تتسابق السلطات ومنظمات الإغاثة الدولية والمجتمعات المحلية في ميانمار لإصلاح المدارس التي تعرضت للتدمير بسبب الإعصار الذي ضرب البلاد يومي 2 و3 مايو/أيار تمهيداً لعودة الأطفال إلى مقاعد الدراسة مع بداية الشهر المقبل.
ويُنظر لهذا التحرك على أنه أمر مهم لاستعادة هؤلاء الأطفال لحياتهم الطبيعية، حيث قال جاي شيز، نائب المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة" في ميانمار: "التعليم هو جزء فقط من هدف [التعجيل في] افتتاح المدارس من جديد فنحن نريد أن يعود الأطفال إلى روتين حياتهم – بمعنى أننا نريدهم أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية بأسرع وقت ممكن لمساعدتهم على تخطي ما حدث لهم خلال الأسابيع القليلة الماضية".
ووفقاً للسلطات التعليمية في ميانمار، تعرضت أكثر من 4,000 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية للتدمير بسبب الإعصار بعد أن كانت تستقبل في السابق ما يقارب الـ 1.1 مليون طفل.
وعلى مستوى الدولة افتتحت معظم المدارس في ميانمار أبوابها يوم 2 يونيو/حزيران بعد انقضاء العطلة الصيفية.
ولكن تم تأجيل الافتتاح الرسمي للمدارس في منطقة دلتا إيراوادي وضواحي مدينة يانغون لمدة شهر بعد أن تعرضت المدارس لتدمير كبير، على الرغم من أن السلطات المحلية في بعض البلدات الكبيرة التابعة للدلتا حاولت افتتاح مدارسها قبل ذلك.
وتعمل منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) ومنظمة إنقاذ الطفولة حالياً مع المجموعات البوذية والمسيحية لتنسيق إصلاح المدارس أو توفير "أماكن آمنة للتدريس" وتأمين المستلزمات التعليمية وتدريب المدرسين على التعامل مع الأطفال المصابين بالصدمة بهدف الدفع بعجلة التعليم من جديد في المناطق المنكوبة.
وقد انتقدت بعض مجموعات الإغاثة والمعارضون البورميون حملة إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة بهذه السرعة في وسط استمرار عمليات الإغاثة.
ولكن مايكل بوكيوركي، المتحدث باسم اليونسيف قال أن التجارب المستقاة من التسونامي وزلزال باكستان تشير إلى أنه "لا توجد طريقة أفضل لمساعدة العائلات والأطفال من إعادة الأطفال إلى صفوفهم".
وأضاف أنه إلى جانب توفير متنفس للأطفال وفرصة للتعافي، فإن العودة إلى المدارس "تمنح أولياء الأمور مجالاً للتركيز على إعادة بناء حياتهم من جديد" دون أن يقلقوا على أماكن تواجد أبنائهم.
كما تحدث شيز عن المخاوف من أن يؤدي التأخر في انخراط الأطفال في مدارسهم بسرعة إلى عدم التحاقهم بها البتة.
مخاوف من المزيد من التسرب المدرسي
وحتى قبل أن يضرب إعصار نرجس البلاد كانت ميانمار تعاني من معدلات عالية من التسرب المدرسي في المرحلة الابتدائية حيث كان معظم الأطفال يتركون مدارسهم قبل أن يكملوا خمس سنوات من الدراسة وذلك لأسباب تتعلق بالفقر والضغوطات التي تحتم على الصغار مساعدة ذويهم.
وقال شيز: "كلما كانت عودة الأطفال إلى المدارس أسرع، كلما قلت فرص تسربهم...فالمتسربون يشكلون مشكلة كبيرة في المجتمع بطبيعة الحال حتى في أحسن الأوقات. والبلاد تمر الآن في حالة طوارئ ونحن نعلم بالاستناد إلى الأبحاث أنه كلما طالت الفترة التي يقضيها الطفل خارج المدرسة، قلت معها فرصة عودته إليها مرة أخرى".
وتبقى إعادة الصغار الناجين من إعصار نرجس - الذي ترك أكثر من 133,000 شخص بين قتيل ومفقود - إلى مدارسهم مهمة لوجستية كبيرة بالنظر إلى حجم الدمار الذي تعرضت له البنى التعليمية في منطقة الدلتا.
وقال بوكيوركي: "إنها بالفعل كارثة ألمت بالأطفال بالنظر إلى حجم الدمار الذي طال البنى التحتية التي تخدمهم – ونحن نتحدث هنا عن المدارس والعيادات الصحية والمناطق المخصصة للعب".
دمار البنى التحتية التعليمية
وكانت أكثر من 4,000 مدرسة قد تأثرت بالإعصار، من بينها 1,200 مدرسة دمرت بالكامل ولحقت أضرار فادحة بـ800 مدرسة أخرى بينما فقدت 2,000 مدرسة أسقفها بسبب الرياح العاتية.
وتعمل منظمات الإغاثة حالياً على توريد 200,000 سقف جاهز ونصب الخيام الكبيرة أو بناء المآوي البسيطة من مواد متوفرة محلياً مثل البامبو وأشجار النخيل في المناطق التي تعرضت لدمار أكبر لتوفير "أماكن آمنة للتدريس". كما تعمل هذه المنظمات على تأمين المستلزمات التدريسية للطلبة والمدرسين.
وفي الوقت نفسه يبقى من غير الواضح كم من المدرسين تمكنوا من النجاة من هذه الكارثة وكم منهم قادر على العودة إلى العمل وكم من الأطفال بقي على قيد الحياة للالتحاق بالمدرسة.
وعن ذلك قال كاز دي جونغ، الخبير في مجال الإصابة بالصدمة في منظمة "أطباء بلا حدود" أنه قابل معلماً في إحدى المناطق النائية وأخبره هذا الأخير أنه خلال محاولته لتسجيل الطلاب في إحدى المدارس وجد أن 70 طالباً فقط من أصل 200 الذين كانوا يرتادون هذه المدرسة تمكنوا من النجاة.
كما أفادت المنظمات أنها بدأت التخطيط لتدريب المعلمين أو المتطوعين الذين يمكنهم تولي التدريس لفترة مؤقتة على كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بالصدمة.
وقال شيز: "نحن نخطط لتدريب المعلمين حول مواضيع نفسية واجتماعية وكيفية مباشرة التدريس في ظروف يعاني فيها الطلاب من الصدمة".
"