1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Lebanon

كرة القدم تحقق الوحدة في لبنان ليوم واحد

Football healing divisions in Lebanon Rasmus Bogeskov Larsen/IRIN

 عاد شبح الماضي ليحاصر حسين أحمد* صباح أحد الأيام في حي جبل محسن في مدينة طرابلس على الساحل الشمالي للبنان، وهو يعمل على تنظيم أطفال المنطقة المتحمسين في فرق كرة قدم للمشاركة في حدث يهدف إلى تخفيف التوترات الطائفية.

وعندما وصلت الشخصية السياسية المحلية لافتتاح الحدث تعرف أحمد فوراً على الحارس الشخصي المرافق له. فقبل بضع سنوات كان هذا الحارس واحداً من الشبان المسلحين في جبل محسن الذي يشكل معقل العلويين الشيعة وكان أحمد يعمل على الجانب الآخر من الانقسام الطائفي كزعيم لميليشيا سنية من حي باب التبانة المجاور. فاختفى أحمد بعيداً عن الأنظار إلى أن غادرت الشخصية السياسية حتى لا يتسبب في تعكير صفو الحدث.

ولا تزال ذكريات العنف الطائفي حية في هذه المنطقة من طرابلس. ففي الوقت الذي يتشابك فيه السياسيون في البلاد في نزاع محتدم حول المحكمة الدولية التي تحقق في حادثة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في تفجير في عام 2005، يخشى العديد من الأشخاص من احتمال عودة المتاعب إلى الشوارع التي كثيراً ما كانت تشكل مسرحاً لتصفية الحسابات خلال الحرب الأهلية الطويلة بلبنان.

وتصف مجموعة الأزمات الدولية في تقرير جديد صادر عنها الأحياء الفقيرة في طرابلس على أنها المكان الأكثر احتمالاً لتجدد القتال. وجاء في التقرير أن "السكان منقسمون بشدة نتيجة الأحداث الجارية ويحملون ذكريات مؤلمة عن الحرب الأهلية ويتركون إلى حد كبير دون دعم إلى أن يعيدهم تصاعد العنف إلى قلب اللعبة السياسية من جديد". وخلال الشهر الماضي، تم إطلاق صاروخين على جبل محسن مما أسفر عن إصابة ستة أشخاص بجروح.

وعلى الرغم من التوترات، جاء 300 طفل من المناطق المتنافسة وكذلك من قرى شمال طرابلس ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين لحضور مهرجان كرة القدم المنظم ليوم واحد في جبل محسن. ويتجاوز هذا العدد ما كان متوقعاً بحوالي 100 طفل. وقد تم تقسيمهم إلى فرق مختلطة وتشجيعهم على تجاهل خلفياتهم وعقد صداقات جديدة.

وبدا الأطفال، الذين كانوا يرتدون ملابس مختلفة من تنانير وردية وأحذية رقص ذهبية إلى قمصان ليونيل ميسي وأحذية كرة قدم حقيقية، مستمتعين بهذه الفرصة النادرة. وبعد انتهاء المباريات، بدأ أحمد يركض حول الملعب حاملاً مجموعة بالونات والأطفال يتبعونه وقد علت أصواتهم واشتد حماسهم.

شعبية

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تقيم فيها الجهة المنظمة، المتمثلة في منظمة ‘عبرالثقافات’ Cross Cultures غير الحكومية حدثاً في أحد أحياء طرابلس المضطربة. وكانت المنظمة قد أنشأت مدارس وأندية لكرة القدم في معظم أنحاء لبنان، ولكنها لم تبدأ بالعمل مع متطوعين في ثاني أكبر مدينة في البلاد سوى هذا الصيف. وكما هو الحال في أجزاء أخرى من البلاد، أثبتت هذه الفعاليات شعبيتها.

وفي هذا السياق، قالت مها البالغة من العمر 11 عاماً لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "أتمنى لو نتمكن من القيام بذلك كل يوم. لقد كونت عدة صداقات جديدة اليوم". وكانت هذه هي المرة الأولى التي تطأ فيها قدما مها حي جبل محسن مثلما هو الحال بالنسبة لكثير من الأطفال من حي باب التبانة، على الرغم من أن بعضهم يعيش على بعد بضع دقائق فقط سيراً على الأقدام. وقد كانت المنطقتان قبل الحرب الأهلية عبارة عن حي واحد، ولكن الطريق الذي يفصل بينهما الآن مليء بآثار طلقات الرصاص.

وقد حاول ميلاد، الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام ويعيش في حي جبل محسن، أن يلعب كرة القدم مع أقرانه في الجهة المقابلة في الماضي. وتحدث عن محاولاته هذه قائلاً: "ذهبت بضع مرات إلى حي باب التبانة للعب الكرة مع بعض الأولاد الآخرين، ولكن في كل مرة كان الأمر ينتهي بمعركة. أما اليوم فقد مرحنا معاً دون أية مشاكل".

وأقامت عبر الثقافات حتى الآن 90 نادياً في لبنان. وأثارت فعاليات كرة القدم دهشة المنظمين المحليين والأطفال على حد سواء. وقد علقت رباب رمضان، المسؤولة عن أندية الفتيات، على ذلك بقولها: "في السابق كنت أخشى الذهاب إلى الكثير من هذه الأماكن التي ذهبت إليها لتنظيم الفعاليات وإنشاء الأندية. لو قيل لي قبل بضع سنوات فقط أنني سأقف في جبل محسن يوماً ما لما كنت صدقت ذلك بالتأكيد".

وبعد مرور عشرين عاماً على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عادت الضغوط لتتراكم من جديد في الوقت الذي تستعد فيه المحكمة الدولية التي تحقق في مقتل الحريري لإصدار لوائح الاتهام. وقد جاء في تقرير مجموعة الأزمات الدولية أن "العلاقات بين الطوائف وشرعية المقاومة المتمثلة في حزب الله ومصداقية المحكمة وبقاء حكومة الوحدة الوطنية الحالية ومستقبل التقارب الأخير بين السعودية وسوريا والاستقرار الهش للبلاد كلها أمور على المحك".

*ليس اسمه الحقيقي

rbl/oa/cb –amz/dvh

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join