حتى سنوات قليلة مضت، كانت الحدود بين نيبال والهند التي يسهل اختراقها تشبه خط أنابيب للأسمدة وشريان الحياة بالنسبة للمزارعين الذين واجهوا نفاذ المخزون في بلادهم، ولكن الآن لم يعد يمكن التعويل على كمية العرض أو الجودة، ما جعل المزارعين النيباليين يكافحون لإنتاج المحاصيل من تربة تزداد سوءاً بشكل مطرد، وذلك عن طريق استخدام السماد العضوي أو الأسمدة الكيميائية التي ليست بالمستوى المطلوب.
وقال بادمي كامي (60 عاماً) الذي يعيش في منطقة بانكي، وهي منطقة زراعية تعيش فيها حوالى 340 أسرة: ليس لدي خيار سوى استخدام الأصناف المهربة، ولكنها لا تفيد". فهو يشتري الأسمدة من الهند مقابل 34 روبية (39 سنتاً أمريكياً) للكيلوغرام الواحد - أي بنفس سعر الأسمدة المدعومة من قبل الحكومة. وأفاد مسؤول الإرشاد الزراعي في المقاطعة، شير بهادور أن المحاصيل تناقصت والتحاليل المخبرية التي أجريت في عام 2011 أظهرت أن التركيب الكيميائي لهذه الأسمدة ليس كما هو معلن عنه.
وقدرت وزارة الزراعة النيبالية أن أسعار الأسمدة في نيبال تبلغ حوالى ثلاثة أضعاف مثيلاتها في الهند المجاورة بسبب الاختلافات في الدعم الحكومي. وأشارت الوزارة إلى أن نيبال بحاجة إلى 500 طن من الأسمدة الكيميائية سنوياً لإنتاج ما يكفي لإطعام سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة على نحو كاف. ومن جهته، قال سكرتير وزارة الزراعة، هاري داهال أن بلاده ستكون قادرة على تأمين أقل من 150 طناً في عام 2012. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الفجوة لم تتغير منذ عدة سنوات.
وخصصت الحكومة ثلاثة مليارات روبية للأسمدة (33.4 مليون دولار)، أو ما يعادل 25 بالمائة من الميزانية الإجمالية المخصصة للزراعة. كما خصصت مبلغ مليار روبية (11 مليون دولار) إضافي في موازنة العام المالي 2012-2013 لدعم الأسمدة الزراعية. ولكن نظراً لحل البرلمان مؤخراً، والانقسامات داخل الحزب الحاكم، وتبقي شهر واحد فقط لوضع اللمسات الأخيرة على موازنة السنة المالية المقبلة، قال وزير المال السابق وزعيم المعارضة الحالي، رام شاران ماهات، أنه لم يتضح بعد ما سيحدث. وأضاف في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لا يمكننا زيادة حجم الموازنة من دون توافق سياسي كامل".
وقد تعاقب على نيبال خمسة رؤساء وزراء في السنوات الأربع الماضية. وانتهى عقد من الحرب الأهلية في عام 2006، وفي عام 2008 تم انتخاب برلمان لصياغة دستور جديد، ولكنه فوّت أربعة مواعيد لإنجاز الدستور وسعى للحصول على تمديد خامس في أواخر شهر مايو، الأمر الذي رفضته المحكمة العليا. وفي هذه الأثناء، ما زال المزارعون في التلال الغربية الوسطى من مقاطعة ساليان، المتاخمة لمنطقة بانكي، والتي تبعد 320 كيلومتراً إلى الغرب من العاصمة كاتمندو، يعانون من مشكلة نقص الأسمدة. فيقول مينا غارتي (50 عاماً) وهو مزارع في مجتمع كوبينديداها الجبلي، الذي يضم 5,200 نسمة ويبعد ساعتين عن أقرب طريق ممهد: "إننا لا نحصل حتى على الأصناف المهربة هنا نظراً لبعد المسافة".
ومن جانبه، قال كبير مسؤولي مكتب مقاطعة ساليان للتنمية الزراعية، تشيت نارايان باندي، أن المزارعين يستخدمون السماد العضوي المصنع عن طريق مزج مخلفات الماشية وأوراق الشجر بشكل متزايد. ويتمتع المزارعون في منطقة بانكي المجاورة - وهي سهول تقل فيها الغابات والمراعي - بفرصة أفضل للحصول على الأسمدة الكيميائية لأن الطرق أفضل ولأنهم أقرب إلى الهند، لكنهم يفتقرون إلى المواد اللازمة لصنع كمية كافية من الأسمدة المحلية، حسبما ذكرت مجموعة من المزارعين التقت بهم شبكة الأنباء الإنسانية في قرية بانيبهار.
وقال داهال، سكرتير وزارة الزراعة أن السماد العضوي يمثل أحد الحلول، ولكنه غير كاف وغير ملائم. وكانت الحكومة في عام 2012 قد اشترت 5,000 طن من السماد العضوي من المصنعين المحليين، إلى جانب استيراد 42,000 لتر من السماد السائل من إسبانيا، ولكن هذه المنتجات ضعيفة للغاية بالنسبة للأصناف المحسنة من بذور الحبوب، والتي قدر داهال أن نحو 80 بالمائة من المزارعين يستخدمونها. وكان التقييم الأولي لحصاد موسم 2011-2012 والتوقعات الخاصة بالمحاصيل الشتوية التي أجرتها الحكومة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إيجابية بشكل عام. ومن المتوقع أن يزداد إنتاج المحاصيل الرئيسية - وهي الأرز والدخن والذرة - بنسب تتراوح بين 4 و13 بالمائة مقارنة بموسم الحصاد السابق. ولكن التقييم أشار إلى أن المكاسب ليست متكافئة، ومن المتوقع أن يحدث نقص في التلال والجبال الغربية الوسطى.
ويتم حالياً تصنيف 27 من مقاطعات نيبال البالغ عددها 75 على أنها تعاني من "عجز غذائي"، وهذا يعني أن نحو 3.5 مليون شخص يعانون من نقص "متوسط إلى شديد"، ولكنهم لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء لدرء الجوع، أو على السعرات الحرارية الكافية للعمل والدراسة وتحمل المصاعب اليومية. ويُذكر أن تضاريس نيبال جبلية في الشمال وتنتشر بها التلال في الوسط والسهول في الجنوب. ويزداد النقص حدة في جيوب التلال والجبال الغربية.
وأشار داهال إلى أن نيبال لا تنتج الأسمدة الكيميائية محلياً، ويرجع ذلك بالأساس إلى نقص الطاقة. وهو يقدر أن تشغيل كل مصنع يحتاج إلى 100 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، في بلد ينقطع فيه التيار الكهربائي يومياً لعدة ساعات، حتى في كاتماندو. وناشد مسؤولو الزراعة في المقاطعة الحكومة الوطنية أن تشجع على إنتاج السماد العضوي كحل لسد الفجوة، ولكن داهال متفائل لأن الدول المجاورة مثل بنجلاديش والصين ستكون قادرة على مد يد المساعدة إلى نيبال. أما في منطقة التبت الذاتية الحكم، فقد يؤدي إنشاء خط السكك الحديدية الذي بدأ في عام 2010 في مدينة شيغاتسي إلى تسهيل نقل شحنات الأسمدة.
وقال مساعد ممثل منظمة الأغذية والزراعة، بينود ساها، أن المزارعين قاموا باستخدام الأسمدة بشكل "عشوائي" لأنهم لم يدرسوا قط كيفية تحليل التربة أو استخدام الجرعات الصحيحة. وأضاف أن "استخدام الأسمدة بشكل متوازن أمر نفتقر إليه، وكل نوع من أنواع الأسمدة له دور مختلف". هذا وتقوم منظمة الأغذية والزراعة بتنفيذ برنامج رائد يشمل 133 "مدرسة حقلية للمزارعين" في 17 مقاطعة في جميع أنحاء البلاد، ويركز البرنامج على الاستخدام الحكيم للأسمدة، من بين أمور أخرى. وكان المشروع قد بدأ في عام 2009 وسيستمر لمدة 15 شهراً. وأشار ساها إلى أن أقل من نصف الأراضي القابلة للزراعة مروية - 47.5 بالمائة، وفقاً لتقديرات الحكومة التي صدرت في الآونة الأخيرة - ما يرغم المزارعين على الاعتماد على هطول الأمطار غير المنتظم في كثير من الأحيان لزراعة محاصيلهم. وتشير تقديرات المركز الوطني لبحوث الزراعة إلى أن نيبال تستطيع زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 20 بالمائة، إذا توفرت البذور الجيدة والمياه الكافية.
pt/ds/he-ais/bb
Our ability to deliver compelling, field-based reporting on humanitarian crises rests on a few key principles: deep expertise, an unwavering commitment to amplifying affected voices, and a belief in the power of independent journalism to drive real change.
We need your help to sustain and expand our work. Your donation will support our unique approach to journalism, helping fund everything from field-based investigations to the innovative storytelling that ensures marginalised voices are heard.
Please consider joining our membership programme. Together, we can continue to make a meaningful impact on how the world responds to crises.