1. الرئيسية
  2. Europe

تعديلات في أحكام اللجوء إلى أوروبا

A boat carrying sub-Saharan African migrant workers arrives in Lampedusa from Tripoli. Thousands of migrants have made the perilous journey Kate Thomas/IRIN

أراد عماد سعيد* وعائلته الهروب من الصراع في سوريا بأي شكل من الأشكال لكنهم كانوا مترددين بشأن انتظار نهاية الحرب في مخيم مغبر للاجئين في الأردن، فقرروا دفع مبلغ من المال لبعض المهربين للانتقال إلى أوروبا. كانت العائلة تأمل في الوصول إلى الأقارب في ألمانيا أو السويد لكن المهربين لم يضمنوا لها سوى الوصول إلى أوروبا، والبلد الذي جرفت الأمواج قاربها الصغير إليه كان اليونان.

ولسوء حظ سعيد، يعد اليونان أحد أقل البلدان اعترافاً باللاجئين في أوروبا، ويتم فيه احتجاز طالبي اللجوء لفترات قد تصل إلى ستة أشهر بينما يتم النظر في طلباتهم. أما معدلات الاعتراف باللاجئين في ألمانيا والسويد فهي أكبر من ذلك، ولكن حتى وقت قريب، كان كل من تقدم بطلب لجوء إلى اليونان معرض لخطر نقله إلى بلاده إذا حاول تقديم طلب لجوء ثانٍ في دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي.

ولم تتمكن أي منطقة في العالم من التعامل مع طالبي اللجوء بطريقة ملائمة. وحتى البلدان التي وقعت على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 تقوم بتنفيذها وتفسيرها بطرق مختلفة جداً. وتبقى النتيجة بالنسبة لطالبي اللجوء عبارةً عن يانصيب يعتمد على المكان الذي قدموا فيه طلب اللجوء. فبينما قد يتم احتجازهم في أحد البلدان لمدة أشهر عدة إلى حين تتم معالجة طلب لجوئهم، قد يقوم بلد آخر بالاعتراف بهم على أنهم لاجئون ويمنحهم حق العمل أو الدراسة أثناء النظر في طلب اللجوء الخاص بهم.

ولم تتم مناقشة هذه التناقضات في أي من بلدان العالم أكثر من أوروبا، حيث اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على مبدأ نظام اللجوء الأوروبي المشترك منذ أكثر من عقد من الزمن وحددت موعداً نهائياً لتنفيذ هذا النظام بحلول عام 2012، لكن معايير ظروف استقبال طالبي اللجوء ومنحهم صفة "لاجئين" لا تزال تختلف بشكل كبير من بلد إلى آخر.

وكان الشرط الأساسي لإنشاء نظام لجوء مشترك يقوم على اعتماد الاتحاد الأوروبي لأحكام اتفاقية دبلن في العام 2003. وبهدف تثبيط طالبي اللجوء من تقديم طلبات متعددة في دول مختلفة، أنشأ الاتحاد الأوروبي تسلسلاً هرمياً للمعايير التي تحدد الدول الأعضاء التي ينبغي أن تكون مسؤولة عن معالجة طلبات اللجوء. ورغم أن وحدة الأسرة والاعتبارات الإنسانية هي من بين المعايير التي ينبغي أن تأخذها الدول في عين الاعتبار، كان مبدأ "بلد الدخول الأول" هو الأكثر استخداماً من الناحية العملية، مما أدى إلى نقل الآلاف من طالبي اللجوء من دول مثل ألمانيا والسويد إلى دول "خط المواجهة " مثل اليونان وإيطاليا وبولندا.

نظام معيب

وقد تم التوقف عن نقل اللاجئين إلى اليونان إلى حد كبير نتيجةً لحكمين صدرا عن محكمة العدل الأوروبية في عام 2011، ووجدا أن طالبي اللجوء الذين تتم إعادتهم إلى اليونان قد يواجهون معاملة لاإنسانية أو مهينة، إلى حد كبير بسبب أوضاع الاعتقال السيئة في البلاد. لكن ما يزال طالبو اللجوء ينقلون إلى البلدان الأخرى المشكوك في سجلات اعتقال طالبي اللجوء لديها مثل المجر وإيطاليا ومالطا.

كما تم انتقاد أحكام اتفاقية دبلن على نطاق واسع لكونها مبنية على نظام اللجوء الأوروبي المشترك الذي لا يتجاوز مجموعة من المعايير الدنيا لظروف الاستقبال وإجراءات اللجوء وتحديد اللاجئين، علماً أنه يصعب للغاية تطبيق تلك المعايير. ففي حين رفضت فرنسا مثلاً 84 بالمائة من طلبات اللجوء في الربع الثاني من عام 2012، رفضت ألمانيا 52 بالمائة منها فقط، وذلك وفقاً لإحصاءات الاتحاد الأوروبي. وخلال الفترة الزمنية نفسها، حظي المواطنون الروس بفرصة كسب صفة لجوء في فرنسا أكثر منها في بلجيكا.

وفي هذا الإطار، علّقت آنا فونتال من المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، قائلةً: "يستند هذا النظام على افتراض غير صحيح، وهو أن جميع البلدان تحترم بالتساوي حقوق طالبي اللجوء". وتجدر الإشارة هنا إلى أن المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين هو تحالف من المنظمات غير الحكومية التي تساعد اللاجئين، ومقره بروكسل.

وقال تقرير صادر عن الدائرة اليسوعية للاّجئين في ديسمبر 2011 أن اتفاقية دبلن تعاقب ملتمسي اللجوء على طلب الحماية في أوروبا وتشجعهم على التحايل على النظام من خلال الاستفادة من المهربين من أجل الدخول بطريقة غير شرعية إلى بلدان يتمتعون فيها بفرصة أكبر للحصول على اللجوء. كذلك، فإن اتفاقية دبلن لا تضمن نهائياً توزيع عبء التعامل مع طالبي اللجوء بشكل متساوٍ. وقد أشارت سيسيليا مالمستروم، مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، إلى أن تقديم معظم طلبات اللجوء يتم في عدد قليل من الدول الأعضاء وأنه على نظام لجوء مشترك أن يشمل آليات لإعادة التوازن بين المسؤوليات بشكل متساوٍ.

مع ذلك، أشارت إميلي وينبلاد، مسؤولة وضع السياسات في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن أحكام دبلن لم تكن تهدف إلى ضمان التوزيع العادل لطالبي اللجوء بين الدول. وقد تساءلت ما إذا كان بإمكان أية أداة إنجاز ذلك وما إذا كان هذا هو الهدف الأكثر أهمية. وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "من وجهة النظر القانونية، يبقى الشرط الأهم أن يحصل على الحماية كل من يحتاج إليها. وسيعتمد توزيع المسؤوليات بشكل أكثر إنصافاً على التضامن [بين الدول]"

تعديلات في أحكام دبلن

وفي شهر سبتمبر من هذا العام، وافقت لجنة الحريات المدنية للبرلمان الأوروبي على نص عدد من التعديلات التي ستجرى على أحكام دبلن. ومن المتوقع أن تخضع هذه التعديلات للتصويت النهائي في ديسمبر أو يناير. وفي حال تم إقرارها، سيكون على الدول الأعضاء بموجبها أن تلتزم بتزويد طالبي اللجوء بالمزيد من المعلومات حول حقوقهم والمساعدة القانونية المجانية في حال قرروا استئناف قرار النقل. كما تحدد التعديلات الأسباب الواضحة التي تدفع إلى احتجاز طالب اللجوء، وظروف ومدة احتجازه، علماً أنها لا تستثني احتجاز القاصرين غير المصحوبين.

وتماشياً مع أحكام العام الماضي للمحكمة على اليونان، فإن الأحكام المعدلة قد توقف نقل طالبي اللجوء إلى البلدان التي تواجه إجراءات اللجوء فيها عيوباً منهجية قد تؤدي إلى معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة. ويتضمّن النص أيضاً أحكاماً لنظام إنذار مبكر بهدف تحديد العيوب والاختلالات في النظام الوطني للجوء قبل الوصول إلى مرحلة الأزمة، رغم أن طريقة عمل هذه الآلية ما تزال غير واضحة.

ولم تتغير إلى حد كبير معايير تحديد الدولة المسؤولة عن معالجة طلبات اللجوء رغم توسيع تعريف جمع شمل الأسرة قليلاً. وقد حذرت سيلفي غيّوم، وهي من أعضاء برلمان الاتحاد الأوروبي ومقررة بشأن تنقيح أحكام دبلن، من أن الأحكام المعدلة ما زالت ستترك "للدول الأعضاء الكثير من المجال للتأويل"، مؤكدةً أن النظام الجديد للإنذار المبكر قد لا يكون مناسباً بالنسبة إلى التحدي المتمثل في خلق "نظام فعال لتقاسم المسؤولية وتعزيز التضامن بين الدول الأعضاء".

"النظام يحتاج إلى تغيير"

وتشعر فونتال من المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين أيضاً بأن التغييرات لا تطال مجالات كافية. وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن سعداء بإدخال بعض التحسينات، لكن على المدى الطويل يجب تغيير النظام". وأوضحت أنه على الخطوة الأولى أن تشمل تعزيز أنظمة اللجوء وظروف الاستقبال على المستوى الوطني. والتمويل لهذه الجهود متوفّر من خلال الصندوق الأوروبي للاجئين في حين يمكن لمكتب اللجوء الأوروبي تقديم المساعدة في التدريب على تحديد صفة اللاجئ.

وأضافت قائلة: "نحن في المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين نود أن نرى نظاماً يعطي مزيداً من الاعتبار للأشخاص الذين قد يعرفهم طالبو اللجوء في بلد معين من خلال الأسرة أو المجتمع والذين يمكن أن يقوموا بتحسين فرص اندماجهم".

وأكدت وينبلاد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الحاجة إلى نظام يضع المزيد من التركيز على الروابط العائلية، إلا أنها أشارت إلى أنه في حين يحق لطالبي اللجوء البحث عن الحماية بموجب القانون الدولي، ليس لديهم بالضرورة الحق في اختيار البلد الذي يرغبون في العيش فيه. وأضافت في حديث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "يمكن أن يتم استدعاء اللاجئين للاستفادة من الحماية التي تتوفر في بلد آمن من بلدان العالم الثالث شرط أن يلبي المعايير المطلوبة".

* ليس اسمه الحقيقي

ks/cb-bb/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join