كان الاجتماع رفيع المستوى الذي عقدته الأمم المتحدة بشأن الإيدز اجتماعاً جريئاً بالتأكيد. فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلاله إلى التزام العالم بالقضاء على مرض الإيدز بحلول عام 2020، قائلاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وسط موجة من التصفيق الحار: "هذا هو هدفنا – لا إصابات جديدة، ولا وصمات عار، ولا وفيات ناجمة عن الإيدز".
وتزامن هذا الحدث، الذي استمر لثلاثة أيام وحضره رؤساء دول ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات مكافحة الإيدز وناشطون من أكثر من 30 دولة، مع الذكرى الثلاثين لاكتشاف مرض الإيدز. وطغت على الاجتماع مناقشات حول أهمية زيادة فرص الحصول على العلاج.
وقد انتهى مؤتمر القمة، الذي انعقد خلال الفترة من 8 إلى 10 يونيو، بتبني إعلان نصَّ على ضرورة سعى الدول إلى مضاعفة عدد المستفيدين من العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية ليصل إلى 15 مليون شخص بحلول عام 2015، والقضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري من الأم إلى الطفل، وخفض حالات الوفاة الناتجة عن مرض السل بين الأشخاص المصابين بالإيدز إلى النصف، وزيادة التدابير الوقائية "للسكان الأكثر تعرضاً للمخاطر".
وقد علق جوزيف ديس، رئيس الجمعية العامة، على الإعلان بقوله: "إن هذا إعلان قوي، ذو أهداف مقيدة بزمن محدد، كما أن خارطة الطريق التي وضعها واضحة وقابلة للتطبيق، ليس فقط خلال السنوات الخمس القادمة، ولكن لما بعدها أيضاً. لقد اعترفت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأن فيروس نقص المناعة البشري يعد واحداً من أكبر تحديات العصر، كما أنها أظهرت من خلال هذا الإعلان قيادة حقيقية في التزاماتها بالعمل من أجل الوصول إلى عالم خال من الإيدز".
غير أن توفير المال اللازم لتحقيق هذه الأهداف لا يزال يمثل مشكلة، إذ يتم إنفاق حوالي 10 مليار دولار سنويّاً في حين يقول برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز والعدوى بفيروسه أنه يحتاج لستة مليارات دولار إضافية. وقد وافقت الدول الأعضاء على زيادة الإنفاق المرتبط بالإيدز إلى ما بين 22 و 24 مليار دولار في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط بحلول عام 2015.
وقد علق الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان على الموضوع قائلاً: "إن القول بأن التمويل الكافي أمر حيوي لنجاح استجابتنا لفيروس نقص المناعة البشري ومرض الإيدز يعد تبسيطاً مخلاً للأمور. إذ لا يمكن لبلدان كثيرة، بما فيها بلدي، أن تحقق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا قبل عشر سنوات، ولا الأهداف الإنمائية للألفية دون دعم من شركائنا في التنمية. وبينما أقدر مساعدتهم، فإنني أغتنم هذه الفرصة لحثهم على بذل كل الجهود الممكنة لتنفيذ وعودهم نظراً لاقتراب عام 2015".
من جهته شدد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، خلال حديثه في جلسة إطلاق خطة عالمية جديدة للقضاء على العدوى بفيروس نقص المناعة البشري في الأطفال، على أهمية التنسيق بين الوكالات الحكومية والهيئات الأخرى، والتكاليف العامة في مساعدة الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشري. وأشار إلى فشل العديد من مؤتمرات الأمم المتحدة في تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسها. كما عبر عن أمله في أن تكون هذه المرة مختلفة مشيراً إلى أن "هذا شيء يمكننا القيام به".
أما خارج القاعة، فقد كانت لافتات المعتصمين تطالب باتخاذ إجراءات عاجلة، حيث قال الناشط لاري برايانت، المتعايش مع فيروس نقص المناعة البشري منذ 25 عاما: "نحن في مفترق طرق. إن قادة العالم يترددون في تنفيذ التزامهم بمكافحة الإيدز في الوقت الذي نحول نحن فيه دفة المعركة".
من جهتها، انتقدت ميشيل تشايلدز، مديرة السياسات وحشد الدعم لحملة الحصول على الدواء
(Access Campaign) التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، بشدة ما وصفته بالـ "كلام المزدوج"، مشيرة بذلك إلى اتفاقيات التجارة الحرة بين البلدان المتقدمة والبلدان الفقيرة التي"تخلق المزيد من الحواجز أمام منافسة الأدوية الجنيسة منخفضة الأسعار وتُضعف فرص الحصول على أدوية حديثة بأسعار معقولة".
اقرأ المزيد |
فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز: خمس دول للمراقبة في 2011 |
مكافحة الإيدز تتطلب المزيد من موظفي الصحة |
من جهته، أفاد تيدو فون شون أنغرير، المدير التنفيذي لحملة العلاج التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، أن " قمة الإيدز برمتها ستتحول إلى مهزلة إذا لم تصدر عنها خطط حقيقية لرفع مستوى العلاج تمكن من استباق موجة الإصابات الجديدة".
بدورها، ترى سيرا سيبيل، رئيسة مركز الصحة والمساواة بين الجنسين في واشنطن، أن ثمة مسألة أخرى شائكة تتمثل في الأخلاق الجنسية التي تمنع بعض البلدان والمشاركين من دعم الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وتعزيز النهج التي تركز على النساء والفتيات في مكافحة فيروس نقص المناعة البشري / الإيدز، مثل مزيج الإجراءات التي تشمل الواقيات الأنثوية.
وجاء في قول سيبيل: "لا شك في أننا سوف نخسر هذه المعركة إذا لم نقم بالتصدي لقضية حقوق المرأة بشكل مباشر...إن المرأة تعيش بين المرض والظلم، وطالما نحن غير راغبين في التعامل مع ذلك، فإن الغلبة ستكون لفيروس نقص المناعة البشري".
ونتيجة للضغوط الصادرة عن الفاتيكان والدول الإسلامية والمحافظين في الولايات المتحدة، تجنب مؤتمر القمة إلى حد كبير القضايا المتعلقة بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، والعاملين في مجال الجنس ومتعاطي المخدرات.
ونُقل عن أديتي شارما، التي تعمل مع التحالف الدولي للتأهب للعلاج في بيون بالهند، قولها: "إنها نفس المساومات القديمة على حقوق الإنسان والسيادة، فبعد مرور 30 عاماً على ظهور هذا الوباء، بالكاد يتم ذكر الفئات المعنية".
ppd/kn/he –ais/amz
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions