1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. South Sudan

جنوب السودان: تخطى العنف في جونقلي

Displaced people in Gumuruk, 40km from Pibor town (Jan 2012) Hannah McNeish/IRIN
Displaced people in Gumuruk, 40km from Pibor town (Jan 2012)

 يستلقي المدنيون الجرحى من كلا جانبي الصراع المتصاعد بين قبيلتي النوير والمورلي في ولاية جونقلي بدولة جنوب السودان جنباً إلى جنب في جو من الحرارة الخانقة بأحد مستشفيات جوبا، عاصمة هذه الدولة الوليدة.

وكان ما لا يقل عن 120,000 شخص قد تضرروا من جراء أعمال العنف التي شهدتها المنطقة، وفقاً لأحدث تقييم أجرته الأمم المتحدة، وقد يزداد هذا العدد بسهولة.

وفي هذا السياق، قالت ليز غراندي، المنسق الإنساني للأمم المتحدة في جنوب السودان، يوم 20 يناير أن "العنف في جونقلي لم يتوقف... ويمكن لخطة الطوارئ التي أعددناها أن تشمل حوالي 180,000 شخص". ويحتاج نصف هذا العدد بالفعل لمعونات غذائية.

وحسب مسؤولين محلين، لقي "الآلاف" من الناس حتفهم في الأسابيع القليلة الماضية، إلا أنه ليس هناك سبيل لتأكيد هذا التقدير من جانب جهات مستقلة. وقد نفت الأمم المتحدة إمكانية تحديد عدد الضحايا في مثل هذه المنطقة الشاسعة خلال مثل هذه الفترة الوجيزة.

وفي داخل المستشفى، تقوم آمون لول تشوب بتهوية ابنتها نيادوك البالغة من العمر أربع سنوات، والتي لم تتمكن من اللحاق بالأسرة أثناء فرارها من الهجوم التي تعرضت له بلدة دوك باديت في مقاطعة دوك في الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 80 شخصاً، حسب تصريحات الحكومة، في حين لقي نحو 70 آخرين حتفهم أثناء هجمات مماثلة شنتها قبيلة المورلي خلال الأسبوعين الماضيين.

وأفادت تشوب، وهي تشير إلى ضمادة تمتد من سرة نيادوك إلى صدرها، أن ابنتها "ظلت بمفردها طوال الليل إلى أن عدت في صباح اليوم التالي لأجدها ملقاة وأمعاءها خارج بطنها بعد أن أطلقوا عليها النار وطعنوها".

وتفيد التقارير الواردة من تلك المنطقة بأن هذه الهجمات جاءت انتقاماً لهجوم شنه حوالي 8,000 شاب من قبيلة النوير بالإضافة إلى بعض أعضاء قبيلة الدينكا، وهي أكبر قبائل المنطقة، على مقاطعة بيبور في أواخر عام 2011، حيث قاموا بهدم القرى وقتل وخطف النساء والأطفال.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) قد قامت بتتبع هذه الحشود القاتلة أثناء سيرها باتجاه بلدة بيبور، ولكن حتى بعد وصول دعم قوامه 800 جندي حكومي، ظلت قوات حفظ السلام في مدينة بيبور التي يبلغ عددها 400 جندي أقل بكثير من المهاجمين، وبالتالي لم تستطع بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان بالقيام بالكثير سوى حث المدنيين بالفرار إلى الأدغال، أو الاختباء خلف خطوط الحماية في البلدة.

وعلى الرغم من أن آلاف الناس، مثل ليلكينغ غادا، اتبعوا النصيحة وحاولوا النجاة بأرواحهم إلا أن القوات المهاجمة طاردتهم في مخابئهم. وهو ما علقت عليه غادا بقولها: "كنا ذاهبين لنختبئ من النوير، ولكنهم عثروا علينا. كنا نجلس دون حراك، ثم جاءوا فجأة وأطلقوا النار علينا فسقطت على الأرض وتركوني، وركض أحد أطفالي، ولكنهم قتلوا اثنين آخرين من أولادي وزوجي رمياً بالرصاص في نفس المكان. أنا الآن وحيدة ولا أعرف ماذا أفعل أو كيف سأربي أطفالي. كانت لدينا أبقار ولكنهم نهبوها... ولا أعرف كيف سأتمكن من البقاء على قيد الحياة".

استهداف الفئات الضعيفة

أفاد بيتر نانو المستلقي على سرير أخر في مستشفى في جوبا وهو يضع جبيرة من الجبس على ساقه التي أصيبت بطلق ناري، أنه لم يستطع إنقاذ جدته من الهجوم على قريته الواقعة بالقرب من بيبور. وأضاف: "كنت أرعاها، ولكن عندما هاجم النوير ركضت مع والدتي وتركنا جدتي فقتلوها رمياً بالرصاص".

وقد أعربت المنظمات الإنسانية والسلطات عن صدمتها إزاء مقتل أو إصابة النساء والأطفال والشيوخ خلال تلك الهجمات. حيث أفادت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) أن نصف المرضى الذين نقلتهم جواً بعد الهجوم على قرية ويك بمقاطعة أورور في 11 يناير كانوا تحت سن الخامسة، وكان غالبيتهم مصابين بطلقات نارية وتعرضوا للضرب. وكان 57 شخصاً قد لقوا مصرعهم وأصيب 53 آخرين بجروح في ويك، حسب التقارير الحكومية.

ويقوم متطوعو الصليب الأحمر في جنوب السودان بتقديم العلاج النفسي لحوالي 150 طفلاً من القصر غير المصحوبين في بيبور، كما نجحت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) في تعقب أهالي 109 طفلاً مسجلاً لديها.

وفي هذا السياق، قال عامل إغاثة ينتمي إلى قبيلة النوير فر من بلدة اكوبو في أوائل يناير: "شاهدت ما لا يقل عن 50 طفلاً اختطفتهم قبيلتي".

أسباب العنف

في بلد يعج بالأسلحة الصغيرة، كثيراً ما يرد ذكر عقود من الهجمات الانتقامية المتبادلة لسرقة الماشية - تمت سرقة حوالي 80,000 رأس ماشية خلال الأسابيع الأخيرة - كتفسير للمصادمات، ولكن هناك أسباب أخرى للصراع.

حيث أفادت جنيفر كريستيان، محللة السياسيات السودانية في مشروع كفى Enough، في بيان صدر في 9 يناير، أن "أسباب العنف تتجاوز الطبيعة الانتقامية للإغارة على الماشية في ولاية جونقلي، وتمس القضايا الأوسع نطاقاً مثل المساءلة والمصالحة والمشاركة السياسية وغياب سلطة الدولة والتنمية...إن العزلة السياسية والأمنية التي تعاني منها القبيلتان ساهمت في صعود سلطات موازية، وجعلت من العنف أحد آليات التصدي للمظالم الواقعة على المجتمع".

كما ذكر مجلس الكنائس السوداني (SCC)أن التغيرات الاجتماعية ساهمت أيضاً في تصاعد العنف، مشيراً في بيان في بيان أصدره يوم 18 يناير إلى أن "هناك فجوة واضحة بين الشباب والقيادات التقليدية والسياسية، حيث ضاعت تقاليد احترام الشباب للكبار والاستماع إليهم. وبدون إشراك الشباب، وإحساسهم بتبني عملية السلام، فإن أي محاولة لإحلال السلام ستفشل". كما حذر البيان من أن "أطفالاً صغاراً للغاية بدؤوا يمارسون الكراهية والقتل لضمان استمرار تلك الممارسات في الجيل القادم".

وقف دوامة العنف

قالت هيلدا جونسون، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في 19 يناير، أنه بدون نشر قوات حكومية كبيرة لفرض منطقة عازلة، سيكون على القوات التابعة للأمم المتحدة في ولاية جونقلي والبالغ قوامها 1,100 جندي جاهز للقتال - أي نصف القوات المنتشرة في جنوب السودان - أن تصنع "المعجزات" لوقف الهجمات الانتقامية الأصغر حجماً على القرى النائية.

وأضافت أن "التحدي الخاص بحماية المدنيين في ظل وجود [نوع جديد من] الهجمات المضادة يعني أن عدم القدرة على التنبؤ بالمهاجمين، وسرعة حركتهم، وصغر حجم المجموعات المتحركة يجعل هذا التحدي في غاية الصعوبة".

كما أعربت جونسون عن قلقها إزاء تزايد استخدام الرسائل المهددة ب "محو مجموعة عرقية بأكملها من على وجه الأرض"، محذرة من أن تلك الرسائل قد تؤدي إلى مزيد من "العنف العرقي المنظم".

وقد تم إحباط جهود الوساطة التي تقودها الكنيسة دون التوصل إلى حل في منتصف شهر ديسمبر، عندما تقرر تأجيل مؤتمر سلام كان مقرراً عقده إلى أجل غير مسمى. وهو ما علق عليه جوزيف غيرو أدينغ، الذي كان يزور أحد أصدقائه من قبيلة المورلي في المستشفى حيث يُعالج من إصابة بعيار ناري مزق أحشاءه بالقرب من مسقط رأسه بيبور، بقوله: "فشلت الكنيسة لأنها لم تحصل على تأييد الحكومة...وإذا واصلنا الانتقام، لن يكون هناك أي حل لهذه المشكلة، إذا لم نأتي إلى هنا [إلى جوبا]، ونقوم بتسوية المشكلة الكائنة في منطقتنا، سوف تنتهي جونقلي من الوجود".

وفي محاولة لوقف العنف، أعلنت الحكومة في 19 يناير انها ستنزع سلاح الأطراف المتحاربة في جونقلي باستخدام القوة إذا لزم الأمر. ولكن لم تلق مثل هذه المبادرات سوى نجاحاً محدوداً أو مؤقتاً في الماضي، وكانت موضع انتقاد من جانب جماعات حقوق الانسان بسبب الحماس المفرط في تطبيقها.

وفي وقت سابق من شهر يناير، حذرت مجموعة من قبيلة النوير تطلق على نفسها إسم الجيش الأبيض من أن أي محاولة جديدة لنزع سلاحها "سوف تؤدي إلى كارثة".

أما مشروع كفى، فيعتقد أن تبني استراتيجية ذات نطاق أوسع أمر ضروري، مشدداً في بيان له على أن "تقديم الخدمات الأساسية، وتوفير الأمن، وإقامة حكم القانون من جانب الحكومة في المناطق التي تسيطر عليها قبيلتي النوير والمورلي تُعد إجراءات ضرورية لانهاء العنف بين الطائفتين على المدى البعيد".

وقد أيد مجلس الكنائس السوداني وجهة النظر هذه قائلاً أنه "من الواضح أن ضعف التنمية محرك رئيسي للصراع في المنطقة، كما تتفاقم المشكلة بسبب إدراك بعض المجتمعات للإهمال الذي تتعرض له. وينبغي جعل تنمية الأجزاء المعزولة من ولاية جونقلي أولوية بالنسبة للحكومة (مثل إنشاء الطرق)، ومجتمع رجال الأعمال (مثل إقامة شبكات الهاتف المحمول) ومجتمع الإغاثة".

ومن ناحيته، أشار أدينغ المقيم في جونقلي في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى وجود صلة مماثلة بين التنمية ووقف العنف، قائلاً أن "جميع تلك المناطق التي تعاني من هجمات لا توجد بها مدارس أو مستشفيات. لا يوجد فيها أي شيء... فهي مجرد قرى تربى فيها الماشية...يجب على الحكومة فتح الطرق والمدارس لأناس لا يعرفون حتى الحروف الأبجدية. وإذا قامت الحكومة بتعليم الأشخاص الأميين، فسوف يستطيعون أيضاً التمييز بين الأشرار والطيبين".

hm/am/mw-ais/amz


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join