أصدرت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز ومنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) مؤخراً تقريراً جديداً تحت عنوان 'تعميم الاستفادة: تعزيز التدخلات الطارئة لمكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة ومرض الإيدز'. وجاء هذا التقرير بخبرين في مجال مكافحة انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة، أحدهما سار والآخر سيء.
يقول الخبر السار أن حوالي مليون مصاب في الدول الفقيرة في مختلف أنحاء العالم بدؤوا عام 2007 يتناولون الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، مما رفع العدد الإجمالي للمستفيدين من العلاج إلى ثلاثة ملايين شخص. كما ارتفعت وتيرة توفير هذا العلاج وبدأ عدد متزايد من الأطفال يستفيدون منه أيضاً.
ويتمثل الخبر السيئ في أن العديد من بلدان العالم لا تزال بعيدة جداً عن تحقيق هدفها المتمثل في توفير العلاج لجميع المحتاجين إليه، حيث أشار التقرير إلى أن حوالي 2.5 مليون شخص أصيبوا بفيروس نقص المناعة المكتسبة في العام الماضي.
وبالرغم من التقدم الملحوظ الذي تم تحقيقه في هذا المجال، بحسب التقرير، إلا أن أقل من ثلث الأشخاص المحتاجين للعلاج في الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط هم فقط الذين تمكنوا من الاستفادة من العلاج خلال عام 2007.
وأشار التقرير إلى أن عدد المستفيدين من العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية ارتفع بنسبة 54 بالمائة عام 2007 وحده، وأن حوالي مليوني شخص منهم يعيشون في دول إفريقيا غرب الصحراء. وبالرغم من انخفاض نسبة الوفيات بفضل زيادة معدلات الاستفادة من العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، إلا أن نسبة الوفيات خلال الأشهر الستة الأولى من العلاج ظلت مرتفعة بشكل غير مقبول" بسبب عجز العديد من المصابين عن الحصول على العلاج إلا بعد فوات الأوان.
كما يشكل داء السل بدوره تحدياً كبيراً للجهود في هذا المجال. فوفقاً للتقرير، يتسبب السل في وفاة حوالي 12 بالمائة من المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة في العالم. فدولة جنوب إفريقيا مثلاً تضم أقل من واحد بالمائة من سكان العالم ولكنها تأوي حوالي 28 بالمائة من مجموع الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة وداء السل معاً.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال جهود الوقاية متعثرة، حيث أفاد التقرير أنه "ينبغي ألا يقتصر عمل القطاع الصحي على مجرد توفير العلاج والدعم والرعاية للمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة، بل عليه أن يتجاوز ذلك ليلعب دوراً أقوى في مجال توفير خدمات الوقاية من الفيروس والترويج لها".
ففي عام 2007، تمكنت حوالي 500,000 سيدة من الحصول على العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية للحيلولة دون انتقال الفيروس إلى الأجنة التي يحملنها، مقابل 350,000 فقط عام 2006. وفي الفترة نفسها، استفاد 200,000 طفل من العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية مقابل 127,000 في نهاية عام 2006. غير أن صعوبة تشخيص الإصابة بالفيروس لدى الأطفال الصغار لا تزال تشكل تحدياً كبيراً يعيق التقدم المرجو في مجال مكافحة المرض.
وفي هذا الإطار، قالت آن فينيمان، المديرة التنفيذية لليونيسف: "نحن نلمس تقدماً مشجعاً في مجال الحيلولة دون انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين. ينبغي أن يكون هذا التقرير حافزاً لنا للتركيز ومضاعفة الجهود بالنيابة عن الأطفال والأسر المصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة ومرض الإيدز".
كما حذر التقرير من احتمال تباطؤ انتشار العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية بسبب ضعف الأنظمة الصحية في الدول التي تشهد أعلى نسب الإصابة، وخصوصاً صعوبة تدريب الموظفين الصحيين والمحافظة عليهم.
كما أن الأنظمة الصحية في المناطق الأكثر معاناة تشهد تدهوراً مستمراً بسبب هجرة العقول والأيدي العاملة المدربة في مجال الصحة وارتفاع نسبة الوفيات الناتجة عن فيروس نقص المناعة المكتسبة بين موظفي قطاع الصحة.
"