بينما يحث المركز الوطني العراقي لنقل الدم المواطنين على التبرع به لسد الطلب المتزايد، يفضل بعض العراقيين بيع وحدات من دمائهم في المستشفيات على أمل الحصول على بعض المال في المقابل. والذين يحملون زمر دم نادرة هم الأوفر حظاً بالطبع فهم يستطيعون استبداله بالنقود بشكل أسرع من سواهم.
وقال عبد الله فرحان أحمد، الجراح في مستشفى المدينة الطبية: تبحث العائلات اليائسة في العديد من الحالات عن بائعي الدم الذين يتواجدون في محيط المستشفى وفي مركز نقل الدم [في بغداد]. إن الزمر الأغلى ثمناً هي النادرة منها و لا نستطيع إجبار الناس على تقديمها مجاناً".
كما قال أحمد أن "وسطاء" يقفون أمام المركز الوطني لنقل الدم لعرض الوحدات على المحتاجين إليها وهم يطلبون ما بين 20-30 دولاراً مقابل كل 350 سم مكعب من الدم. ففي بلد مثل العراق حيث تصل معدلات البطالة إلى 38 بالمائة، وفقاً لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، يصبح بيع الدماء خياراً يجذب الكثيرين لكسب القوت.
وهذا حال أحد بائعي الدم الذي تحدث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) وفضل عدم الكشف عن هويته، حيث قال: "أحتاج لأن أوفر الطعام لأسرتي بينما يحتاج الآخرون إلى الدم لإنقاذ حياة أحبائهم وهذا تبادل منصف للطرفين. أحضر إلى هنا كل شهر لبيع دمي. أعلم أن علي القيام بذلك بشكل اقل ولكنني عاطل عن العمل وأسرتي بحاجة إلى الطعام".
وأبقي العنف المستمر في بغداد الطلب على وحدات الدم مرتفعاً، فوفقاً لمروان حيدر، المسؤول رفيع المستوى في وزارة الصحة "حال العنف المتزايد في العراق دون تخزين كميات كافية من وحدات الدم".
وأضاف قائلاً: "نحن نرجو أن يتبرع الناس بكافة زمر الدم...وخاصة الزمر النادرة منها مثل AB وO".
وأخبر أحمد شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن واحدة من بين خمس عمليات على الأقل من العمليات التي تجرى في المستشفى تحتاج إلى نقل دم وأنه في العديد من الحالات اضطروا لتأجيل العملية بسبب عدم توفر زمرة الدم المناسبة.
وقال أحمد: "نجري العمليات في الحالات الطارئة فقط، ونقوم بتأجيل عمليات القلب والدماغ حتى تتوفر زمرة الدم المطلوبة – وقد تصل مدة التأجيل هذه في بعض الأحيان إلى أكثر من أسبوعين".
منطقة خطرة
ووفقاً لحيدر، انخفض عدد المتبرعين بالدم منذ يناير/كانون الثاني 2006 مع ازدياد وتيرة العنف في منطقة باب المعظم في بغداد حيث يقع المركز الوطني لنقل الدم، إذ قال: "يقع المركز في إحدى أخطر المناطق في العاصمة والناس يخافون من المجازفة بأرواحهم [بالذهاب للتبرع بالدم]، ولكن علينا أن نستمر في مناشداتنا. لقد طلبنا من وزارة الداخلية تعزيز الأمن في المنطقة للسماح للناس بالتبرع بأمان ولكن انتشار المليشيات ينشر الرعب في المكان".
وكان المركز قد أطلق العديد من الحملات للتبرع بالدم خلال السنوات الثلاث الماضية إلا أن الوضع بات أكثر حرجاً الآن.
فأبو محمد فريز، 41 عاماً، الذي يتبرع بدمه لدى المركز منذ ثمانية أعوام أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن هذه هي المرة الأخيرة التي سيتبرع بها بدمه لأنه لا يستطيع المجازفة أكثر بحياته في ظل الوضع الأمني المتردي.
وأضاف قائلاً: "قبل أن أصل إلى المركز تم توقيفي من قبل الميلشيات والشرطة المحلية عند إحدى نقاط التفتيش...اتهموني بأنني أساند المقاتلين لأن لدي لحية طويلة...أعلم أن ذلك مضحك ولكنهم لم يصدقوا أنه يوجد شخص في تلك المنطقة يود مساعدة عراقيين آخرين عوضاً عن قتلهم...لسوء الحظ سأتوقف عن التبرع حتى اشعر بالأمان للعودة إلى المركز".
"