المجال الإنساني لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في صور: "حتى مع بعض العمل يعتمد معظم اللاجئين على المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي لإطعام أسرهم". ويحصل كل لاجئ مسجل على قسيمة بمبلغ 30 دولاراً شهرياً لشراء السلع الأساسية من المتاجر المحلية.
ويقول تقرير لجنة الإنقاذ الدولية/منظمة إنقاذ الطفولة أن البطالة تدفع الأسر السورية إلى إرسال أبنائها إلى العمل- وأيضاً الحصول على قرض بضمان جوازات سفرهم أو أوراق الهوية.
التوترات الناشئة
ويضع تدفق اللاجئين ضغوطاً على لبنان الذي يكافح بالفعل لتوفير فرص التوظيف والإسكان للمواطنين اللبنانيين. وتقدر بطالة الشباب عموماً في البلاد بنحو 19 بالمائة في حين أن أكثر من ثلثي الحاصلين على وظائف يعملون في القطاع غير الرسمي.
وقال شومبي شارب، نائب الممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في لبنان أنه "بسبب وجود عدد كبير من السوريين في لبنان الآن، يواجه اللبنانيون أنفسهم صعوبة أكبر في الحصول على عمل. وقد علمنا بحالات لنقابات لبنانية في البقاع تطلب من رؤساء المدن عدم السماح للسوريين بفتح أعمال ومشاريع هنا".
ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه على دراية بالتوترات الناشئة في المجتمع حيث يدعم البرنامج مشاريع لمنع نشوب الصراعات والتدريب على التعامل مع النزاعات.
وقال شارب: "لو كنت قلقاً بشأن اللاجئين فعليك أن تقلق أيضاً على المجتمع اللبناني المضيف".
* ليس اسماً حقيقياً
cm/jj/cb-hk/
"