بعد أن أمضى ريحان ناصر، 24 عاماً، سنتين في البحث عن والده الذي اختفى في أحد الأيام وهو في طريقه من العمل إلى المنزل، بدأ يفقد الأمل في العثور عليه. وكان ناصر محمد، صاحب صيدلية، يبلغ من العمر 53 عاماً عند اختفائه، وقد اتصل هاتفياً بأسرته ليخبرها بأنه سيغادر الصيدلية ويشتري بعض الخبز والجبن ومن ثم سينضم إليهم لتناول العشاء. وكانت تلك هي آخر المعلومات التي تلقتها الأسرة عن الأب الذي اختفى تاركاً وراءه أربعة أبناء. وتحدث ريحان عن هذه الحادثة قائلاً:
كانت آخر مرة رأينا فيها والدنا في 23 أغسطس/آب 2005، ثم لم نره بعد ذلك. ومنذ ذلك التاريخ ونحن نبحث عنه ولكننا لم نحصل على أية معلومات عنه. كل ما يقوله لنا ضباط الشرطة هو أنه ربما تعرض للقتل وبأن الوضع الذي يمر به العراق يجعل من غير المجدي فتح تحقيق حول اختفائه.
أما صاحب المخبز فقد أخبرنا بأن والدي اشترى الكثير من الخبز يوم اختفائه وطلب منه أن يذهب معه إلى المسجد في الجمعة القادمة.
وفي ليلة ذلك اليوم وخلال فترة حظر التجوال، دخل أحدهم إلى الصيدلية ونهب كل محتوياتها وترك المفتاح في الباب.
نحن لا نعتقد بأن والدنا قد توفي. تسلب الحرب في العراق الناس كل شيء ولكن والدي لا يمكن أن يكون أحد ضحاياها. إنه شخص طيب جداً وودود. كان يعاملنا ويعامل أمنا بكل طيبة، لقد أصيبت منذ اختفائه باكتئاب شديد وتتناول الأدوية حتى تتمكن من الأكل والنوم.
لقد بحثنا عن أبينا في كل مكان: في المشارح والمستشفيات في بغداد وفي المدن المجاورة. كما بحثنا عنه في السجون وأقسام الشرطة والعيادات الطبية ولكن دون جدوى. أستطيع أن أقول أن أبي قد تبخر كما يتبخر الماء عند الغليان.
صادفنا خلال بحثنا العديد من الأسر الأخرى التي تعيش نفس محنتنا. أسر فقدت أحباءها دون الحصول على أي رسائل أو أخبار حول مصيرهم. يقول بعض الناس بأن أبي ربما قتل على يد عصابات إجرامية لكونه صيدلياً. ويقول آخرون بأنه ربما قتل على يد المقاتلين أو المتمردين، أو قد يكون في أحد السجون. ولكننا بدأنا نفقد الأمل في أن نراه مجدداً".
"