بعد نضال طويل بدأ الأمل في أن يحصل سكان قرية عين هود على الكهرباء يلوح في الأفق، فقد بدأت عملية ربط بيوت القرية، وأولها بيت محمد أبو الهيجاء، بشبكة الكهرباء الإسرائيلية بعد أن غاب عنها النور لما يزيد عن 60 عاماً.
ويقول أبو الهيجاء، وهو مواطن إسرائيلي، حاله حال بقية سكان القرية البالغ عددهم حوالي 250 شخص: أنا الوحيد الذي تم وصل بيته بشبكة الكهرباء... وأتمنى أن يتم وصل باقي البيوت في القريب العاجل".
وأوضح أبو الهيجاء بأن نضال القرويين من أجل الحصول على الكهرباء قد استغرق وقتاً طويلاً بدأ منذ حوالي 30 عاماً.
وتجدر الإشارة إلى أن سكان عين هود كانوا قد نزحوا إلى هذه القرية بعد حرب 1948 بين العرب وإسرائيل، حيث اضطروا لمغادرة قريتهم الأصلية الواقعة بالقرب من مدينة حيفا. وكان عدد النازحين حينذاك يقدر بحوالي 900 شخص لم تسمح لهم القوات العسكرية الإسرائيلية بالعودة إلى ديارهم بعد توقف الحرب، فتشتت معظمهم في الخارج، في حين رفض البعض الآخر المغادرة.
وكان محمد أبو الهيجاء الجَد قد أعاد إنشاء قريته بمساعدة 35 عائلة أخرى على بعد كيلومترين اثنين من موقعها القديم الذي استقر فيه مستوطنون يهود.
وتلقي قضية عين هود الضوء على القرى غير المعترف بها من قبل دولة إسرائيل، إذ أوضحت الناطقة باسم وزارة الداخلية الإسرائيلية بأن الاعتراف بالقرية كان "مشكلة سياسية"، استغرقت وقتاً طويلاً قبل أن يتم حلها في التسعينيات.
وبعد حصولها على الاعتراف، تطلب الأمر أعواماً للموافقة على المخطط الشامل. وبعد صدوره، أصبح بإمكان شركة الكهرباء مباشرة الجزء الخاص بها، والمتمثل في ربط أول منزل بشبكة الكهرباء.
وتقدر المنظمات غير الحكومية العاملة في شمال إسرائيل بما فيها منظمة "جمعية الأربعين" بأن الآلاف من العرب في شمال إسرائيل لا زالوا يعيشون بدون كهرباء وفي بعض الأحيان بدون مياه جارية. أما في الجنوب، فيعاني عشرات الآلاف من البدو من نفس الأوضاع.
وجمعية الأربعين هي منظمة غير حكومية تعمل لتحقيق الاعتراف بالعرب القاطنين في القرى في إسرائيل. ويفيد الموقع الإلكتروني للمنظمة التي تم تأسيسها سنة 1988 في عين هود بأن "عدم الاعتراف بهذه القرى، أدى إلى بقائها بدون بنية تحتية أساسية... إذ يوجد اليوم حوالي 100,000 شخص لا يستفيدون من أبسط مقومات البنية التحتية بما فيها المياه الجارية والكهرباء والتعليم والصحة والطرقات".
وقال أبو الهيجاء: "لم تعترف الدولة بقريتنا إلا في عام 1992 وكان هذا الاعتراف على الورق فقط. ولم نحصل على الاعتراف الشامل إلا عام 2005". وأضاف بأن السلطات حاولت ترحيلهم وأصدرت أوامر بتدمير بيوتهم.
وقال ناطق باسم شركة الكهرباء الإسرائيلية بأنه سيتم ربط باقي سكان عين هود بمجرد أن ينتهوا من تعبئة الاستمارات وتكتمل إجراءات الفحص والتدقيق.
وكان سكان القرية قد حاولوا عام 1980 الحصول على مصادر بديلة للطاقة كالطاقة الشمسية أو النفطية، إلا أن معدات الطاقة الشمسية كانت باهظة الثمن وغير دائمة.
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
جابر أبو الهيجاء وابنتيه. تحتاج تسنيم (يسار) إلى أدوية يجب حفظها في الثلاجة وإلى جهاز تنفس وبما أن العائلة لا تحصل على إمدادات الكهرباء، فإنها تقوم بحفظ الأدوية في ثلاجات الجيران وتستخدم مولداتهم لدى الحاجة لاستخدام جهاز التنفس |
ويعتبر جابر أبو الهيجاء وهو أحد الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل الثقل المادي المرتبط بالتزود بالطاقة وامتلاك مولد كهربائي. فابنته الكبرى، تسنيم، 12 عاماً تعاني من نوبات حرارة مزمنة ومشاكل في التنفس.
ويقول جابر: "تحتاج ابنتي إلى أدوية لابد من حفظها في الثلاجة، ولذلك نضطر لحفظها عند الجيران".
ولكن المشكلة الأكبر هي الاضطرابات التنفسية التي تعاني منها تسنيم، حيث قال والدها: "لدينا جهاز لمساعدتها على التنفس ولكنه يعمل بالكهرباء. وعندما تصيبها النوبة، نهرع إلى بيت الجيران الذين يشغلون لنا مولد الكهرباء الخاص بهم...نحن كمن يعيش قبل 100 عام".
ويعتبر التعليم مشكلة كبيرة كذلك في عين هود. فمنذ عدة سنوات يضطر الأطفال للمشي لعدة كيلومترات كي يصلوا إلى أقرب قرية للحصول على المواصلات إلى المدرسة الثانوية بحيفا.
"