أكدت دراستان جديدتان المخاوف من أن استخدام مضادات الفيروسات القهقرية للوقاية من فيروس نقص المناعة البشري يمكن أن يؤدي إلى مقاومة الجسم لهذه العقاقير إذا ما تم استخدامها بشكل غير مقصود من قبل أشخاص مصابين بالفيروس بالفعل.
وتشير نتائج هذه الدراسة التي تم طرحها هذا الأسبوع في المؤتمر الدولي لمبيدات الجراثيم في بيتسبرغ بالولايات المتحدة، إلى أن الفحص العادي للكشف عن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من أي برنامج للوقاية يعتمد على استخدام العقاقير المضادة للفيروسات القهقرية.
ولا تزال مناهج الوقاية المرتكزة على استخدام العقاقير المضادة للفيروسات القهقرية قيد الاختبار في التجارب السريرية ولكن الخبراء يعتقدون أنها تشكل إحدى أكثر التدخلات الواعدة لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري.
وينطوي أحد هذه المناهج الذي يعرف باسم "العلاج الوقائي قبل التعرض" على إعطاء جرعة يومية من عقار واحد مضاد للفيروسات القهقرية للأشخاص الذين أظهرت الفحوصات عدم إصابتهم بالفيروس ولكنهم معرضون لمخاطر عالية للإصابة به.
ويمكن لهذا المنهج أن يكون فعالاً في الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري ولكنه لا يشكل علاجاً لشخص مصاب. بل في الواقع إن تناول عقار واحد مضاد للفيروسات القهقرية بدلاً من مزيج من ثلاثة عقاقير - التي توصف عادة لعلاج فيروس نقص المناعة البشري - يمكن أن يجعل الفيروس مقاوماً لذلك العقار أو لغيره من العقاقير من نفس المجموعة. وما يثير القلق بشكل أكبر حقيقة أن الأشخاص الذين يطورون سلالات مقاومة لمضادات الفيروسات القهقرية قادرون على نقل العدوى بهذه السلالات للآخرين.
وقد استخدمت دراسة أجراها أومي عباس، من مؤسسة كليفلاند كلينيك في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة بالتعاون مع زملاء من جامعة بيتسبرغ، نموذجاً رياضياً لتحديد الأثر المحتمل للعلاج الوقائي قبل التعرض على الوقاية من فيروس نقص المناعة ومدى مقاومته للأدوية في منطقة بإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعاني من ارتفاع معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري.
وفي سيناريو متفائل، خفض العلاج الوقائي قبل التعرض من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري بنسبة 75 بالمائة عندما استخدمه 60 بالمائة من الأشخاص في الفئة المستهدفة، الذين كان 5 بالمائة منهم مصابين بالفيروس دون أن يعلموا ذلك. وفي ظل هذه الظروف، فإن 2.5 بالمائة من الأشخاص في عينة الاختبار سيحملون سلالات مقاومة للأدوية من فيروس نقص المناعة البشري بعد 10 أعوام.
في المقابل، افترض السيناريو المتشائم أن العلاج الوقائي قبل التعرض سيساهم في خفض خطر فيروس نقص المناعة البشري بنسبة 25 بالمائة فقط عندما استخدمه 15 بالمائة فقط من الأشخاص في الفئة المستهدفة، التي كان 25 بالمائة منهم مصابين بالفعل. وفي هذه الحالة، فإن 40 بالمائة من الأشخاص في عينة الاختبار سيقاومون الأدوية بعد 10 سنوات.
مضادات الجراثيم
من جهتها، فحصت دراسة أجرتها جامعة ماك جيل ومركز ماك جيل للإيدز في مونتريال بكندا، إمكانية نجاح مضادات الجراثيم المرتكزة على العقاقير المضادة للفيروسات القهقرية، مثل الهلام الذي يتم وضعه قبل ممارسة الجنس لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشري في الحماية من سلالات فيروس نقص المناعة البشري المقاومة للعقاقير والتي يحتمل أن تصبح أكثر انتشاراً في الأماكن التي توجد فيها برامج علاج واسعة مثل جنوب إفريقيا.
ووجد الباحثون أنه في الاختبارات المعملية، كانت أربعة مبيدات ميكروبات مرتكزة على مضادات الفيروسات القهقرية – قيد التجارب السريرية حالياً – فعالة ضد سلالات فيروس نقص المناعة البشري المقاومة للأدوية، ولكن تلك التي تستخدم توليفة من عقارين مضادين للفيروسات القهقرية كانت أكثر فعالية من تلك التي تستخدم عقاراً واحداً فقط.
وفي اختبارات معملية أخرى، توصل الباحثون إلى أن مبيدات الجراثيم المرتكزة على مضادات الفيروسات القهقرية يمكن أن تسهم أيضاً في ظهور سلالات مقاومة للأدوية إذا ما تم استخدامها من قبل أفراد مصابين بالفعل بفيروس نقص المناعة البشري.
وأفاد الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها لا تقلل من آمال العلاج الوقائي قبل التعرض وغيره من مناهج الوقاية القائمة على مضادات الفيروسات القهقرية، ولكنها قدمت صورة أوضح "لما يمكنه أن يضمن أن تقدم هذه المناهج أعظم فائدة لأكبر عدد ممكن من الناس وبأقل قدر من المخاطر".
ks/he -amz/dvh