بينما يتضح أن الطقس الشتوي وتشديد الرقابة على الحدود لن يكون كافياً لردع المهاجرين واللاجئين عن محاولة الوصول إلى أوروبا، توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بقيمة 3 مليارات يورو مع تركيا يهدف إلى وقف التدفق إلى حد كبير و"بأثر فوري".
ويعني هذا الاتفاق، الذي وُضعت لمساته الأخيرة خلال مؤتمر قمة في بروكسل يوم الأحد الماضي، أن خطة العمل المشتركة التي رُسمت في شهر أكتوبر سوف تمضي قدماً الآن، على الرغم من انتقادات المدافعين عن حقوق الإنسان وخبراء الهجرة الذين يعتبرون الاتفاق "قصير النظر"، ويقولون أنه يطرح أسئلة أكثر من تلك التي يجيب عليها.
انظر: صفقة الاتحاد الأوروبي مع تركيا لحل مشكلة اللاجئين
وحتى الأسبوع الماضي، كان ما بين 3,000 و5,000 مهاجر ما زالوا يصلون إلى اليونان كل يوم، بعد الانطلاق في زوارق المهربين من الساحل التركي. واستخدم أكثر من 110,000 مهاجر الطريق البحري الغادر على نحو متزايد بين تركيا واليونان في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر نوفمبر، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.
ويشير البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي في نهاية القمة يوم الأحد الماضي إلى أن تركيا ستكون مطالبة بمنع المهاجرين من السفر إلى أوروبا، مقابل العديد من الحوافز: "مبلغ مبدئي" مقداره 3 مليارات يورو للمساعدة في دعم 2.2 مليون لاجئ سوري تستضيفهم؛ وتخفيف القيود على تأشيرات دخول الأتراك؛ واستئناف المحادثات حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ولكن ما لم يوضحه البيان هو كيف من المفترض أن تفي تركيا بالتزاماتها بموجب هذه الصفقة، عدا شن حملة أمنية على شبكات التهريب.
من جانبه، وجه رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تسك، الذي ترأس القمة، إشارة غامضة إلى "تغيير قواعد اللعبة عندما يتعلق الأمر بوقف تدفق الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي عبر تركيا"، مؤكداً بالقول: "إننا لا نتوقع من أي شخص أن يحرس حدودنا نيابة عنّا".
وقد اختص البيان "المهاجرين الذين ليسوا بحاجة إلى حماية دولية" مؤكداً أنهم هم من سيتم اعتراضهم وإعادتهم بسرعة إلى بلدانهم الأصلية، ولكنه لم يوضح طريقة تنفيذ هذا القرار أو الجهة التي ستنفذه.
وتجدر الإشارة إلى أن حوالي 92 بالمائة من المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان في الوقت الحالي يأتون من سوريا وأفغانستان والعراق، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
من ناحية أخرى، تخشى جماعات حقوق الإنسان أن يؤدي الاتفاق ليس فقط إلى مزيد من إعادة القوارب، ولكن أيضاً إلى مزيد من إعادة السوريين الذين يحاولون الوصول إلى بر الأمان في تركيا. ففي الأسبوع الماضي، أبرزت منظمة هيومن رايتس ووتش حقيقة أن تركيا قد أغلقت تقريباً حدودها مع سوريا، مما اضطر اللاجئين إلى الاعتماد على المهربين للدخول إلى البلاد.
وفي إشارة إلى الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، قال جيري سيمبسون، أحد كبار الباحثين في شؤون اللاجئين في منظمة هيومن رايتس ووتش أنه "يخاطر بتشجيع تركيا على إعادة أعداد أكبر من طالبي اللجوء السوريين بطريقة غير مشروعة، وقد يؤجج انتهاكات الشرطة لمنع اللاجئين من الوصول إلى اليونان وبلغاريا".
وأضاف في حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن إعادة فتح الحدود التركية أمام طالبي اللجوء السوريين ينبغي أن يكون أحد الشروط المفروضة على تركيا مقابل الحصول على أموال من الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، "يجب أن تساعد أوروبا هذه المنطقة على مواجهة أعداد اللاجئين عن طريق السماح للناس بطلب اللجوء على الحدود البرية بين تركيا واليونان وبلغاريا وزيادة عدد اللاجئين السوريين الذين يُعاد توطينهم من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي".
وعلقت ريبيكا براينت، عالمة الأنثروبولوجيا في كلية لندن للاقتصاد وخبيرة النزوح في شرق البحر المتوسط، على ذلك قائلة أنه في حين أن جوانب الخطة النهائية كانت إيجابية، مثل مساعدة اللاجئين في تركيا على تحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي، ومبادرات تمويل تعليم أطفال اللاجئين ودعم المجتمعات المضيفة، إلا أن تنفيذها سيستغرق وقتاً طويلاً. وفي هذه الأثناء، سوف تتعرض تركيا لضغط لنشر المزيد من القوات على الفور لحماية سواحلها وتضييق الخناق على المهربين. ولكن الفارق الزمني بين منع اللاجئين من السفر بالقوارب إلى أوروبا وتوفير الحوافز اللازمة لهم للبقاء في تركيا يمكن أن يكون خطيراً.
وأخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "احتواء الناس من دون أن نقدم لهم بدائل يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار".
"هناك قصر نظر مستمر في هذه الرؤية لكيفية التعامل مع هذه الأزمة التي لم يتم التغلب عليها،" كما أضافت، موضحة أن بيان القمة يشير مراراً إلى "السوريين الذين يتمتعون بحماية مؤقتة" في تركيا.
"إن استمرار الإشارة إليهم بهذه الطريقة يبدو قصير النظر لأن معظم الدراسات تُظهر أنه من غير المرجح أن يعودوا إلى وطنهم في وقت قريب ... وبالتالي، علينا حقاً أن نتحدث عن الإدماج،" كما أكدت.
ks/ag-ais/dvh