على الرغم من أن نهر سيتاروم الذي يقع في جزيرة جاوة المكتظة بالسكان في إندونيسيا، هو أحد أكثر الأنهار تلوثاً في العالم إلا إن خطط تنظيفه لا تزال محل جدل.
ويمر هذا النهر الذي يبلغ طوله حوالي 270 كيلومتراً، وينبع في غرب جزيرة جاوة، على قرابة الألفي مصنع قبل أن يصل إلى ضاحية بيكاسي في جاكرتا مما يجعله شديد التلوث. وعلى الرغم من ذلك، يستخدم الكثير من السكان مياه النهر لغسيل الأطباق والملابس، بل وحتى في طهي طعامهم. إضافة إلى ذلك، فإن 80 بالمائة من المياه السطحية لمدينة جاكرتا تأتي من هذا النهر.
وفي ديسمبر 2008، منح بنك التنمية الآسيوي قرضاً بقيمة 500 مليون دولار للحكومة الإندونيسية لتنظيف النهر. وخلال فترة 15 عاماً، ينبغي أن تسمح الأموال التي قدمها بنك التنمية الآسيوي للحكومة بإعادة تأهيل حوض النهر بالكامل.
وتدعم هذه الخطة مشاريع الصرف الصحي وتسعى لتوفير مياه آمنة للسكان الذين يعيشون على ضفاف النهر في الوقت الذي ستساهم فيه في تحسين حياة نحو 28 مليون نسمة في المناطق المجاورة.
ومع ذلك يساور رابطة الشعب لنهر سيتاروم People’s Alliance for Citarum وهي جمعية أهلية، قلق من الفساد الذي قد يشوب تخصيص الأموال المقدمة من بنك التنمية الآسيوي ومن فعالية المشروع.
وترى الجمعية أنه لا توجد مؤشرات كافية يمكن رصدها وكتابة تقارير عنها والتحقق منها بما يحول دون حدوث ممارسات فاسدة.
وتعاني إندونيسيا من أعلى معدلات الفساد في العالم، إذ تُعد وفق تقرير مؤشر الفساد العالمي لعام 2009 الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، أكثر الدول التي تعاني من الرشوة والفساد في قارة آسيا، وبرلمانها هو أكثر المؤسسات العامة فساداً، تليه المؤسسة القضائية والشرطة.
تدابير رقابية
من ناحية أخرى، يرى كريس موريس المتحدث باسم بنك التنمية الآسيوي أن "الخوف" من إمكانية حدوث الفساد ينبغي ألا يعيق تنفيذ مشروعات ستساهم حتماً في تحسين حياة الكثيرين.
وأضاف موريس أن تطبيق مجموعة من الإجراءات الرقابية "من شأنه أن يقلص خطر الفساد"، مشيراً إلى أهمية استخدام الأساليب المجتمعية وأنظمة المعلومات الواضحة والشفافة والرصد الخارجي.
ويتفق مع هذا الرأي سوناردهي يوجانتارا، مدير جمعية رعاية المواطنين للبيئة Citizens Care for the Environment إذ قال أن المخاوف من الفساد ينبغي ألا تغمض أعيننا عن الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات فورية "فإذا لم يتم اتخاذ تلك الإجراءات فسوف يموت النهر وهذه كارثة". وقد بدأ يوجانتارا عملية التنظيف في قريته منذ 15 عاماً وبدأت قرى أخرى على طول النهر تحذو حذوه تدريجياً إلى أن تم تشكيل هذه الجمعية الأهلية.
التعويض وإعادة التوطين
وتخشى ديانا جولتوم، من مؤسسة مراقبة الديون Debtwatch Indonesia وعضو في ائتلاف أروم ARUM من "غياب" خطة للتعويض وإعادة توطين بعض سكان المنطقة الذين سيتم إجلاؤهم.
إلى ذلك، يرغب بنك التنمية الآسيوي في إعادة توطين نحو 900 أسرة ولكن لم يتم الاتفاق بعد على الأماكن النهائية التي سينقلون إليها.
وأضافت جولتوم أنه "يتم التقليل من عدد السكان المتأثرين، كما ما يزال الموقع المقترح لإعادة توطين المُهّجرين غير واضح وتكتنفه الكثير من المشكلات... إنهم لا يعرفون ما الذي سيواجهونه، كما سيفقدون سبل عيشهم".
مخاوف صحية
وأوضح يوجانتارا المخاطر الصحية المترتبة على العيش بالقرب من النهر، "فخلال موسم الجفاف يصبح النهر بمثابة بالوعة. وبدون تغذيته بالمياه من التلال، تصبح الرائحة سامة لدرجة يصاب معها الناس بالإغماء".
في السياق ذاته، قال سيتياوان وانجساتماجا، الذي أجرى بحثاً على الظروف الصحية للسكان الذين يعيشون على مقربة من النهر: "لقد وجدنا حالات كثيرة، خاصة في موسم المطر، مصابة بأمراض جلدية وإسهال ومشاكل حادة في الجهاز التنفسي".
في الوقت ذاته، أصبح مصدر هلاك النهر- التلوث- مصدراً للدخل بالنسبة لآلاف الأشخاص، مما يشكل تحدياً آخر لخطة التنظيف.
ولم يسمع إيدي جونديدي، 56 عاماً، الذي يبيع العبوات البلاستيكية التي يتم انتشالها من النهر مقابل 13 سنتاً للكيلو، بخطة بنك التنمية الآسيوي لكنه غير قلق على مستقبله إذ قال: "النهر ملوث للغاية لدرجة إنني لا أصدق أنه سيتم تنظيفه مجدداً. أعتقد أنني سأجد دائماً العبوات البلاستيكية".
"