وفي حين وجد بعضهم الشجاعة على العودة إلى بلدة بيبور، حيث تنتشر قوة عسكرية كبيرة، للبحث عن الطعام، ظل البعض الآخر في الأدغال حيث يضطرون إلى تناول الثمار والأعشاب الورقية البرية للبقاء على قيد الحياة.
وفي بلدة بيبور - حيث قررت وكالات المعونة تعليق توزيع المواد الغذائية في 18 أغسطس (بعد مساعدة 21,000 شخص هناك) بسبب ما أسماه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) "انعدام الأمن والانتهاكات"، ينتظر حوالي 1,000 شخص استئناف توزيع المساعدات، وفقاً لتصريحات السلطات المحلية.
من جانبه، أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في إحدى نشراته أن وكالات المعونة تراجع "القيود التشغيلية، بما في ذلك ضمان سلامة المدنيين الذين يتلقون المساعدة وعمال الإغاثة على حد سواء".
وفي الوقت نفسه، من المقرر بدء توزيع المواد الغذائية في 29 أغسطس في بلدة غوموروك بولاية جونقلي، حيث تم تسجيل حوالي 10,000 شخص بحاجة إلى مساعدة في وقت سابق من شهر أغسطس.
وقال موزس أجاك، وهو ممثل في مكتب المفوض، أن "الناس يعانون" في بيبور.
وينتظر بعض الناس في الفناء خارج نافذة مكتبه بعد أن اختبؤوا في الأدغال لمدة أسابيع، ثم ساروا لعدة أيام - وسار بعضهم لما يقرب من أسبوع - من أجل تسجيل أسمائهم للحصول على مساعدات غذائية، ويفتقر العديد منهم إلى أية حماية من الأمطار الغزيرة.
وأضاف أجاك قائلاً: "إننا نستضيف أكبر عدد نستطيع استيعابه في مكتب المفوض أثناء الليل، بينما يضطر الآخرون إلى النوم في الخارج".
أكثر من 100,000 نازح
لا يزال أكثر من 100,000 شخص نازحين أو متضررين بطرق أخرى من أعمال العنف التي اندلعت في شهر يوليو بين قبيلتي النوير والمورلي، وفي أعقاب اشتباكات بين الحكومة ومجموعة من المتمردين بقيادة ديفيد ياو ياو.
ويظل العديد منهم بعيداً عن متناول الدعم الإنساني. ففي بلدة بيبور، جاء النازحون الذين كانوا قد غادروا قراهم إلى هنا بحثاً عن طعام، وفي نهاية المطاف إما تُركوا في البلدة بين الجنود أو أجبروا على العودة إلى ديارهم دون أن يحصلوا على أية مساعدات.
وهذا ما تحدثت عنه ثالانو كولين، التي سارت من قرية ليلوت مع أطفالها الستة المتبقين على قيد الحياة: "جئت إلى بيبور عندما سمعت أنهم يوزعون الطعام". وكان طفلاها الآخران، وهما صبي وفتاة صغيرة، قد قُتلا عندما تعرضت القرية لهجوم من قبل مجموعات تعتقد ثالانو أنهم شباب ينتمون إلى قبيلة النوير.
وأضافت قائلة: "كنا نعيش في الأدغال دون طعام أو مأوى لعدة أسابيع. أعطيت الأطفال بعض الثمار البرية، ولكن عندما أصيبوا بالإسهال قررت المجيء إلى هنا. إنني لا أشعر بالأمان إذا بقيت في المدينة مع الجنود، ولكنني لا أستطيع المشي مرة أخرى إلى القرية دون طعام".
وحيث أن موسم الأمطار يحول الطرق والقرى والأسواق ومخيمات الماشية إلى برك من الوحل، فإنه يقيد حركة وكالات الإغاثة وقدرتها على الوصول إلى المحتاجين. ولا تتعدى نسبة المناطق التي يمكن الوصول إليها عن طريق البر خلال موسم الأمطار في ولاية جونقلي 10 بالمائة من مساحة الولاية.
كما أن عدد الطائرات المحدود وعدم وجود مهابط طائرات صالحة للاستخدام يجعل من الصعب الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً، خاصة عند نقل مواد غذائية ثقيلة.
وحسب جيمس نييكتشو، الذي يعمل مع منظمة غير حكومية محلية في بلدة بيبور، فإن "الناس بحاجة إلى أغطية بلاستيكية لبناء الأكواخ. كما يحتاجون إلى العلاج الطبي، ولكن الأهم من ذلك كله أنهم بحاجة إلى الطعام".
وفي شهر يوليو الماضي، أطلقت وكالات المعونة عمليات الإغاثة في قريتي دورين ولابراب وبلدة بيبور، ومن المقرر أن يتم تقديم المساعدة إلى حوالي 30,000 شخص بحلول نهاية الشهر الجاري في مقاطعة بيبور.
كما بدأ إسقاط المواد الغذائية في قرية غوموروك، حيث تدير منظمة أطباء بلا حدود وحدة الرعاية الصحية الوحيدة في مقاطعة بيبور، بعد أن اضطرت المنظمة إلى إغلاق عيادتها في بيبور بسبب انعدام الأمن.
وقد شددت السلطات المحلية وعمال الإغاثة في بلدة بيبور على الحاجة لاستئناف تقديم المساعدات.
وقال أجاك في مكتب المفوض: "عندما قتل جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان إمرأتان، وتعرضت امرأة أخرى للاغتصاب أثناء قدومها إلى المدينة، رحل جميع موظفي المنظمات غير الحكومية. وسمعت أنهم قد يعودون في بداية شهر سبتمبر، ولكن لا أحد يعرف على وجه اليقين".
وفي هذه الأثناء، لا تزال المواد الغذائية الجاهزة للتوزيع حبيسة المخزن التابع لبرنامج الأغذية العالمي خارج المدينة.
آمال تحقيق السلام
في أواخر يوليو، دعا كبير الأساقفة دانيال دينق بول، الذي يرأس لجنة المصالحة الوطنية التي أنشئت مؤخراً، إلى التنفيذ الكامل لاتفاق السلام الموقع في مايو 2012 من قبل زعماء القبائل الستة الكبرى في ولاية جونقلي.
وأضاف دينق في بيان له أن هذا الاتفاق أسس لعملية "سلام من الجذور"، ولكنها خرجت عن مسارها في وقت لاحق بسبب انتهاكات ياو ياو، الذي "لم يكن تمرده ضد الحكومة المركزية جزءاً من نفس الدينامية الخاصة بالصراع بين القبائل" ولكنه على الرغم من ذلك، جر هذه القبائل إلى الصراع والتسلح مرة أخرى.
كما عبر كبير الأساقفة عن اعتقاده بأن "اتفاق جونقلي للسلام الموقع في عام 2012 لا يزال خياراً قابلاً للتطبيق"، وحث ياو ياو على قبول العفو الذي عرضه الرئيس سيلفا كير.
kh/am/cb-ais/amz
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions