1. الرئيسية
  2. Global

هل تلوح أزمة غذاء في الأفق؟

Vendors at the sprawling German market on the outskirts of Huambo, Angola Guy Oliver/IRIN

انتهى عام 2010 عندما كانت أسعار المواد الغذائية عند أعلى مستوياتها منذ عام 2008، حيث كان العالم في قبضة الأزمة التي فجرها الارتفاع الشديد في أسعار محاصيل الحبوب الأساسية. وقد أدى هذا الارتفاع إلى أعمال شغب في بعض البلدان، والإطاحة بحكومة واحدة على الأقل وتسبب في تجويع أكثر من مليار شخص.

وقد طرحت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) مجموعة من الأسئلة من بينها ما إذا كانت هذه القفزة في أسعار الحبوب متوقعة، وإذا كان هناك ما يمكن فعله لتغيير هذا الوضع. وفيما يلي نظرة فاحصة على ارتفاع الأسعار في 2010.

سؤال: هل تمثل أسعار ديسمبر 2010 بداية أزمة؟

يعتبر معظم الخبراء ارتفاع الأسعار ذروة مؤقتة، ولكن هناك بعض النقاش حول ما إذا كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد وصل إلى المستوى الذي يمكن اعتباره معياراً للأزمة، كالذي سجل في يونيو 2008.

وفي هذا الإطار، قال عبد الرضا عباسيان، أمين الفريق الحكومي الدولي المعني بالحبوب في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن "هذا الارتفاع هو صدمة أسعار... نحن لسنا في أزمة عالمية، فالإمدادات العالمية لم تنفذ". وأضاف أن البلدان تواجه أزمة محتملة اعتماداً على ما إذا كانت تحتفظ بإمدادات وفيرة أو إذا كانت تملك القدرة المالية لاستيراد الغذاء.

وكان مؤشر أسعار المواد الغذائية لشهر ديسمبر 2010 الصادر عن منظمة الفاو يزيد بمقدار واحد بالمائة عما كان عليه في يونيو 2008، ولكن أسعار الحبوب الأساسية كانت أقل بنسبة 13 بالمائة عن الذروة التي بلغتها في يونيو 2008. ولاحظ البنك الدولي في تحليل أجراه أن أسعار المواد الغذائية في ديسمبر 2010 كانت لا تزال تقل بنسبة ثمانية بالمائة عن ذروة 2008.

من جهته، قال روجر ويت، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون الزراعة أن "بعض السلع شحيحة في الأسواق، ومتوسط الأسعار أعلى بكثير من المعدلات الأخيرة، ولكنه لا يزال أقل من الارتفاعات التي شهدناها في 2008،" مستشهداً بإحصاءات البنك الدولي لإثبات وجهة نظره.

وأضاف أن أرقام مؤشر الفاو لأسعار الغذاء في ديسمبر 2010، والتي أظهرت ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار عما كانت عليه في يونيو 2008، "تعطي متوسط الوزن استناداً إلى صادرات البلدان النامية. ونتيجة لذلك، يعطي المؤشر وزناً أكبر للسكر والدهون النباتية، على سبيل المثال، التي أصبحت أسعارها السوقية مرتفعة بشكل استثنائي".

وقال ديريك هيدي، الذي شارك في تأليف كتاب مع شنغن فين حول أزمة أسعار الغذاء في 2007/2008، أن البيئة العالمية الحالية مشابهة جداً لتلك الفترة. "يمكنني القول بأننا الآن في أزمة. فمؤشر الفاو لأسعار المواد الغذائية قد وصل إلى نفس المستوى الذي كان عليه في يونيو 2008، في حين أن مؤشر الفاو لأسعار الحبوب وصل إلى 85 بالمائة من مستوى الذروة الذي بلغه عام 2008. فقد وصلت أسعار السكر إلى ارتفاعات قياسية، وهناك أيضاً بعض الاتجاهات المقلقة لتضخم أسعار المواد الغذائية في العديد من البلدان النامية".

وعلق هيدي، الباحث في المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء، قائلاً أن الزيادة الحالية "تمثل فقاعة صغيرة... فاستجابة العرض في مجال الزراعة بطيئة لأنها موسمية. والأمر يحتاج إلى محصول جيد واحد فقط في إحدى الدول المنتجة الرئيسية، مثل الولايات المتحدة، لجعل الأسعار تنهار مرة أخرى".

وفي تقريرها الذي صدر مؤخراً حول رصد أسعار الغذاء العالمية، قالت منظمة الفاو أن أسعار القمح والذرة في النصف الأول من يناير 2011 ظلت على مستوياتها العالية التي بلغتها في ديسمبر 2010.

سؤال: ما سبب ارتفاع الأسعار؟

يتفق الخبراء على أن الطقس كان عاملاً مهماً. فأسعار الحبوب، وخاصة القمح، بدأت في الارتفاع في النصف الثاني من عام 2010، عندما أدى الجفاف الشديد والحرائق إلى انخفاض الإنتاج في روسيا وأوكرانيا، من أكبر منتجي القمح في العالم.

وقد تسببت تلك الأخبار في رفع أسعار القمح في بعض البلدان بنسبة 45 بالمائة، ووصلت إلى 80 بالمائة في بلدان أخرى خلال النصف الثاني من عام 2010. وتعرضت كندا، وهي منتج آخر رئيسي للقمح، لطقس سيئ للغاية، كما أضاف حظر التصدير الذي فرضته روسيا مزيداً من الزخم.

وأشار هيدي إلى أن الأزمة المالية العالمية كانت سبباً آخر "دفع عدداً من الحكومات - وخاصة الولايات المتحدة - لضخ الأموال في اقتصاداتها وخفض أسعار الفائدة. وتوفر هذه العوامل، جنباً إلى جنب مع الضعف الشديد للدولار الأمريكي، بيئة تفضي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك ارتفاع أسعار النفط، الذي يؤثر أيضاً على عملية إنتاج الغذاء من خلال التأثير على تكاليف الإنتاج والنقل".

وأضاف هيدي وويت (من المفوضية الأوروبية) إلى القائمة استخدام المحاصيل الغذائية في إنتاج الوقود الحيوي.

"وثمة عامل رئيسي آخر ألا وهو المضاربة، التي أبرزها تضاعف سعر القمح في العالم في غضون أسبوعين خلال شهر أغسطس الماضي [2010]، على خلفية توقعات ضعف المحصول في أوكرانيا وروسيا،" وفقاً لويت.

أكبر ارتفاع في أسعار المواد الغذائية خلال شهر (نوفمبر ـ ديسمبر 2010)

البلد

الغذاء

النسبة

السبب

الصومال
(بيدوا)

الذرة البيضاء

50 بالمائة تقريباً

الطقس الجاف

أفغانستان

(هيرات)

القمح ودقيق القمح

20 بالمائة

الأسعار العالمية وأسعار الوقود

موزامبيق

(نامبولا)

الذرة

15 بالمائة تقريباُ

انخفاض الإنتاج

نيجيريا

(كانو)

الذرة البيضاء

أكثر من 10 بالمائة

الغذاء

أوغندا

(كمبالا)

الذرة

أكثر من 10 بالمائة

الطلب في المنطقة

زيمبابوي

(هراري)

الذرة

أكثر من 10 بالمائة

الزيادة الموسمية، وانخفاض المخزون

مدغشقر

الأرز

10 بالمائة

الأمطار الغزيرة، أسعار الوقود، الأسعار العالمية

تايلاند

(بانكوك)

الأرز

10 بالمائة تقريباً

الفيضانات

المصادر: الفاو، البنك الدولي، شبكة الإنذار المبكر من المجاعة

وهناك المزيد من الأنباء السيئة المتصلة بالطقس، إذ قال تقرير الفاو حول مراقبة الأسعار العالمية أن القمح ظل باهظ الثمن في يناير 2011، لأن استمرار هطول الأمطار والفيضانات يعرقلان صادرات أستراليا، وهي منتج رئيسي آخر. كما ساهمت ظروف الجفاف في بعض مناطق زراعة القمح بالولايات المتحدة أيضاً في ارتفاع الأسعار.

وحافظ الطقس الجاف في الأرجنتين، وانخفاض الحجم المقدر من محصول الذرة في الولايات المتحدة، على ارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية، ولكن التقرير لاحظ  أن الحصاد الجيد من الأرز قد أدى إلى انخفاض طفيف في الأسعار، التي ارتفعت بشكل معتدل في الأشهر القليلة الماضية.

سؤال: كيف يؤثر ارتفاع الأسعار على البلدان النامية؟

قال عباسيان أنه لحسن الحظ، شهدت معظم البلدان النامية مواسم حصاد جيدة ولم تتأثر بارتفاع الأسعار العالمية، مضيفاً أن "الناس ينظرون إلى الأثر في عدد قليل من البلدان، ويميلون إلى تجاهل 60 أو 70 دولة لم تتأثر، ثم يطلقون على الوضع وصف أزمة". وعلى الرغم من أن ارتفاع الأسعار العالمية استغرق بعض الوقت للوصول إلى الأسواق المحلية، إلا أنه قد كان للظروف المحلية أكبر الأثر في تحديد تأثيره.

وقال البنك الدولي في تحليله أن ارتفاع أسعار القمح قد انتقل بالفعل إلى بعض البلدان النامية، حيث "سجلت أسعار دقيق القمح نمواً كبيراً خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر [2010] في قيرغيزستان (35 ٪)، وموريتانيا (21 ٪)، وأفغانستان (18 ٪)، والسودان (17 ٪)، وأرمينيا (13 ٪)، وأذربيجان (12 ٪)، وباكستان (11 ٪)، وبوليفيا (11 ٪)".

وقال تقرير الفاو حول مراقبة الأسعار العالمية أن سعر القمح قد قفز بنسبة 20 بالمائة، وزاد سعر الخبز بأكثر من خمسة بالمائة في غضون شهر في ديسمبر 2010 في هيرات، ثالث أكبر مدينة في أفغانستان. ويمكن تفسير الارتفاع الحاد في أسعار دقيق القمح جزئياً بارتفاع تكاليف الوقود. وأشار تحليل البنك الدولي إلى أن أفغانستان تفتقر إلى القدرة على طحن القمح وتستورد الطحين من باكستان وكازاخستان المجاورتين.

ولاحظ هيدي تفاوتاً كبيراً في مقدار استيراد البلدان النامية، وأن بعض الدول استفادت من ضعف الدولار. وقد أصدر البنك الدولي تحذيراً لحكومات مصر والأردن ولبنان، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على واردات القمح، في الوقت الذي تتم فيه حماية المستهلكين عن طريق دعم الأسعار وتتحمل الحكومات العبء الأكبر من التكاليف المرتفعة.

كما يستورد اليمن 82 بالمائة من احتياجاته ولذلك كان "معرضاً للخطر بشكل خاص". فهذا البلد يضم "احتياطي من القمح يعادل أقل من شهر قياساً بمتوسط الاستهلاك الشهري لهذه السلعة ومحدودية الموارد المالية"، وفقاً للبنك الدولي الذي أضاف أن "زيادة أسعار القمح بنسبة 50 بالمائة ستترجم إلى زيادة في فاتورة الاستيراد بما يقرب من 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو أكثر من 20 بالمائة من احتياطي النقد الأجنبي".

ومن المتوقع أن تنتج المغرب وتونس كميات أقل من الحبوب وقد كانتا من الدول المعرضة للخطر أيضاً. ومن المتوقع أن يضاعف المغرب انفاقه على دعم المواد الغذائية والوقود بينما تشهد تونس اضطرابات في الوقت الراهن، فجرتها جزئياً الظروف المعيشية السيئة.

في المقابل، أدت مواسم حصاد الذرة الجيدة في بلدان مثل كينيا إلى خفض الأسعار، ولكن انخفاض إنتاج الأرز في فيتنام جعل هذا الغذاء الأساسي أكثر تكلفة.

وعندما ترتفع الأسعار، تكون الضحية الأولى هي نوعية الغذاء الجيدة. ففي دراسة استقصائية شملت 20,000 أسرة في أفغانستان خلال أزمة أسعار الغذاء 2007/2008، وجد البنك الدولي أن معظم الأسر ضحت بالتنوع في نظامها الغذائي وانتقلت من الأطعمة الغنية بالمغذيات مثل اللحوم والفواكه والخضروات إلى المواد الأساسية مثل القمح لمواجهة زيادة التكاليف. وأثناء "مقايضة الجودة بالكمية"، حصلت الأسر الريفية الصغيرة على كميات أقل من السعرات الحرارية، في حين كانت الأسر في المناطق الحضرية قادرة على تحمل صدمة خفض السعرات الحرارية عن طريق خفض استهلاكها من الأطعمة الغنية بالمغذيات بشكل أكبر.

سؤال: ماذا يمكن للدول أن تفعل؟

يقترح هيدي، الباحث في المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء الإفراج عن مخزونات الحبوب وخفض التعريفات الجمركية على السلع الغذائية المستوردة. "وفي بعض الحالات، يمكن أن تستخدم البلدان سياسات أسعار الصرف للتخفيف من التأثير".

اقرأ المزيد

 أسعار الغذاء الأعلى منذ 2008

 تكلفة الغذاء قد ترتفع أكثر في 2011

 توقعات بارتفاع أسعار الخبز

ولا يحبذ معظم الخبراء فرض حظر على الصادرات، لأن ذلك يؤدي في العادة إلى تفاقم الوضع. وقال عباسيان المسؤول بالفاو أن البلدان التي تحتاج إلى الاستيراد يمكن أن تتفاوض على شروط أفضل. ودعا جميع الخبراء إلى توسيع نطاق شبكات الأمان والإنتاج في البلدان القادرة على ذلك، كحلول طويلة الأجل.

سؤال: هل سيستمر ارتفاع الأسعار؟

يبدو أن هذا هو الواقع. فقد درس هيدي وفين في كتابهما توقعات أسعار المواد الغذائية التي أعدتها وزارة الزراعة الأمريكية، وتلك التي أعدت بالاشتراك بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الميدان الاقتصادي، والتي توقعت ارتفاع أسعار التوازن - نتاج عوامل العرض والطلب المعتادة مثل النمو السكاني والاقتصادي، واتجاهات أسعار النفط واستخدام الوقود الحيوي - على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأضاف هيدي أنه "بمجرد ارتفاع أسعار التوازن فعلياً، سيكون هناك احتمال أكبر لظهور عوامل قصيرة الأجل تحث على تقلبات هائلة على المدى القصير، لأن الأسواق تعاني من نقص بالفعل".

وهناك مثال جيد يوضح ذلك - وهو كيفية تسبب رذاذ ضئيل في فيضان في منطقة تشهد هطول أمطار غزيرة لفترة من الوقت لأن الأرض مشبعة بالفعل.

وقال هيدي أن حالة مماثلة حدثت بعد أزمة أسعار المواد الغذائية عام 1974. "فقد كانت الأسعار أعلى طوال العقد التالي تقريباً، ولكن كان هناك أيضاً المزيد من التقلبات".

jk/he-ais/dvh
"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join