1. الرئيسية
  2. Global

نحو اختيارات صائبة في حالات الطوارئ

Field hospital at Mentao refugee camp, Burkina Faso Pablo Tosco/Oxfam
Which interventions work best in emergencies

يواجه العاملون الإنسانيون في مجال الصحة في أوقات الأزمات صعوبات مستمرة في الاختيار بين البدائل الممكنة للتدخل. ومن بين تلك الاختيارات الصعبة على سبيل المثال ما يواجهونه في حالات المجاعة: أي الأطفال ينبغي اختيارهم للحصول على التغذية التكميلية؟ وفي حالات الزلازل: هل ينبغي عليهم إنقاذ الأطراف الأكثر تضرراً أم عليهم بترها؟ وما هي أفضل طريقة لإنفاق الأموال الشحيحة؟ هل ينبغي عليهم إنفاقها مباشرة على الرعاية الصحية أم بشكل غير مباشر على المياه والصرف الصحي والمأوى للحيلولة دون انتشار الأمراض؟

والواقع هو أنهم يختارون أفضل ما يستطيعون، بناءً على خبرتهم وتقديرهم للأمور، وعلى المبادئ التوجيهية للوكالات الخاصة بهم، ولكن في الغالب لا توجد أدلة دامغة تذكر حول أي التدخلات هي التي تعمل على أفضل وجه وتأتي بأفضل النتائج. ولهذا السبب يوجد الآن برنامج جديد للتمويل يسمى "بحوث الصحة في الأزمات الإنسانية" يقوم بتخصيص مبلغ من المال لإجراء أبحاث ترمي إلى تعزيز قاعدة الدلائل التي يمكن الاستناد عليها في اتخاذ مثل هذه القرارات.

وفي هذا الصدد، قال جيمي ويتوورث من مؤسسة ولكوم ترست Wellcome Trust، التي تشارك في تمويل المبادرة جنباً إلى جنب مع وزارة التنمية الدولية البريطانية أن "قاعدة الأدلة التي توجد في هذا الحقل من مجال الأزمات الإنسانية محدودة للغاية. والقيام بهذا الأمر صعب. ففي حالات الكوارث حيثما توجد كثير من الضرورات وكثير من الأسباب التي تحتم العمل بسرعة جداً يصبح جمع الأدلة أمراً صعباً للغاية، والعاملون في هذا المجال يكافحون للقيام بذلك".  

لكن وزارة التنمية الدولية البريطانية ومؤسسة ولكوم ترست يشعران أنه لا بد من القيام بذلك. وتأكيداً على هذا قال كريستوفر ويتي، كبير المستشارين العلميين في وزارة التنمية الدولية البريطانية: "إن ما نعرفه في جميع المجالات هو أنه إذا كنت تفعل شيئاً دون وجود قاعدة جيدة من الأدلة، فربما يكون معظم ما تقوم به غير ذي جدوى، بل وبعضه ضار، وفي أحسن الأحوال لن يكون الكثير منه فعال جداً من حيث التكلفة".  

ويتولى البروفيسور بول شبيجل، رئاسة اللجنة التي ستختار المشروعات، وهو يتمتع بخبرة في المجالين الأكاديمي والإنساني، وأستاذ مساعد في كلية جونز هوبكنز للصحة العامة، كما يعمل نائباً لمدير برنامج دعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقال شبيجل بعد عودته للتو من زيارات إلى الأردن ولبنان والعراق أن هناك الكثير من الأسئلة التي لاتزال بحاجة إلى إجابات، وأضاف قائلاً: "كانت معظم الأبحاث في الماضي تجرى في مناطق ومخيمات ذات دخل منخفض. أما في الآونة الأخيرة، لا سيّما في البلقان وكوسوفو والآن في سوريا، فإننا نتعامل مع مناطق ذات دخل متوسط وليس بها مخيمات. ففي لبنان الآن، أصبح نحو ربع السكان لاجئين. ومن ثم، أثيرت أسئلة كثيرة. كيف نعمل بشكل مختلف؟"

تمويل متواضع؟

ويبلغ التمويل المبدئي للبرنامج 9.5 مليون دولار يمتد على فترة ثلاث سنوات. وبحسب الخطة، سيكون هناك تمويلان، كل منهم يدعم ما بين 10 إلى 15 مشروعاً، يشمل كل منها على أبحاث تعاونية تضم من الناحية المثالية مجتمعات أكاديمية وإنسانية على حد سواء. كما يعتزم البرنامج أيضاً إنشاء مرفق استجابة سريعة سوف يسمح بالإعداد للمشروعات البحثية المعتمدة مسبقاً، بحيث تكون جاهزة للانطلاق في المراحل الحادة من حالات الطوارئ في المستقبل. 

ما نعرفه في جميع المجالات هو أنه إذا كنت تفعل شيئاً دون وجود قاعدة جيدة من الأدلة، فربما يكون معظم ما تقوم به غير ذي جدوى

وبالنسبة لكثير من هؤلاء الذين حضروا تدشين البرنامج، بدا مبلغ الـ 9.5 مليون دولار تمويلاً متواضعاً، لكنهم أقروا بأن العبرة بالنتائج لا بالتمويل وحده ذلك أن المشروعات البحثية الممولة بسخاء لا تتمخض دوماً عن أفضل النتائج من حيث التأثير. وفي هذا الصدد، قال مارك فان أومرين، وهو عالم في "منظمة الصحة العالمية" لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "هذه بداية رائعة، أعتقد أن التمويل سيزداد مع مرور الوقت".

من جانبه، أكد جيمي ويتوورث من مؤسسة ولكوم ترست، أنه من المحتمل أن يتغير مستوى التمويل الحالي، قائلاً إن "هذه مجرد تجربة. ولا نعرف كيف ستكون الشهية لذلك". 

وقد حضرت كثير من المنظمات حفل إطلاق البرنامج ولديها طلبات جاهزة للمشاركة.

إدارة إصابات الهرْسْ

ويبحث أنطوني ردموند من جامعة مانشستر عن أدلة حول أفضل طريقة لإدارة إصابات الهرس بعد الزلازل. يمكنك محاولة إنقاذ الطرف المصاب، وهو أمر يستغرق وقتاً ومكلف، وإذا لم ينجح يمكن أن يُعرّض المريض لخطر الموت بسبب العدوى أو الفشل الكلوي. أو يمكنك بتر الطرف المصاب وترك المريض عاجزاً في ظروف صعبة للغاية. وفي حين أن بعض فرق الطوارئ الطبية تلجأ كثيراً لعمليات البتر، هناك فرق لا تلجأ لتلك العمليات إلا نادراً جداً. وفي العادة لا تستمر فرق الطوارئ مع هؤلاء المصابين لترى ماذا سيحدث لهم في وقت لاحق.  

وتعليقاً على هذا الأمر، قال ردموند لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "هناك فرصة لإنقاذ أطراف المصابين. لكنني لا أعرف كم هي كبيرة تلك الفرص. ما هي نقطة اللاعودة؟ وكم المدة التي ينبغي استغراقها في محاولة إنقاذ طرف واحد في شخص واحد مقابل إنقاذ حياة العديد من الناس؟ هذه هي الأمور التي نحتاج إلى فهمها".

ومن المقرر أن يشمل المقترح البحثي لردموند قيام جراحين بتسجيل البيانات بصورة منتظمة أثناء عملهم في حالات الأزمات. وعما إذا كانوا سيفعلون ذلك، قال: "إنهم يفعلون ذلك في أوطانهم. ففي حالة وقوع حادثة تحطم طائرة هنا [في المملكة المتحدة]، أو حادث قطار، يطلب من الجرّاح  أن يدون ملاحظات. الملاحظات الطبية والجراحية هي جزء من العلاج وعدم القيام بذلك يُعد عملاً غير أخلاقي. نحن بحاجة إلى استحداث طريقة لجمع تلك البيانات بسهولة وبسرعة كبيرة". 

وتشير تجربة البروفيسور بول شبيجل في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن هذا الأمر ربما لا يزال يمثل تحدياً. وعن الأسباب الكامنة وراء ذلك قال: "العديد من منظماتنا غير جاهزة بعد لإجراء الأبحاث". وأضاف قائلاً: "لا نزال في المنظمة التي أعمل بها نتجنب استخدام كلمة 'البحث'، لأن هناك فكرة راسخة تقول بأنه 'يجب استخدام المال لمساعدة السكان' - حتى إذا لم تكن لدينا أدلة لمعرفة ما إذا كان المال سيساعدهم فعلاً أم لا... لذا فإننا نأمل أن تجيب هذه الأبحاث على الأسئلة المهمة من أجل إرشاد العاملين الميدانيين في اتخاذ مثل هذه القرارات".

eb/cb-kab/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join