كان أبو بكر حسين، 40 عاماً، واحداً من 100 إفريقي عبروا خليج عدن على متن قارب ووصلوا إلى اليمن في 8 أكتوبر/تشرين الأول. وقد دفع كل منهم 60 دولاراً للمهربين لقاء إشراكهم في هذه الرحلة التي وصفوها بأنها جد مروعة. ولكن سرعان ما وجد حسين بأن الظروف التي يعيش فيها في اليمن أكثر صعوبة، ويزيدها سوءاً الألم الشديد الذي بدأ يشعر به في عينه اليسرى بعد وصوله إلى اليمن، فهو لا يعلم إلى أين يذهب لمعالجتها ولا يملك المال لشراء الدواء.
ويقول حسين بأنه يعيش تحت الأشجار ولا يستطيع الحصول على ما يسد به رمقه نظراً لافتقاره لأي نوع من أنواع الدخل أو المساعدات، ويضيف قائلاً: إنني أشعر مثل الغريب في هذا البلد. فأنا لا أستطيع البحث عن عمل ولا طلب المساعدة من المواطنين لأنني لا أتكلم العربية".
ويعتبر حسين واحداً من آلاف الصوماليين الذين وصلوا إلى شواطئ اليمن خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول. وبعض هؤلاء، شأنهم شأن حسين، بحثوا عن المأوى في حي البساتين الفقير بمدينة عدن الساحلية، في حين تمكن البعض الآخر من الانضمام إلى مخيم الخرز للاجئين، الواقع على بعد 150 كلم من عدن، والذي تشرف عليه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأخبر محمد ديريا، كبير اللاجئين الصوماليين في البساتين، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن المنطقة تأوي أكثر من 16,000 لاجئ صومالي، وبأن حوالي 3000 لاجئ ممن وصلوا حديثاً يسكنون في العراء بالقرب من الأكواخ التي تؤلف الحي.
مخاطر صحية
وأوضح ديريا قائلاً: "إنهم يمكثون في العراء بدون خيام ولا أغطية. ويعيشون في ظروف قاسية ومعظمهم عاطلون عن العمل. كما أنهم لم يحصلوا على أية مساعدة من المؤسسات الخيرية"، وأضاف أن عدد الصوماليين المسجلين رسمياً مع مفوضية اللاجئين غير معروف.
ويحصل الصوماليون الواصلون إلى اليمن على صفة اللجوء لأن معظمهم هاربون من النزاعات العنيفة التي تمزق مناطقهم، بالرغم من أنهم لا يقومون جميعاً بطلب الحصول على صفة اللجوء. ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين في اليمن حالياً أكثر من 90,000 لاجئ، الغالبية العظمى منهم صوماليون.
وتوجد الأرض التي ينام عليها الوافدون الجدد وسط أكوام من النفايات. وينام البعض منهم على صفائح من الكرتون بينما تنام الغالبية العظمى على الأرض. كما أنهم يشربون من بئر صغير يعود لمواطن من عدن، مياهه ليست نظيفة وفقاً لديريا الذي قال أيضاً بأنهم عرضة للإصابة بالملاريا.
الصورة: محمد الجبري/إيرين |
يواجه حوالي 3,000 لاجئ صومالي من القادمين الجدد مخاطر صحية وهم يعيشون في العراء وبين النفايات في حي البساتين |
وأوضح ديريا بأن الأسر حديثة الوصول تضطر للنوم في العراء لعدم قدرتها على دفع مبلغ 3,000 ريال يمني (15 دولار) في الشهر الذي يستوجبه إيجار غرفة صغيرة في الجوار، مضيفاً بأن الرجال هم في الغالب من ينامون في العراء لأن الأسر الصومالية الموجودة من قبل في الجوار تستضيف القادمين الجدد من النساء والأطفال.
"الوضع أسوأ من قبل"
كما أوضح ديريا بأن العديد من الوافدين الجدد قدموا من مخيم خرز للاجئين على أمل الحصول على حياة أفضل. "ولكنهم وجدوا أنفسهم في وضع أسوأ بكثير مما كان يعيشون فيه من قبل".
وأحد هؤلاء هو علي شيرار الذي يعاني من مشاكل نفسية بعد أن قام المهربون بطعنه بسكين في كتفه يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول. ولم يعد علي قادراً على الكلام كما يخشى أخوه، طاهر البالغ من العمر 15 عاماً، من أنه قد أصبح أخرساً. ويقول طاهر: "لقد كان يتحرك على متن المركب فقام المهربون بطعنه. لا أعلم ماذا يمكنني أن أفعل له. إننا يائسون".
الصورة: محمد الجبري/إيرين |
أحد الصوماليين من القادمين الجدد ينام تحت شجرة في حي البساتين |
ارتفاع نسبة الوفيات
وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 16 أكتوبر/تشرين الأول عن قلقها حيال تزايد عدد زوارق التهريب التي تصل إلى السواحل اليمنية، إذ قالت الناطقة باسم المفوضية، جنيفر باغونيس، بأنه "تم تسجيل وصول أكثر من 38 زورقاً (أي ما يعادل 3 زوارق في اليوم) إلى ساحل اليمن خلال أول 13 يوماً من شهر أكتوبر/تشرين الأول. وكانت هذه الزوارق محملة بحوالي 3,800 شخصاً". وأضافت أن 38 شخصاً لقوا حتفهم في حين لا يزال 134 آخرين في عداد المفقودين.
الصورة: محمد الجبري/إيرين |
أحد الصوماليين من القادمين الجدد يشرب الماء من بئر يعود لأحد المواطنين في مدينة عدن |
وفي شهر سبتمبر/أيلول، وصل إلى اليمن 59 زورقاً محملاً بحوالي 5,808 شخص، لقي 99 منهم حتفهم وبقي 141 في عداد المفقودين، كما أعلنت المفوضية.
وخلال هذه السنة، عبر ما مجموعه 18,757 شخص خليج عدن بالزوارق، توفي منهم حوالي 404 في الطريق في حين يعتبر 393 في عداد المفقودين وفقاً للمفوضية.
"