يواجه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح منذ بداية شهر فبراير احتجاجات شعبية تطالب بوضع حد لفترة حكمه المستمرة منذ 32 عاماً. وعلى الرغم من أن الحركة المناهضة للحكومة - التي تحاكي التكتيكات التي استخدمت في كل من تونس ومصر لعزل زعيمين قضيا فترات طويلة في الحكم – قد فازت بتنازلات سياسية، لكن صالح رفض التنحي قبل انتهاء ولايته الرئاسية في 2013. وقد لقي ما لا يقل عن 20 شخصاً حتفهم حتى الآن خلال اشتباكات مع قوات الأمن.
ويطالب المتظاهرون بالقضاء على الفساد وخلق فرص عمل وتوزيع أكثر عدلاً للثروة وإصلاح النظام الحكومي الذي حقق أسوأ مؤشرات التنمية في الشرق الأوسط. ولكن نظراً للطبيعة القبلية للسياسة اليمنية ووجود عدد كبير من الأسلحة النارية في أيدي المواطنين، فقد عبّر كثيرون عن قلقهم من إمكانية انزلاق البلاد إلى حرب أهلية تحت الضغط من أجل التغيير، مما سيضيف إلى الأعباء الإنسانية في البلاد. وقد تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى المحتجين ومؤيدي الحكومة في شوارع العاصمة صنعاء وعدن، ثاني أكبر المدن في اليمن، حول آمالهم ومخاوفهم، وتعرضها لكم في هذا التقرير:
أحد المتظاهرين في عدن (فضل عدم ذكر اسمه)
قُتل أربعة أشخاص هنا في المعلا [حي في عدن] يوم 28 فبراير. كانت الشرطة تطلق النار بصورة عشوائية؛ وكانت الطلقات تخترق نوافذ المنازل وغاز الفريون ينفجر في أجهزة تكييف الهواء. كما كان الناس من جميع الأعمار هنا في الشارع. نحن نتعلم أثناء الأحداث، لقد تعلمنا أن غسل الوجه بالبيبسي يمكن أن يخفف تأثير الغاز المسيل للدموع.
نعم يبدو هذا النظام قوياً وبعض الناس خائفون، ولكننا بحاجة إلى إسقاط النظام... نريد إحضار الأشخاص الذين قتلوا [المتظاهرين] إلى هنا. نريد إظهارهم أمام العالم كله قبل أخذهم إلى المحكمة. لقد قتلوا أناساً شرفاء، من أجل ماذا؟ كما لو كنا في حرب.
قد يكون كل شيء على ما يرام إذا رحل الرئيس. نحن مستعدون للمخاطرة بنشوب حرب أهلية من أجل الحصول على فرصة لحياة أفضل. لا أحد تقريباً في عدن لديه وظيفة. إذا رحل [صالح] ستكون هناك فرصة لبناء بلدنا مرة أخرى. نحن نريد فقط إسقاط النظام وتحسين أنفسنا.
محمد الجرادي، مدرس موال للحكومة
لقد جئت إلى [ميدان التحرير في صنعاء] من محافظة ريمة لدعم الرئيس. نحن ندعو أحزاب المعارضة إلى وقف إثارة القلاقل والجلوس على طاولة المفاوضات. لكنهم رفضوا كل التنازلات وعروض بدء الحوار، بل رفضوا حتى المشاركة في الانتخابات [في 2013]. تكون المعارضة في أي مكان آخر في العالم حريصة على المشاركة في الانتخابات، ولكن اليمن هو المكان الوحيد الذي ترفض فيه المعارضة الانتخابات.
هناك مشاكل في اليمن كالفساد مثلاً ولكنها لا تتطلب الإطاحة بالرئيس. إن المعارضة مستمرة في زيادة قائمة المطالب، وهذا لا يصح. قال رئيسنا يجب علينا أن نناقش كل شيء، ولكنهم رفضوا.
ستجرى انتخابات عام 2013 ولكن الآن هذا هو الرئيس الذي انتخبناه [في 2006]. لقد أعلن عدة مرات أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى. وسيتم تحقيق المطالب الخاصة بفرص العمل والتعليم ومساعدة الخريجين، ولكن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا مع مرور الوقت.
الحشود أكبر [في التجمع المناهض للحكومة أمام جامعة صنعاء] لأنهم طلاب. أما هنا، فالكثير منا لديه وظائف وعليه الذهاب إلى العمل. ولكن إذا أُسقطت الحكومة، فسيؤثر ذلك على الشباب، ويعيد البلاد 30 عاماً إلى الوراء ويدمر المكاسب الإنمائية التي حققناها.
مصطفى الطاير، طالب سنة الأولى بكلية الطب، جامعة صنعاء
نواجه عقبات في حياتنا ونريد التخلص منها. لقد قال صالح تعالوا إلى طاولة التفاوض، ولكن الوقت المناسب قد ولى، أما الآن فقد حان الوقت لإجباره على التنحي. الشارع يقول لا لصالح ولا للفساد".
في البداية، كان المتظاهرون من الطلاب فقط، وقد سخرت منا الحكومة. ثم التحقت بنا أحزاب المعارضة، على الرغم من أننا لا نثق بهم بشكل خاص. وإذا كان من سيخلف صالح فاسداً، فإننا سنعود إلى الشوارع.
آمل أن يحقق الاحتجاج نتيجة مماثلة لما تحقق في مصر، ولكن الوضع قد يصبح مثل ليبيا. على الرغم من ذلك، فإن صالح يعرف أخطاءه ولا أعتقد أنه سيقدم على إحداث ضرر [بالبلاد].
أحد المحتجين في جامعة صنعاء (فضل عدم ذكر اسمه)
ولدت في عام 1978 عندما تولى هذا الرئيس السلطة. لقد أنهيت الدراسة الابتدائية والثانوية وحصلت على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وهو لا يزال نفس الرئيس. حتى الآن ليس لدي عمل [بدوام كامل]. أحمل شهادة دكتوراه ولا يوجد لدي وظيفة.
أملنا جميعاً هو تغيير هذا الرجل وبناء دولة أفضل، وأن يكون توزيع الموارد أكثر عدلاً. ولكن لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بعد رحيل صالح وأقاربه، فهم يسيطرون على ثروات هذا البلد.
إنه محترف في خلق أزمات. ولكن إذا ترك اليمن، فسنصبح متحدين، الحوثيون [الذين يطالبون بمزيد من الحكم الذاتي في منطقة صعدة الشمالية]، والحركة الانفصالية في الجنوب [التي ستعمل مع أية حكومة جديدة].
وإذا أتى الرئيس المقبل من الجنوب، فمن شأن ذلك أن يوحد البلاد كلها. يقول قادة الحوثيين أنهم يدعمون التغيير، والقادة الجنوبيون في الخارج يقولون أنهم يدعمون التغيير. كما يدعم جميع أفراد القوات المسلحة الليبراليين التغيير. أما قادة قوات الأمن فهم الوحيدون الذين يدعمون الرئيس... إنهم أقاربه. أما الجنود العاديون فهم مع الشعب.
رجل أعمال موال للحكومة في صنعاء
قال الرئيس أنه مستعد وجاهز للرحيل عن السلطة، ولكن التغيير يجب أن يأتي من خلال صناديق الاقتراع. ونحن في انتظار بديل جيد، شخص لديه ما يكفي من الكفاءة لقيادة هذا البلد. لكن المتظاهرين يريدون الإطاحة بالنظام لأنهم يشعرون بالإحباط ويريدون الإطاحة بالحزب الحاكم بأسره. أما تنظيم القاعدة في اليمن فيحاول اختراق المتظاهرين وإثارة العنف.
من غير المقبول أن يخرج الناس إلى الشارع للمطالبة برحيل الرئيس، فرغم كل شيئ، الشعب هو الذي انتخبه في عام 2006. إذا جاء رئيس جديد إلى السلطة، فستتعرض الوحدة الوطنية للخطر، ولن يستمر أكثر من شهر واحد حتى تنقسم اليمن إلى أربع دويلات.
الصورة: أوبينا أنياديك/إيرين |
المتظاهرون في جامعة صنعاء يفتشون كل شخص قبل دخوله إلى المنطقة |
نعم، الحرب الأهلية قد تكون السبيل الوحيد. أنا على استعداد لحشد المؤيدين لي من أجل القتال دفاعاً عن الرئيس، كما أن 60 إلى 80 بالمائة من شيوخ القبائل يؤيدون صالح.
أمير علي، متظاهر يمني في عدن مقيم بالمملكة المتحدة
الغرب يكيل بمكيالين من أجل الحفاظ على هؤلاء الحكام المستبدين. لماذا لا يغضب [الرئيس الأميركي باراك] أوباما عندما يرى الشباب بدون أي مستقبل في اليمن؟ لماذا لا يتوقف أوباما عن منح صالح المساعدات العسكرية، خاصة عندما يعلم أن النظام يستخدمها لقتلنا؟
الولايات المتحدة لها مصالح، ونحن نفهم ذلك، ولكن نحن أيضاً لدينا مصالح [تغيير النظام] وعليهم أن يفهموا ذلك. إنهم لا يهتمون إلا بنفطنا.
قد يكون المستقبل دموياً، ولكن هذا السيناريو لن يحدث إلا إذا لم يفعل الأشخاص الذين يتمتعون بالاحترام في الغرب شيئاً [للمساعدة في الإطاحة بالحكومة]. وإلا فيمكننا أن نغلق مضيق باب المندب [وهو مضيق استراتيجي يتحكم في الوصول إلى قناة السويس والبحر الأحمر]، هذه المساحة الضئيلة من البحر. إنهم في حالة ركود الآن، دعونا نرى إذا كان يمكن لأوروبا الاستغناء عنا.
القادة العرب لا يريدون أن يتجمع الشباب لتشكيل حركة سياسية، ولكن الأمور لا تدوم إلى الأبد. وسيحدث فرق كبير إذا دعم الجيش الشعب وقال "هذا يكفي"، وعاد إلى الثكنات.
oa/cb-ais/dvh
"