1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Egypt

تحليل: تصدير النفط واستيراد المياه - اقتصاديات الشرق الأوسط المحفوفة بالمخاطر

Egyptians fetching water. Water scarcity has already become a fact of daily life for Egyptians Amr Emam/IRIN
Egyptians fetching water. Water scarcity has already become a fact of daily life for Egyptians
النقاط الرئيسية

• يمكن للتجارة تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة أزمات المياه
• يعزى معظم فقدان المياه إلى ضخ المياه الجوفية
• أهمية جمع مياه الأمطار وجمع البيانات
• تحلية المياه ليست حلاً ناجعاً

تتزايد ندرة المياه في المنطقة الأكثر جفافاً في العالم، وهي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمعدل ينذر بالخطر. مع ذلك، وعلى الرغم من النمو السكاني الهائل (حيث ازداد عدد سكان الشرق الأوسط بنسبة 61 بالمائة خلال الفترة من عام 1990 حتى عام 2010 ليصل إلى 205 مليون نسمة)*، إلا أن التوقعات باندلاع ما يسمى "بحروب المياه" لم تتحقق.

لكن كيف تمكنت هذه المنطقة، التي يقول عنها خبراء المياه أنها لم تعد تملك ما يكفي من المياه لتلبية الاحتياجات الاستراتيجية منذ عام 1970، من تحقيق هذا القدر من الصمود والمرونة في مواجهة ندرة المياه؟

في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أنتوني ألان من كلية كينجز كوليدج في لندن وكلية الدراسات الشرقية والأفريقية أن "التجارة هي الوسيلة الأولى لتحقيق القدرة على الصمود، وهي العملية التي تمكن الاقتصاد من الصمود والمواجهة. وتعتمد القدرة على ممارسة التجارة بشكل فعال على قوة الاقتصاد وتنوعه".

وهذا لا يعني حرفياً أن تستورد الدول المياه بشكل مباشر، لكن نظراً لاستخدام الكثير من المياه في مجال الزراعة (حوالي 90 بالمائة)، وليس للشرب، فإن استيراد المواد الغذائية الأساسية مثل القمح يعني في الواقع استيراد المياه، وهو ما يسميه ألان "المياه الافتراضية".

ونتيجة لذلك، يستورد عدد السكان المتزايد في المنطقة حوالي ثلث احتياجاته الغذائية - وهو رقم يرتفع ارتفاعاً كبيراً في دول الخليج، حيث نسبة الأراضي الصالحة للزراعة لا تكاد تذكر.

وفي حين قد تتمكن قدرة المنطقة على الصمود من حل مشكلة ندرة المياه الشديدة "بأعجوبة" وتجعل الحياة على شكلها الحالي ممكنة في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها قد تخلق نقاط ضعف خاصة بها أيضاً؛ لأن البلدان تحتاج إلى اقتصادات قادرة على توليد ما يكفي من العملات الأجنبية لدفع ثمن الواردات.

وقد يكون هذا أمراً يسيراً في البلدان القليلة السكان والغنية بالنفط، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، لكنه أصعب بكثير في أماكن مثل مصر، التي تناضل من أجل العثور على احتياطيات نقدية لدفع ثمن واردات القمح لحوالي 84 مليون مواطن في ظل انخفاض صادرات النفط الخام وتراجع السياحة.

كما أن مثل هذه "القدرة على الصمود" في مجال التجارة تفوق قدرات دولة مثل اليمن إلى حد كبير - وهي أفقر دولة في المنطقة، ويعيش سكانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة في بيئة تعاني من ندرة شديدة في المياه (وبالتالي من ندرة الغذاء). ويحصل المواطن اليمني على حوالي 140 متراً مكعباً من المياه سنوياً فقط، والعاصمة صنعاء في طريقها لتكون أول مدينة في العالم تفتقر إلى إمدادت مياه مستدامة.

مستقبل مجهول

وبينما اجتمعت عدة عوامل هي التجارة ووفرة الغذاء الرخيص سابقاً في الأسواق العالمية، والنفط - بالنسبة للبعض - الذي يباع بأسعار مرتفعة، لخلق قدرة غير متوقعة على الصمود في مواجهة ندرة المياه، إلا أن هذه العوامل لا تنطبق على جميع البلدان النامية.

وربما تكون التجارة قد حدت من الاعتماد على إمدادات المياه المحلية، لكنها أدت إلى الاعتماد على الأسواق العالمية وعرضت الشعوب لمخاطر تقلبات الأسعار العالمية. كما أنها أخفت خطورة ندرة المياه في الشرق الأوسط وساهمت في إهمال جهود البحث عن حلول أخرى للمشكلة التي لا يبدو أنها ستختفي قريباً.

وقد جدت دراسة حديثة لبيانات الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" الشهر الماضي أن أجزاءً من تركيا وسوريا والعراق وايران على طول حوضي دجلة والفرات فقدت 144 كيلومتراً مكعباً من المياه خلال الفترة من 2003 إلى 2009 - أي ما يعادل حجم البحر الميت تقريباً.

ويعزو تحليل لهذه البيانات نُشر في مجلة أبحاث الموارد المائية نحو 60 بالمائة من الفاقد إلى ضخ المياه الجوفية من الأحواض الجوفية - وهي الاحتياطيات التي يعتمد عليها الناس عند جفاف الأنهار.

حقائق

من المتوقع أن تواجه المنطقة العربية شحاً شديداً في المياه بحلول عام 2015، عندما تقل الحصة السنوية للفرد من المياه عن 500 متر مكعب، وهذا أقل من عُشر المتوسط العالمي (المقدر حالياً بأكثر من 6,000 متر مكعب)، وفقاً لتقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية الصادر عام 2010.

تواجه كافة الدول في هذه المنطقة والمناطق المحيطة بها، عدا ست دول (جزر القمر والعراق ولبنان والصومال والسودان وسوريا)
ندرة في المياه، التي تعرف بأنها أقل من 1,000 متر مكعب من المياه للشخص الواحد في السنة.

تضم المنطقة 3 بالمائة من سكان العالم، وتشكل 10 بالمائة من مساحته، لكنها تمتلك
1.2 بالمائة فقط من احتياطيات العالم من المياه المتجددة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأكثر عرضة للخطر في مجال ندرة المياه، والدول الأكثر تعرضاً للإجهاد المائي هي البحرين (1)، قطر (2)، والكويت (3)، وليبيا (4)، وجيبوتي (5)، والإمارات العربية المتحدة (6)، واليمن (7)، والمملكة العربية السعودية (8)، وعمان (9)، ومصر (10)، وفقاً
لمؤشر مابلكروفت للإجهاد المائي لعام 2012.

تواجه المنطقة ندرة المياه الأسوأ في العالم - وقد يعاني حوالي 100 مليون شخص من
الإجهاد المائي بحلول عام 2050.

بسبب اعتماد المنطقة على الزراعة البعلية، يمكن أن ينخفض إنتاجها الزراعي بنسب تتراوح بين
20 و40 بالمائة بحلول عام 2080.
ولا تستطيع احتياطيات المياه الجوفية الاستمرار طويلاً، كما أن استيراد كميات متزايدة من الغذاء لإطعام أعداد متنامية من السكان لا يعد خياراً مناسباً للبلدان الأكثر فقراً.

القدرة على الصمود والكفاءة

مع ذلك، هناك دروس أخرى في القدرة على الصمود في مواجهة ندرة المياه في الشرق الأوسط - وهي التدابير التي ثبت أنها تبني القدرة على الصمود، أو التي يرى خبراء المياه أنها تعزز قوة النظام على مواجهة المزيد من الصدمات في حال تطبيقها على نطاق واسع.

وبعض هذه الحلول ليست جديدة. فعلى الرغم من أن المنطقة قد تكون في سبيلها إلى الجفاف، إلا أنها كانت جافة منذ فترة طويلة من الزمن، حيث قال حامد عساف، المتخصص في إدارة الموارد المائية في الجامعة الأمريكية في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "ندرة المياه ليست أمراً جديداً على المنطقة،" مضيفاً أن المنطقة تعاني من ندرة المياه منذ آلاف السنين وقد كيف الناس استراتيجيات بقاءهم وفقاً للتغيرات في درجة الحرارة وهطول الأمطار.

وأصبحت القدرة على الصمود ذات أهمية متزايدة في ظل تنبؤ العلماء بتفاقم الظواهر المناخية الشديدة. كما لا تزال هناك درجة من عدم القدرة على التنبؤ، لاسيما في مصر إذ ليس من الواضح ما إذا كان هطول الأمطار سيزداد أو سيتناقص في المستقبل.

لكن القدرة على الصمود تعني استجماع القوة لمواجهة كل ما يحدث. وعلى أي حال، فإن نظم المياه القوية تحاول الاستفادة القصوى مما تملكه - بما في ذلك معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، مثل ما يحدث في محطة الجبل الأصفر لمعالجة المياه في مصر.

حصاد المطر

ويعتبر جمع مياه الأمطار من الأساليب القديمة للتصدي لشح المياه، إذ يوجد في الأردن مثلاً "دلائل على وجود هياكل جمع مياه قديمة يُعتقد أنها أُنشئت منذ أكثر من 9,000 سنة،" كما أوضح رضا العظامات، مدير مركز بحوث المياه والبيئة والمناطق الجافة في جامعة آل البيت في الأردن، خلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

ويجمع الأردن ما بين 400 و420 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، وفقاً للمتحدث باسم وزارة المياه والري عمر سلامة الذي أضاف: "لدينا 10 سدود كبيرة بسعة إجمالية تبلغ 325 مليون متر مكعب، بالإضافة إلى المئات من السدود الترابية في مواقع مختلفة لتطوير المجتمعات المحلية وتغذية المياه الجوفية".

ويمكن أن يتم تجميع المياه على مستوى الأسرة وخاصة في المناطق التي تحصل على ما يكفي من المياه خلال موسم الأمطار. وقال عساف: "إذا كانت منطقتك تحصل على 500 مليمتر من المطر سنوياً، فيمكنك جمع ما يكفي من المياه للاستخدام المنزلي".

وأضاف أن "الناس في لبنان كانوا يحفرون البرك لجمع المياه خلال فصل الشتاء لاستخدامها في وقت لاحق لأغراض الري وتربية الحيوانات".

وأكد أيضاً أن "الفكرة الرئيسية لحصاد المياه هي زيادة رطوبة التربة أو ما يسمى بالمياه الخضراء ... كان المزارعون في المنطقة يشيدون حواجز ترابية صغيرة على المنحدرات لمنع المياه من النزول إلى أسفل، وبالتالي تغذية المنطقة بالمياه، ثم يزرعون خلف تلك الحواجز".

جمع البيانات

وتنبغي الإشارة إلى أن أحد الجوانب الرئيسية لكفاءة استخدام المياه هو جمع البيانات، الذي يعتبر مهماً لإدارة المياه السليمة على المستوى القطري.

"يقول المثل: لا يمكنك إدارة ما لا يمكنك قياسه،" كما أفادت هبة يكن محللة عمليات المياه والصرف الصحي لدى مكتب البنك الدولي بالقاهرة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين). وأضافت أنه "من المهم أن تعرف حجم استهلاكك من أجل إدارته بطريقة جيدة".

وقد اكتسب الأردن، الذي يقول عنه البعض أنه من أكثر الدول التي تمت دراستها في مجال ندرة المياه في العالم، تقديراً واسع النطاق على جهوده في جمع البيانات.

"البيانات الأردنية منظمة بشكل جيد نسبياً، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالزراعة، فحجم استهلاك المياه في كل منطقة معروف على وجه التحديد. لقد وضعوا أدوات القياس في كل منطقة وهناك معلومات عن أنواع المحاصيل المزروعة وكمية المياه التي تستهلكها كل منطقة" كما أشارت هبة الحريري من المجلس العربي للمياه في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

لكن تبادل البيانات في المنطقة محدود، وفقاً لهبة يكن، التي أفادت أن "البلدان لا تتمتع بالشفافية المطلوبة".

حلول أخرى

ويجري الآن تجريب مجموعة كاملة من الحلول والتوصية بها في الشرق الأوسط.

وفي مصر، شجع الربيع العربي المزارعين على أن يكونوا أكثر صراحة في المطالبة بحقوقهم المائية. وقالت يكن من البنك الدولي أن المزارعين يقومون الآن بتشكيل "جمعيات مستخدمي المياه" للمساعدة في إدارة الإمدادات وقد أصبحوا أكثر وعياً بقضايا ندرة المياه.

وأضافت في حوارها مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المزارعين أصبحوا الآن مسؤولين عن المساقي [القنوات المائية]".

وأشارت إلى أن "الناس الذين يزرعون عند نهاية المسقى لا يحصلون على نفس القدر من المياه الذي يحصل عليه الناس عند بدايته. تلقى الناس تدريبات أكثر من قبل حتى يتمكنوا من إدارة الخلافات بين المزارعين والمطالب المختلفة".

وفي أماكن أخرى، تقوم الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ببناء القدرات وإدارة مخطط التكيف مع تغير المناخ، الذي يهدف إلى مساعدة الدول العربية على حماية أنظمتها المائية من آثار المناخ.

وفي حين توفر التجارة بدائل لكثرة استخدام المياه في الزراعة، يتم الوفاء بالعشرة بالمائة المتبقية من الاحتياجات إلى المياه على عن طريق مشاريع تحلية المياه، التي يتم تنفيذ نصفها على الصعيد العالمي في منطقة الشرق الأوسط.

وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في تحلية المياه، التي تعتبر مفيدة بشكل واضح في منطقة لا تضم أي بلدان غير ساحلية، لكنها تقنية كثيفة الاستهلاك للطاقة وتعتمد بشكل كامل تقريباً على الوقود الأحفوري، الأمر الذي يثير مخاوف بيئية أخرى.

وتستخدم المملكة العربية السعودية 1.5 مليون برميل من النفط يومياً لتشغيل محطات تحلية المياه الخاصة بها، على الرغم من أنها تسعى لتطوير محطات تعمل بالطاقة الشمسية.

وتعد الطاقة الشمسية خياراً غير مستكشف إلى حد كبير في مجال تحلية مياه البحر، وأيضاً في زيادة كفاءة شبكات المياه من خلال تقنيات مثل مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية.

الاستهلاك

وعلى الرغم من أن تحلية المياه قد تصبح حلاً متجدداً وفي متناول اليد على نحو متزايد، إلا أن خبراء المياه يقولون أنه لا يمكن استخدامها إلا كجزء من إصلاحات أوسع نطاقاً.

وتحتاج نظم المياه الأكثر مرونة أيضاً إلى التكيف فيما يتعلق بالطلب، بما في ذلك استهلاك أكثر كفاءة للمياه، فضلاً عن التعاون بين الدول لتحقيق الاستخدام المستدام للموارد الحالية.

وقالت الحريري من المجلس العربي للمياه أن "المشكلة أننا نضع خططاً قصيرة الأجل تتغير بتغير الأفراد أو الوزراء".

وكلما زاد الضغط الذي يمارسه تغير المناخ والنمو السكاني على شبكات المياه، ستكون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة إلى كفاءة متزايدة في استخدامها للمياه - ويمكن أن تقدم دروساً لأجزاء أخرى من العالم.

* تعريف الشرق الأوسط المستخدم في إحصاءات منظمة التعاون والتنمية/البنك الدولي هو البحرين وإيران والعراق والأردن والكويت ولبنان وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة واليمن، لكنه لايضم إسرائيل أو الأرض الفلسطينية المحتلة.

dvh/jj/cb-dis/dvh

This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join