قلة عدد السيّاح وانخفاض مستويات الاستثمار من قبل الدول الخليجية وقلة الفرص التجارية عبر الحدود مع سوريا، كلها عوامل تؤثر سلباً على أكثر الناس ضعفاً في لبنان، بمن فيهم مضيفو العديد من عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. فتقوم الأسر الخاصة في مناطق بالقرب من الحدود السورية في الشمال وفي منطقة وادي البقاع باستضافة معظم اللاجئين في لبنان.
واطلعت إيرين على دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دون أن ينشرها، وتبيّن لها أن هذا يضع عبئاً اقتصادياً كبيراً على المضيفين اللبنانيين في مناطق أصلاً معروفة بأنها من أفقر مناطق البلاد حتى قبل تدفق اللاجئين. وطبقاً لما ذكرته الدراسة، قال 69 بالمائة من 300 عائلة شملتها الدراسة في الشمال و66 بالمائة في وادي البقاع أنهم يستضيفون اللاجئين. ورغم أن العديد من الأسر في الشمال استضافوا أقاربهم بدون أن يقبضوا أي إيجار، حصلت 82 بالمائة من الأسر في البقاع على الأقل على بعض الإيرادات من الإيجار. وتقوم الأسر في الشمال باستضافة ما يصل إلى 7 أشخاص في المتوسط (خمسة أشخاص في البقاع). كما أن 33 بالمائة ممن شملتهم الدراسة في الشمال وفروا المسكن للاجئين لمدة تتجاوز العام الواحد حتى الآن. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من اللاجئين هم من النساء والأطفال الذين يعتمدون اقتصادياً على ضيوفهم.
وقالت الدراسة أيضاً أن 96.5 بالمائة من الأسر المضيفة في الشمال ذكرت أنها شعرت بعبء استضافتها للاجئين. وينطبق الأمر نفسه على 43 بالمائة من الأسر المضيفة في البقاع، حيث وصل معظم اللاجئين منذ أربعة أشهر. وفيما يتمتّع بعض اللاجئين بالموارد الكافية لاستئجار شققهم الخاصة في المدن، فإن العديد من اللاجئين الفقراء ليس لديهم خيار سوى البقاء في المجتمعات الحدودية. هذا وقد قال أكثر من نصف الأسر الذين شملتهم دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الشمال أن نفقاتهم قد ارتفعت لما يزيد عن 30 بالمائة خلال العام الأخير.
وقد يكون تدفق الأموال الأجنبية زاد الأمور سوءاً. فقد ذكرت دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن وجود العديد من منظمات الإغاثة النشطة في المجتمعات الحدودية والتي قدّم بعضها مساعدات نقدية للاجئين قد أدى إلى زيادة معدل التضخم المحلي. ففي الشمال ارتفعت أسعار الأدوية بنسبة 34 بالمائة وارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 12 بالمائة منذ بدء الأزمة في مارس 2011، بينما ارتفعت أسعار الأغذية في البقاع بنسبة 18 بالمائة وارتفعت كلفة التعليم بنسبة 35 بالمائة والمواصلات بنسبة 40 بالمائة.
وقد اعتاد الاقتصاد السوري واللبناني في المناطق الحدودية أن يكونا مترابطين للغاية. فالعديد من الخدمات التي كانت أقل كلفةً على الجانب السوري من الحدود مثل العلاج الطبي والتعليم لم تعد في متناول اللبنانيين.
قيود على عمليات التهريب
كان للنزاع في سوريا أيضاً تأثير على التجارة عبر الحدود. فالتهريب الذي كان بالنسبة للكثيرين مصدراً رئيسياً للدخل أصبح شبه مستحيل. فعلى الجانب السوري، أصبحت الآن الحدود التي كان يسهل اختراقها في السابق مزروعة بالألغام ويتم حراستها بعناية أكبر. وحتى إذا استطاع الناس عبور الحدود، فإن المحروقات مثل البنزين والديزل التي كانت أقل كلفة بكثير في سوريا أصبحت الآن إمداداتها قليلة.
وقال حسن وهو مهرب سابق التقت به شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في موقع تسجيل اللاجئين في وادي خالد بالقرب من الحدود في الشمال: "لم يعد باستطاعتنا عبور الحدود. لقد أصبح الأمر خطيراً جداً. كنت أقوم بتهريب الديزل ولكنني أعيش الآن على مدخراتي". وقد ذكر 91 بالمائة ممن شملتهم دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البقاع أن هناك انخفاض في الدخل منذ أن أصبح من الصعب عبور الحدود بعد مارس 2011. والأمر ينطبق على 89 بالمائة ممن شملتهم الدراسة في الشمال.
وأصبح الحصول على عمل أكثر صعوبة مع وجود منافسة شديدة على الوظائف المنخفضة الأجر من قبل العمال السوريين القادمين للبنان على مدى عقود للحصول على عمل. هذا وقد تضرّرت صادرات المنتجات الزراعية التي اعتمد عليها العديد من المزارعين اللبنانيين الفقراء كمصدر للدخل. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت ميرنا صباغ من وحدة منع الأزمات في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن "العديد من الصادرات الزراعية كانت تذهب عن طريق سوريا إلى العراق أو الأردن. والموقف الآن يؤثر بشدة على القطاع الزراعي". ولم يعد من الممكن تصدير البضائع القابلة للتلف.
kb/cb-hk/bb
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions