لأول مرة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003، تشير الأرقام الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد العراقيين الذين يغادرون سوريا باتجاه العراق يفوق عدد القادمين إليها.
وكانت أول قافلة حافلات مدعومة من الحكومة العراقية قد غادرت دمشق يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني باتجاه بغداد وعلى متنها حوالي 800 لاجئ عراقي اختاروا العودة إلى ديارهم.
ووفقاً لإحصاءات المفوضية، يغادر سورياً حالياً حوالي 1,500 لاجئ عراقي يومياً عائدين إلى ديارهم، مقابل 500 لاجئ عراقي فقط يدخلون إليها في اليوم الواحد. كما أفادت الحكومة العراقية أن 45,000 لاجئ عراقي عادوا إلى ديارهم خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول فقط.
وأشار العديد من اللاجئين العائدين على متن الحافلات إلى أن الحافز الأهم الذي شجعهم على العودة هو إدراكهم لتحسن الأوضاع الأمنية في بلادهم. وعن ذلك، قال أهياف أحمد، وهو أحد العائدين: أغادر لأنني سمعت أن الوضع الأمني يشهد تحسناً، وإذا وجدت أن الأوضاع جيدة بالفعل، فسأعود لأحضر أسرتي".
العوامل المساعدة
غير أن تقريراً أصدرته مفوضية اللاجئين حديثاً أشار إلى أن العديد من اللاجئين يعودون إلى العراق بسبب الصعوبات المالية والقانونية التي تواجههم في البلد المضيف.
وفي هذا الإطار، قالت سبيلا وايلكس، الناطقة باسم المفوضية في سوريا: "يعود معظم الأشخاص إلى ديارهم إما لأنهم استنزفوا مدخراتهم المالية وأصبحوا غير قادرين على سد حاجاتهم أو لأنهم، ولأول مرة، لم يتمكنوا من تجديد تأشيراتهم وحصلوا على أختام المغادرة على جوازاتهم بدلاً عن ذلك".
وفي الوقت الذي كانت فيه الحافلات تنطلق من سوريا، عبّر بعض اللاجئين عن إحباطهم لأن حياتهم "في المنفى" أصبحت مستحيلة، إذ قال خدوم محمد، وهو مغادر آخر: "لم نحصل على أية مساعدة من أحد هنا"، مشيراً إلى أنه لم يعد قادراً على تحمل تكاليف المعيشة في سوريا بسبب تضاعف أسعار الإيجار وارتفاع أسعار البضائع الأساسية بشكل كبير.
أما محمد خزعل، الذي كان يضع أمتعته في حافلته الخاصة المصطفة بالقرب من الحافلات الأخرى، فقال أنه وأسرته اختاروا المغادرة بسبب القوانين الجديدة التي أصدرتها الحكومة السورية والتي تحد من إمكانية تجديد تأشيرات العراقيين. وأضاف قائلاً: "إنني خائف لأنني أرى أن الأوضاع في العراق لا زالت في منتهى الخطورة".
وقد بادرت المفوضية، التي أعربت عن قلقها من أن يكون اللاجئون قد أجبروا على العودة إلى حياة الخطر في العراق، برفع نسبة المساعدات الإنسانية التي تقدمها للاجئين في محاولة لتحسين أوضاعهم وتسهيل حياتهم في سوريا.
ويحصل حوالي 51,000 شخص على المساعدات الغذائية، في حين يحصل حوالي 10,000على مساعدات مالية. وقد صرحت وايلكس أن المفوضية قامت "برفع هذه المساعدات بشكل كبير".
وقالت السلطات العراقية أنها تخطط لمواصلة توفير خدمات النقل البرية المجانية لمواطنيها العائدين إلى العراق.
"