1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. Somalia

تحليل: إصلاح قطاع الأمن الصومالي

A soldier of the Somali National Army travels through the streets of Mogadishu, Somalia, in the back of a technical. The EU, Britain and other nations pledged significant funds for the reform of the Somali security forces at this year's London Conference Zoe Flood/IRIN
A soldier of the Somali National Army travels through the streets of Mogadishu, Somalia, in the back of a technical. (April 2013)

رفع الجندي الصومالي محمد شيخ اسحق الموجود في ثكنات جاشانديجا في مقديشو زيه العسكري ليكشف عن كتفه الأيمن المشوه، وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): لقد أصبت بالرصاص على أيدي حركة الشباب عندما كانوا يسيطرون على نصف مقديشو. لقد كنت في المنزل ولكنهم كانوا يعرفون أنني جندي".

انضم اسحق إلى الجيش منذ أكثر من عامين وهو يتذكر بفخر دوره في المعارك التي خاضها في أفجوي وجوهر. وأوضح أن مجندين شباب جدد انضموا أيضاً إلى الجيش. وعلى الرغم من أنهم كانوا يفتقدون للخبرة الخبرة والعتاد إلا أنهم كانوا مصرين على محاربة حركة الشباب، وهي حركة متمردة تم طردها من العاصمة في عام 2011 ولكنها ما تزال تسيطر على مساحات واسعة من البلاد.

من جهتها قالت أفراح إبراهيم البالغة من العمر 20 عاماً لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "أريد أن أدافع عن بلادي". وقد انضمت أفراح إلى الجيش كمسعفة على خط الجبهة بعدما سمعت عن نداء للتجنيد في الإذاعة، وأضافت قائلة: "لقد كانت مقديشو بلداً آخر قبل ذلك. لقد كانت خطيرة جداً".

وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد قدم في مؤتمر الصومال الذي عقد في لندن مؤخراً 50 مليون دولار للمساعدة في إعادة بناء قوات الشرطة ونظام القضاء والقوات المسلحة في الصومال. كما التزمت جهات أخرى بتقديم تمويل من بينها الاتحاد الأوروبي الذي وعد بتقديم ما يقرب من 60 مليون دولار. وهناك أمل أن يأخذ المجندون الشباب مثل اسحق وأفراح إبراهيم زمام المبادرة قريباً للحفاظ على السلام في مقديشو ويوماً ما في جميع أنحاء الصومال.

خطط طموحة

وجاءت العديد من المكاسب الأمنية الأخيرة في جنوب وسط الصومال نتيجة لجهود مضنية قامت بها قوة تابعة للاتحاد الأفريقي قوامها 17,700 فرد مدعومة من نظرائهم الصوماليين. وفي الآونة الأخيرة قامت قوات كينية وإثيوبية بصد حركة الشباب وإجبارها على التراجع في جنوب وغرب الصومال على التوالي.

لكن الحكومة الصومالية أكدت أنها تريد السيطرة على الأمن في البلاد. وقد تم اعتماد خطة طموحة في أغسطس الماضي لتحقيق الاستقرار والأمن الوطني. وتحدد تلك الخطة مخططات لإعادة بناء القوات المسلحة الصومالية وبرنامج الأمن القومي وإصلاح الشرطة والقضاء وإنشاء قوات خفر سواحل حديثة. ويأمل القادة في بناء جيش محترف قوامه 28,000 فرد في غضون ثلاث سنوات بتكلفة تقارب الـ 160 مليون دولار في الوقت الذي تتم فيه مضاعفة أعداد الشرطة لتصل إلى 12,000 فرد.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال العميد محمد عبدي مامو، ضابط الاتصال في الجيش الوطني الصومالي، أنه "من المهم جداً إعادة بناء القوات الصومالية وهزيمة المنظمات الإرهابية والقراصنة الذين يهددون الأمن في بلادنا".

وبعد عقدين من الحرب والانهيار شبه الكامل لمؤسسات الدولة، يواجه الصومال تحديات كبيرة لإعادة إصلاح قطاعه الأمني. وتشمل المشكلات القائمة وجود نظام سيطرة وقيادة قومي غير متطور والولاءات القائمة على الانتماء للعشائر المتنافسة فيما بينها وقلة الموارد والمعدات ووجود مخاوف بشأن الانضباط.

علاوة على ذلك، تقاتل القوات الأمنية الصومالية جنباً إلى جنب مع قوات الاتحاد الأفريقي ضد حركة تمرد عنيفة. فالهجمات الأخيرة على العاصمة- بما فيها التفجير الانتحاري بسيارة مفخخة الذي خلف 11 قتيلاً قبل يومين من انعقاد مؤتمر لندن- أكدت على المطالب الهامة في قطاع الأمن.

وقال العقيد أنتوني هوي، المستشار العسكري في مكتب الأمم المتحدة السياسي في الصومال أن "محاولة تدريب تلك القوات يشكل ضغطاً حقيقياً عندما تكون في حالة حرب. ولا أحد يستطيع سحبهم [من الميدان] لأنهم يشكلون جزءاً أساسياً في القتال ضد حركة الشباب".

ويشير المحللون أيضاً إلى أن نجاح القوات الأمنية يعتمد على نفوذ الحكومة. وقال مات برايدن، مدير مؤسسة أبحاث ساهان للقرن الأفريقي أن "القوات الأمنية يمكنها فقط العمل بفاعلية في الأماكن التي حصلت فيها الحكومة على الشرعية المحلية".

من الميليشيات إلى الجيش

وتتكون القوات المسلحة الصومالية من حوالي 20,000 جندي، وهي القوات التي تقاتل حركة الشباب وتشمل ميليشيات غير مندمجة رسمياً في الجيش. لكن حوالي 13,000 جندي فقط هم الذين يحصلون على رواتب منتظمة يدفع معظمها المجتمع الدولي. ويعد الراتب أمراً بالغ الأهمية (الجنود الذين يدفع لهم رواتب يحصلون على 100 دولار شهرياً) في الوقت الذي يهدد فيه الاستياء من مسألة الرواتب الولاء لهيكل القيادة الوطنية.

وقال برايدن: "لا يوجد لدى الحكومة خارج مقديشو في المدى القريب خيار سوى التفاوض بشأن ترتيبات القيادة والسيطرة مع القوات المحلية وتقديم الدعم اللوجستي والمالي والشرعية مقابل الحصول على قدر من الولاء. وسيكون دفع الرواتب في نهاية المطاف أكثر أهمية بكثير لبناء قوة محترفة من الحصول على معدات وأسلحة جديدة".

ويتم أيضاً دمج المنشقين والفارين من حركة الشباب في القوات الأمنية، ولكن تلك العملية ليست بهذه البساطة. فخطر تسلل حركة الشباب يؤكد الحاجة إلى تحسين مكافحة التجسس من قبل الحكومة الصومالية. وفي الوقت نفسه، تقاوم بعض الميليشيات الموالية للحكومة الانضمام إلى القيادة الوطنية بينما تستمر المخاوف بشأن ولاءات المقاتلين في الوحدات العشائرية.

وقال عبدي عينتي، مدير معهد التراث للدراسات السياسية، وهو أول مؤسسة بحثية صومالية، أن "تحديات الولاءات يمكن التغلب عليها من خلال التدريب الأفضل- ليس فقط البدني ولكن التدريب الصارم على حقوق الإنسان وسيادة القانون والقومية".

ويتبع الجيش الصومالي الآن برنامجاً تدريبياً سنوياً. وقد قامت بعثة تدريب الاتحاد الأوروبي، ومقرها أوغندا، بتدريب أكثر من 3,000 جندي ومن المتوقع أن يتم نقل الكثير من التدريبات إلى الأراضي الصومالية هذا العام. وقد قامت قوات الاتحاد الأفريقي أيضاً بتوفير فريق تدريب في حين يتوقع أن تلعب تركيا دوراً هاماً في تدريب الجيش والشرطة.

ولكن التدريب وحده ليس كافياً، كما أوضح العقيد هوي قائلاً: "إنهم يعانون من نقص شديد في المعدات والموارد بصورة لا تمكنهم من قتال حركة التمرد العنيفة".

وقد كان ذلك واضحاً في ثكنات جاشانديجا، فعلى الرغم من التدريبات الحماسية على الأسلحة من قبل الجنود الشباب، كشف العقيد قاسم أحمد روبل أنه لا يوجد أكثر من 100 بندقية من طراز إيه كيه-47 لستمائة جندي في القاعدة العسكرية. 

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أضاف العقيد روبل أن "الجيش يحتاج إلى المزيد من الوقت. فنحن نحتاج إلى المزيد من الأسلحة وأيضاً الدعم المالي من المجتمع الدولي".

وقد خفف مجلس الأمن في شهر مارس حظر الأسلحة الذي استمر لعقدين من الزمن على الصومال، مما يسمح للحكومة الصومالية بشراء الأسلحة الخفيفة لقواتها. لكن وزير الدفاع عبد الحكيم قال الأسبوع قبل الماضي في لندن أنه لم يتم استلام "رصاصة واحدة" أو بندقية منذ رفع الحظر نتيجة "لنقص الموارد".

من الشوارع إلى المحاكم

ويشكل النزاع أيضاً عقبة أمام قوات الشرطة الصومالية لأداء مهامها. وتشمل تعهدات التمويل في لندن تخصيص أموال للمساعدة في مضاعفة أعداد الشرطة وإعادة بناء السجن المركزي في مقديشو. لكن الشرطة تواجه تحديات مشابهة لتلك التحديات التي يواجها الجيش حيث يشير المجندون إلى تدني الأجور ووجود مخاطر كبيرة على أنفسهم وأسرهم.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال اللواء محمد حسن اسماعيل، وهو ضابط اتصال قوات الشرطة الصومالية: "لا يمكننا زيادة أعداد الشرطة دون معرفة الميزانية التي لدينا على وجه التحديد لكي ندفع لهم رواتبهم". وأضاف: "نحتاج أيضاً إلى قضاة محترفين. كقوات للشرطة نحن أيضاً تحت سيطرة القضاء. هناك مستويات عالية من الفساد في الجهاز القضائي- وأحياناً يدفع المجرمون أموالاً للخروج من قبضة العدالة. ولذلك هناك حاجة لأن يكون هناك رقابة من قمة الهرم إلى أسفله".

وغالبية ضباط الشرطة الصومالية البالغ عددهم 6,000 فرد موجودون في مقديشو. وقد خدم البعض منهم في الشرطة قبل عام 1991 وتم التحري عنهم قبل السماح لهم بإعادة الانضمام إلى قوة الشرطة. كما تم تجنيد حوالي 3,500 عنصر شرطة منذ عام 2005. ويتم دفع رواتبهم من قبل المجتمع الدولي بشرط أن يكمل الضباط التدريب الأساسي.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال العريف أحمدو سولي سينجر، مدرب الشرطة النيجيري في قوة الاتحاد الأفريقي أنه "بعد عشرين عاماً من الحرب لا يفهم الناس دائماً دور الشرطة. بعض الناس هنا تربوا على استخدام السلاح، لكني أعلمهم عمل الشرطة الأساسي مع المدنيين. وأجد صعوبة كبيرة في السيطرة عليهم في بداية الدورة التدريبية".

وفي دورية ليلية مشتركة كان ضباط الشرطة الصومالية يحرسون نقطة تفتيش في منطقة هودان ويقومون بتفتيش السيارات بينما يقوم نظرائهم النيجيريون بتأمين المنطقة. وأضاف سنجر: "أقوم بتصويبهم إذا ما قاموا بشيء غير صحيح- أخبرهم أن يتحدثوا بلطف بدلاً من تصويب فوهات بنادقهم".

ولا يشعر السكان المحليون الذين يبيعون القات والسجائر عند مفترق طرق مزدحم بالقلق من وجود الشرطة. وقال عبد الرحمن عدن حسين الذي يعمل سائق تاكسي أثناء تفتيش سيارته: "لا يضايقني وجود الشرطة فهم يقومون بعمل جيد. قبل ذلك، لم تكن لتستطيع أن تقف هنا في الليل".

الانضباط وحقوق الإنسان

وتعد معاقبة قوات الأمن التي ترتكب الجرائم مصدر قلق كبير كذلك. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت لاتيشيا بدر، الباحثة في منظمة هيومان رايتس ووتش أن "القوات الأمنية الصومالية والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت انتهاكات خطيرة. وقد تحدثت مع نساء نازحات تعرضن للاغتصاب على أيدي القوات الأمنية وكذلك مع أفراد فروا من القتال وتم نهب ممتلكاتهم على طول الطريق على أيدي الميليشيات الحكومية".

وفي بداية هذا العام، تم إلقاء القبض على سيدة زعمت تعرضها للاغتصاب على أيدي القوات الأمنية وعلى الصحفي الذي قام بإجراء مقابلة معها بتهمة إهانة المؤسسات الوطنية مما أثار غضباً دولياً. وعلى الرغم من إسقاط تلك الأحكام في نهاية الأمر، إلا أن الحكومة الصومالية واجهت تساؤلات صعبة بشأن التزامها بتشديد الإجراءات ضد جرائم الاغتصاب التي يرتكبها أفراد من القوات الأمنية. وقد أقر الرئيس حسن شيخ محمود بأن بعض قوات الأمن ارتكبت جرائم اغتصاب وقال أنه يجب "هزيمتهم تماماً مثل حركة الشباب".

وقد أكد الرئيس أيضاً على أن الجرائم التي يتم ارتكابها من قبل أعضاء من الجيش لن يتم التسامح معها. ويتم استخدام المحاكم العسكرية المتنقلة التي تتبع القوات إلى خط المواجهة لمحاكمة الجناة المشتبه بهم. وطبقاً لما ذكره العقيد هوي، فإن تلك المحاكم هي من أنشط المحاكم في الصومال، مضيفاً أن "لديهم صلاحيات واسعة النطاق لإدارة الانضباط وهم يأخذون ذلك على محمل الجد".

وعلى الرغم من أن الجيش والشرطة يتلقون تدريباً على حقوق الإنسان وحماية المدنيين، إلا أن منظمة هيومان رايتس ووتش أكدت على أن التدقيق السليم أمر هام أيضاً. وقالت بدر أنه "يجب أن يكون هناك جهود متضافرة لاستبعاد مرتكبي المخالفات سواء من داخل القوات الموجودة أو أثناء أي عمليات دمج للميليشيات".

ومازال أمام قوات الأمن الصومالية طريق طويلة قبل أن تتولى مسؤولية الأمن في البلاد ولكن مع الالتزام بالتغيير والتمويل الكبير الذي تم التعهد بتقديمه يمكنها السير في الاتجاه الصحيح.

zf/rz-hk/dvh

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join