تشهد أوضاع الآلاف من سكان غزة، الذين يعانون أصلا من انعدام الأمن الغذائي، تدهورا متزايدا بسبب تعرض عدد كبير من المواشي والأراضي الزراعية لأضرار كبيرة أو دمار كامل خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي بدأ في 27 ديسمبر/كانون الأول.
فوفقا لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ، أدى النزاع المسلح إلى تفاقم الأوضاع الغذائية الهشة لسكان غزة. حيث علت أسعار اللحوم والدواجن، وقل عرضها في السوق في حين قد تشهد الأسواق غياب الخضار والفواكه الطازجة بحلول شهر مايو/أيار، وذلك بسبب الدمار الذي لحق بالمحاصيل، وفقا لمكتب برنامج الأغذية العالمي في غزة.
وفي ظل الظروف الغذائية الراهنة، صادقت منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع برنامج الأغذية العالمي في شهر يناير/كانون الثاني على عملية طوارئ مشتركة بهدف توفير الطعام لـ 365,000 من سكان غزة الأكثر تضررا، بما في ذلك الحالات الاجتماعية الصعبة والنازحين والمزارعين. وتستمر العملية حتى 19 يناير/كانون الثاني 2010.
وفي هذا السياق، أفاد جون نويل جنتل، منسق برنامج الأغذية العالمي بغزة، أن "أجزاءً من عملية الطوارئ تخضع للمراجعة على ضوء الحرب الأخيرة...حيث أجرى البرنامج تقييما طارئا للأمن الغذائي في غزة، سيعلن قريبا عن نتائجه التي إما قد تؤكد عدد المستفيدين المحتاجين للمساعدة والمقدرين بـ 365,000 محتاج أو قد ترفعه". وأوضح جنتل أن البرنامج بدأ فعلاً بتوزيع المساعدات الغذائية في المدارس على أن يشرع في عملية التوزيع العام للمساعدات خلال هذا الأسبوع، مع العلم أنه لم يوقف توزيع المساعدات خلال الحرب.
وفي الظروف العادية، تستهدف المساعدات الغذائية للأونروا اللاجئين في حين يوجه برنامج الأغذية العالمي مساعداته لغير اللاجئين، ولكن فترة ما بعد الحرب شهدت تداخلا في أدوار المنظمتين.
وتندرج عملية الطوارئ السابقة الذكر في إطار المناشدة العاجلة التي أطلقتها الأمم المتحدة مؤخرا لجمع مبلغ 613 مليون دولار من أجل إعادة إعمار وتأهيل غزة .
كما صادقت منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع برنامج الأغذية العالمي أيضا على عملية استجابة طارئة لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الضفة الغربية بهدف مساعدة 31,000 فلسطيني عن طريق تقديم قسائم نقدية تصل قيمتها الإجمالية إلى حوالي 4.17 مليون دولار (أي ما يعادل حوالي 5,000 طن من المواد الغذائية) على مدى 12 شهرا إلى حدود يناير/كانون الثاني 2010.
خسائر الدواجن
وفي نفس الإطار، قال جهاد الخطيب، مسؤول زراعي ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بغزة، أن "الحرب تسببت في نفوق 250,000 رأس من الطيور، أي ما يعادل 10 بالمائة من مجموع إنتاج الدواجن.... كما أن الدمار الذي ألحقته الحرب بعدد من مزارع الدواجن أدى إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي في غزة بنسبة 25 بالمائة"، حيث أصبح الكيلوغرام الواحد من الدجاج الذي كان يكلف 30 شيكل قبل الحرب في غزة يكلف حاليا 48 شيكل (أي ما يعادل 11.60 دولار).
كما أضاف الخطيب أن معظم مزارع الدواجن تقع في المنطقة العازلة على الحدود الإسرائيلية مع غزة، وأنه لا زال يصعب الوصول إليها. كما تسببت الحرب أيضا في نفوق حوالي 17 بالمائة من المواشي في القطاع.
من جهته، قال حسين الريس، مالك مطعم ستيك هاوس، وموزع للدجاج في غزة: "لقد تعرضت مزارع الدجاج الثلاث التي أملكها بالقرب من مستوطنة نيتزريم للدمار. وكانت مساحة كل مزرعة تصل إلى 650 متر مربع وتحوي 6,400 طير". ويُقدِّر الريس أن يكون قد خسر 70 بالمائة من تجارته بسبب الحرب.
وأوضح الخطيب أن ثلاثا من أحد عشرة مزرعة تفريخ تعرضت لدمار كامل أو جزئي، مما تسبب في خلق ثغرة في إنتاج الدواجن على المدى القصير بسبب توقف التفريخ. وأضاف الريس أن "إنتاج الدواجن توقف لأكثر من ثلاثة أسابيع خلال الحرب مما أدى إلى خلق ثغرة كبيرة في السوق".
واشتكى سكان غزة أيضا من صعوبة الحصول على لحوم الأبقار والأغنام بعد تعرض المسلخ الرئيسي الذي تعتمد عليه غزة ومحيطها للقصف.
وأوضح الخطيب أن حوالي 1.200 هكتار من الأراضي الزراعية، أي ما يعادل 18 بالمائة من مجموع الأراضي الزراعية بغزة بما فيها مزارع الحمضيات والزيتون، تعرضت للدمار. وهو نفس ما آلت إليه 17 بالمائة من الأراضي المزروعة بالخضار، مما تسبب في خلق ثغرة بنسبة 30 بالمائة في الأمن الغذائي بغزة.
ودمرت الحرب حوالي 200 بئر من آبار المياه الجوفية وألحقت أضراراً بـ53 بئراً آخر، وذلك من مجموع 2,300 بئر تستعمل لسقي الأراضي الزراعية في غزة، حسب الخطيب.
وكان القطاع الزراعي بغزة قد شهد نمواً ملحوظا بعد فرض حركة حماس الإسلامية سلطتها على القطاع في يونيو/حزيران 2007، حيث أصبح معظم الإنتاج الزراعي يباع في السوق المحلية منذ فرض الحظر الذي استمر ثمانية عشر شهرا.
وفي عام 2008، كانت حوالي 14,000 أسرة تدخل في عداد المزارعين الذين يعيشون على ما يزرعونه، و60,000 شخص يعملون في القطاع الزراعي، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما تشكل الزراعة والصيد البحري حوالي 10 بالمائة من اقتصاد غزة.