في الوقت الذي يستمر فيه العنف في إجبار حوالي 60,000 عراقي على مغادرة ديارهم شهرياً، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تحذر منظمات الإغاثة من أن تتسبب العراقيل التي تواجهها للوصول إلى المحتاجين في تدهور أوضاعهم الحياتية أكثر من ذلك خصوصاً في أشهر الشتاء.
وفي هذا الخصوص، قالت ميادة معروف، الناطقة باسم منظمة الحفاظ على حياة الأطفال: نتوقع أن يتدهور الوضع أكثر من ذلك. فالشتاء على الأبواب والكثير من الأسر النازحة لم تحصل بعد على الأغطية وأجهزة التدفئة. كما أن الأطفال لا يملكون ما يكفي من الملابس لحمايتهم [من البرد]".
وتكمن أهم المشاكل التي تواجهها منظمات الإغاثة لدى محاولتها مساعدة النازحين العراقيين في عدم قدرتها على تحديد عددهم وأمكنة نزوحهم والطريقة الآمنة للوصول إليهم.
وتقدر مفوضية الأمم للاجئين بأن حوالي 4.4 مليون عراقي أجبروا على مغادرة بيوتهم. وكان العديد منهم قد نزح قبل بداية الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق عام 2003. كما نزح العديد بعد تصاعد النزاع الطائفي في أعقاب الهجوم الذي تم تنفيذه في شهر فبراير/شباط 2006. وتقول المفوضية بأن حوالي 2.2 مليون عراقي نزحوا داخل العراق نفسه في حين لجأ حوالي 2.2 مليون عراقي آخر إلى الدول المجاورة، خصوصاً إلى سوريا (حوالي 1.2 مليون) والأردن (حوالي 750,000).
صعوبة الحصول على أرقام دقيقة
وأفادت أنيتا رامان، مسؤولة التقارير بوحدة العراق بمفوضية الأمم المتحدة للاجئين، بأنه "من الصعب جداً الحصول على أرقام دقيقة حول عدد العراقيين النازحين في ظل الجو المخيم على البلاد مع استمرار التهديدات في الشمال وتغير اتجاهات الحركة بسبب فرض نظام التأشيرات على الحدود السورية".
وأضافت رامان بأن "العديد من اللاعبين يساهمون في توفير الحقائق والأرقام الدقيقة حول النزوح في كل أنحاء العراق، ولكن الوضع الأمني الراهن يعيق قدرة المنظمات الإنسانية على إجراء مسح لكل النازحين في مختلف المحافظات. ففي الأسابيع الأخيرة، ارتفع عدد النازحين في وسط وجنوب البلاد بسبب موجات جديدة من النزوح من جهة وتحسن عملية التسجيل وإدخال البيانات من جهة أخرى".
من جهتها، أفادت جمعية الهلال الأحمر العراقي في تقرير أصدرته في 4 نوفمبر/تشرين الثاني بأن عدد النازحين في العراق أصبح الآن أكبر من عدد العراقيين الذي غادروا البلاد بشكل كلي. فقد "أجبر حوالي 2.3 مليون عراقي على مغادرة مناطقهم في ظل تصاعد التقسيم الطائفي في البلاد"، حسب ما ورد في التقرير.
انخفاض درجات الحرارة
وعملت جمعية الهلال الأحمر العراقي عن كثب، عبر موظفيها البالغ عددهم حوالي 5,000 موظف، ومتطوعيها البالغ عددهم حوالي 95,000 شخص، على مساعدة الأسر النازحة في العراق. وتعتبر هذه المنظمة هي الأهم في توزيع المساعدات الإنسانية في المناطق عالية الخطورة. ولكنها حذرت من العواقب الوخيمة الناتجة عن عدم تمكنها من الوصول إلى النازحين المستضعفين الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة خصوصاً مع استمرار انخفاض درجات الحرارة.
نتوقع أن يتدهور الوضع أكثر من ذلك. فالشتاء على الأبواب والكثير من الأسر النازحة لم تحصل بعد على الأغطية وأجهزة التدفئة. كما أن الأطفال لا يملكون ما يكفي من الملابس لحمايتهم [من البرد] |
وتتراوح درجات الحرارة ببغداد حالياً بين 25 درجة مئوية كحد أقصى و8 درجات مئوية كحد أدنى، وقد تنخفض درجات الحرارة أحياناً في الليل إلى ما دون الصفر.
وتأتي العوامل الجوية المتمثلة في انخفاض درجات الحرارة لتنضم إلى العوامل الأمنية وتزيد من صعوبة وصول عمال الإغاثة إلى العديد من النازحين المحتاجين للمساعدة. وفي هذا الصدد، قال فتاح أحمد، الناطق باسم جمعية المعونة العراقية: "لا زال عدد كبير من العراقيين اليائسين نازحين والعديد منهم يسكن في مناطق يصعب على منظمات الإغاثة الوصول إليها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية"، مضيفاً بأن "الأسر النازحة بحاجة ماسة للمساعدة خصوصاً في المحافظات الجنوبية".
وقال أحمد بأن أهم ما تحتاجه أسر النازحين في العراق هو الخيام ومياه الشرب والحصص الغذائية ونظام صرف صحي جيد ورعاية طبية ملائمة، مضيفاً بأن "التعليم حاجة ملحة أيضاً ولكن لا يمكن للأطفال متابعة تعليمهم ببطون خاوية".
تعليم النازحين
وأفادت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) بأن حوالي 50 بالمائة من النازحين (أي حوالي مليون شخص) هم من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، و220,000 من هؤلاء في سن المدرسة.
الصورة: عفيف سرحان/إيرين |
تقول منظمات الإغاثة كالهلال الأحمر العراقي بأنها تواجه صعوبات في الوصول إلى الأعداد المتزايدة من النازحين |
وأشارت حجاج إلى أن التعليم يعتبر عاملاً آخر من العوامل المثيرة للقلق سواء بالنسبة للنازحين أو بالنسبة للمجتمعات المستضيفة لهم "فالعديد من المدارس باتت تعاني من ازدحام كبير نتيجة تدفق النازحين إليها. وعادة لا تتواجد أمكنة كافية لاستيعابهم جميعاً".