تعرضت المساعي لاكتشاف لقاح فعال ضد فيروس نقص المناعة البشري في الآونة الأخيرة إلى سلسلة من الانتكاسات المحبطة، في الوقت الذي يحذر فيه الباحثون من أنه لا يزال أمامنا طريق طويل حتى نشهد انفراجة في هذا المجال، فهل نتخلى عن الأمل؟
وقد أفاد الخبراء الذين حضروا المؤتمر الدولي حول الإيدز الذي عقد في مكسيكو سيتي قبل بضعة أشهر أن البحث عن لقاح للوقاية من فيروس نقص المناعة البشري هو أحد أصعب المساعي على الإطلاق، خاصة وأن علم اللقاحات لا يزال فناً أكثر من كونه علماً".
وقد توقفت في العام الماضي إحدى التجارب الكبرى لاكتشاف لقاح ضد فيروس نقص المناعة البشري، بعدما أظهرت النتائج المبكرة أن اللقاح التجريبي لا يحمي من الفيروس بل يزيد كذلك من خطر الإصابة بالعدوى.
وقد أعلن المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية NIAID في يوليو/تموز أنه لن يمضي قُدماً في تجربة اللقاح التي كان سيشارك فيها 8,500 شخص والتي كانت تهدف إلى اختبار لقاح مشابه للقاح الذي فشل العام الماضي.
وأدت تلك التطورات إلى ترك ميدان اللقاح يترنح وسط دعوات أطلقتها بعض الجهات إلى وقف التمويل العام لأبحاث لقاح الإيدز وتحويله إلى العلاج والتدابير الوقائية من الفيروس.
ولكن تاتشي يامادا، المدير التنفيذي لبرنامج الصحة العالمي في مؤسسة ميليندا وبيل جيتس، وهي إحدى المؤسسات الكبرى التي تمول بحوث اللقاحات، قال لوفود مؤتمر مكسيكو أن المحاولات الفاشلة الأخيرة للتوصل إلى لقاح ضد فيروس نقص المناعة البشري ليست سبباً كافياً للتخلي عن الأمل.
وأوضح يامادا بالقول: "هذا ليس وقت التراجع وخفض التمويل...نحن بحاجة إلى التحرك للأمام باستثمارات كبيرة. لا يجب أن نخشى من الفشل".
وطبقاً ليامادا، تبقى معرفة العلماء التنبؤية حول ما إذا كانت اللقاحات التجريبية ستنجح أم لا محدودة. وقد دعا إلى استخدام نماذج حيوانية أفضل لاختبار اللقاحات التجريبية إذ أن النماذج الموجودة حالياً لا يمكنها التنبؤ بتأثير تلك اللقاحات على الإنسان.
وكان التحدي الآخر الذي واجه التجارب الإكلينيكية هو أن المشاركين في التجارب لم يتبعوا التعليمات الموجهة إليهم في جميع الأوقات، مما زاد من صعوبة إثبات تأثير اللقاح.
كما أن الآمال غير الواقعية للجماهير تعد مشكلة مستمرة، حيث قال يامادا: "عندما تفشل تجربة يكون الافتراض الفوري أن ذلك الاستثمار لم يكن في مكانه". ودعا يامادا إلى بذل المزيد من أجل تثقيف الناس حول بحوث الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري.
بدوره، قال ألان برنستاين، مدير المشروع العالمي للقاح ضد فيروس نقص المناعة البشري، أن البحث عن لقاح فعال قد وصل إلى "مفترق طرق خطير". وقد أخبر ألان وفود مؤتمر مكسيكو أن التحدي الآن هو تصميم تجارب يمكنها أن "تطور فهمنا للاستجابة المناعية للجسم ضد فيروس نقص المناعة البشري".