وحتى الآن لم تبد الحكومة الإسرائيلية أي مؤشرات على أنها ستتراجع عن قرارها أما النشطاء والسكان المحليون فينامون في مباني القرية تحسباً لقدوم الجرافات.
ومن المقرر هدم قرية سوسيا، التي تقع في القسم الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية ويُدعى المنطقة (ج)، لأنها تفتقر إلى تراخيص البناء التي من المستحيل تقريباً أن يحصل عليها الفلسطينيون.
وتجدر الإشارة إلى أن سكان قرية سوسيا ليسوا الفلسطينيين الوحيدين الذين تواجه بيوتهم خطر التدمير المحدق. وفيما يلي بعض الحقائق التي قد لا تعرفها عن هدم المنازل في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة:
هناك أكثر من نوع واحد من الهدم
يمكن تدمير المباني لأسباب "إدارية" أو "عقابية" على حد سواء.
وقد وقعت سوسيا في مأزق لأنها لا تلبي متطلبات التخطيط، وبالتالي فإنها تواجه خطر الهدم "الإداري". وهذا هو الحال بالنسبة لمعظم المنازل التي دُمرت في الضفة الغربية، بما في ذلك غالبية البيوت الموجودة في المنطقة (ج).
فعلى سبيل المثال، هدم الجيش الإسرائيلي 243 مبنى يمتلكها فلسطينيون في المنطقة (ج) والقدس الشرقية التي تم ضمها إلى إسرائيل حتى الآن هذا العام لأنه اعتبرها مبنية بشكل غير قانوني (من دون تراخيص صحيحة) - من بينها 39 في القدس الشرقية. وبلغ العدد الإجمالي لعمليات الهدم المماثلة في نفس المنطقة 493 مبنى في عام 2014.
ولكن إسرائيل تنفذ أيضاً إجراءات هدم "عقابية"، وتستخدم الجرافات لهدم منازل الفلسطينيين المتورطين في هجمات على المدنيين الإسرائيليين. ووفقاً للإحصاءات الصادرة عن بتسيلم، وهي منظمة حقوق إنسان إسرائيلية، تم تدمير 664 منزلاً بشكل عقابي بين أكتوبر 2001 ونهاية عام 2004. وكان الهدف من عمليات الهدم العقابية أن تكون رادعة، ولكن لجنة عسكرية خلصت في عام 2005 إلى أن تلك العمليات لا تخدم الغرض المقصود وأن شرعيتها مشكوك فيها.
ولم تتم أي عملية هدم عقابية هذا العام، ولكن في وقت سابق من هذا الشهر قامت إسرائيل بإخلاء منزل تمتلكه أسرة رجل في القدس الشرقية وإغلاقه لأنه شارك في هجوم على معبد يهودي أسفر عن مقتل أربعة مصلين وضابط شرطة. وكان الرجل قد لقي مصرعه أيضاً خلال الحادث الذي وقع في خريف عام 2014.
الهدم يحدث داخل إسرائيل أيضاً
يحدث الهدم الإداري داخل إسرائيل أيضاً، لا سيما في القرى البدوية غير المعترف بها من قبل الدولة. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً بتكليف من وزارة الأمن العام الإسرائيلية، فإن هذا النوع من التدمير آخذ في الارتفاع. ففي عام 2013، تم إخلاء 697 مبنى يعود للبدو أو هدمه، وفي عام 2014، ارتفع هذا العدد إلى 1,073.
والجدير بالذكر أن البدو الذين يقطنون قرية أم الحيران في صحراء النقب هم أخر قرويين من هذا النوع يحظون باهتمام بمحنتهم. وتخطط الحكومة الإسرائيلية لبناء مدينة يهودية جديدة على أراضي الدولة حيث يعيش البدو منذ 60 عاماً، وبعد أكثر من عشر سنوات من المعارك القانونية، لا يبدو أن هناك شيئاً يمكن عمله لمنع ذلك.
وتقول الدولة أنها خصصت قطعة أرض أخرى لسكان أم الحيران، وهم مواطنون إسرائيليون، في بلدة بدوية قريبة، لكن معظم القرويين يرفضون هذا الخيار.
تتعرض المستوطنات اليهودية في المنطقة (ج) لخطر الهدم أيضاً. ويخضع المستوطنون في الضفة الغربية لنظام تخطيط مختلف عن النظام المخصص للفلسطينيين، ومن الأسهل بكثير بالنسبة لهم بناء المنازل بشكل قانوني. ولكن ملحقات المستوطنات اليهودية، التي تسمى "البؤر الاستيطانية"، تُقام دون موافقة الحكومة في كثير من الأحيان، وبالتالي يمكن هدمها.
مع ذلك، يتم إصدار أوامر الهدم وتنفيذها بمعدل غير متكافئ، وفقاً للإحصاءات الحكومية التي حصل عليها الباحث في شؤون المستوطنات والناشط درور اتكيس بموجب قانون حرية المعلومات.
وتشير تلك الإحصاءات إلى أنه منذ عام 1988، أصدرت دولة إسرائيل 14,782 أمر هدم لمبان فلسطينية وأقل من نصف هذا العدد، 7,091، لمبان يهودية.
الأمر لا يتعلق فقط بالطوب والملاط
يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الـ243 عملية هدم التي حدثت هذا العام شردت 280 فلسطينياً. كما نزح ستة فلسطينيين هذا الأسبوع وحده.
والأثر الإنساني لحملة الهدم الإسرائيلية بعيد المدى. فقد أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن هدم المساكن يؤدي إلى تدهور كبير في الأوضاع المعيشية للأسر المتضررة، ويمكن أن يمنع وصول المتضررين إلى المياه النظيفة والتعليم والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الأساسية. وفي سوسيا، هناك قلق من أن يتم تدمير الألواح الشمسية التي تولد كمية محدودة من الكهرباء للقرية، وبالتالي حرمان القرية من المصدر الوحيد للطاقة.
وقد وجد تقرير عن هدم المنازل في الضفة الغربية أصدرته المنظمة الخيرية البريطانية إنقاذ الطفولة في عام 2009 أنه من الصعب للغاية على الأسر أن تتعافى مرة أخرى بعد اجتثاثهم. واحتاج أكثر من نصف الأسر التي شملها المسح إلى سنتين على الأقل لإيجاد مكان دائم للمعيشة.
ويتضرر الأطفال بشكل خاص، لأن الأطفال الذين دُمرت منازلهم أكثر عرضة للمعاناة من مجموعة من مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق، أو الانحراف وإظهار سلوك عنيف.
كما حددت منظمة إنقاذ الطفولة الحالة العقلية للآباء والأمهات كمدعاة للقلق بشكل خاص، في حين أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن "التأثير على الرفاه النفسي والاجتماعي للأسر يمكن أن يكون مدمراً".
as/jd-ag-ais/dvh