تقف التطبيقات والتقنيات المبتكرة للهاتف المحمول على أهبة الاستعداد للمساعدة في إنقاذ الأرواح وتقديم الإغاثة لملايين المتضررين من الفيضانات في باكستان منذ يوليو الماضي.
فقد قامت مجموعة من الأفراد بإنشاء بوابة إلكترونية باسم "تقرير باكستان" أو Pakreport.org بعد وقت قصير من الكارثة من أجل تلبية الحاجة إلى الحصول على المعلومات في الوقت المناسب وتحديد الاحتياجات في المناطق التي ضربتها الفيضانات والمواقع الدقيقة للنزوح.
وتحدد الخريطة الموجودة على موقع البوابة الإلكترونية المناطق التي تحتاج إلى مساعدة، كما تمكن المتضررين (والمنظمات التي تعمل على مساعدتهم) من تقديم معلومات والحصول عليها بصورة مباشرة. ويمكن إرسال المعلومات عن طريق إرسال رسالة قصيرة إلى الرقم 3441 ليقوم بعدها المشرفون على الموقع بالتحقق من تلك التقارير.
ولكن موقع Pakreport.org ليس المبادرة الوحيدة من نوعها، فخلال برنامج إذاعي قام راجيف شاه، المسؤول بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بدعوة الناس إلى تبادل المعلومات وآخر المستجدات حول جهود التعافي من الفيضان عن طريق إرسال كلمة "فيضانات" في رسالة قصيرة إلى الرقم 7111. وتوجد مجموعة "الفيضانات" على جميع شبكات الهاتف المحمول وتسمح للمستخدمين بالانضمام إليها أو بدء مناقشات عن طريق إرسال رسائل إلى جميع شركاء المجموعة. وقد تم بدء الخدمة المعروفة بهوماري أواز في أكتوبر 2009 بواسطة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أثناء زيارة قامت بها للبلاد.
ووفقاً لما أوردته مدونة وزارة الخارجية الأمريكية، قال شاه: "نحن مسرورون أن لدى باكستان منتدى لتبادل المعلومات يمكن للناس في كل مكان استخدامه لإشراك بعضهم البعض في جهود الإغاثة من الفيضان"، مضيفاً أن "تبادل المعلومات يمكن أن يساعد في ربط الناس بالموارد للمساعدة في التعافي من الكوارث ولإشراك بعضهم البعض في حل المشكلة".
وطبقاً لما ذكرته هيئة الاتصالات الباكستانية، يوجد 99 مليون مشترك في خدمة الهاتف المحمول من إجمالي عدد السكان البالغ 170 مليون نسمة. ويعد هذا العدد معقولاً في بلد لا تزال فيه شبكة الهاتف الأرضي تصل إلى عدد صغير نسبياً من الناس فقط.
ابتكارات هامة
بدوره، أشار موريتسيو جيليانو، مسؤول الإعلام في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أهمية موقع "تقرير باكستان" وغيره من الابتكارات. وقال تقرير أعدته أوتشا أن التقنيات التي تستخدم بيانات الأقمار الصناعية وتقنية نظم المعلومات الجغرافية قد قدمت يد العون للعمل الإنساني. وأضاف التقرير أنه "باستخدام تلك الخرائط تمكنت المنظمات من القيام بعدد من الأمور كالتوصل إلى فهم سريع للجوانب المكانية لحالة الطوارئ ومعرفة الأماكن التي يجري فيها تنفيذ جهود الإغاثة أو [أماكن عدم تنفيذها]، وتحسين جهود الإغاثة المستهدفة والتنسيق مع الآخرين والحصول ببساطة على خرائط مرجعية كبيرة لأغراض التخطيط.
كما يتم أيضاً استخدام خدمات نصية أخرى مثل خدمة "فرونتلاين إس إم إس" FrontlineSMS التي طورت في المملكة المتحدة لدعم المنظمات غير الحكومية المحلية الصغيرة.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت ماريا أحمد، رئيسة فريق الاتصال الجماهيري في المنظمة الدولية للهجرة في إسلام آباد: "نستخدم مجموعة من الوسائل التي تشمل خدمة فرونتلاين إس إم إس في عملنا"، مضيفة أنه "يجب أن يكون هناك خليط من الوسائل المستخدمة خصوصاً وأن الكثير من الناس لا يجيدون القراءة والكتابة ولذلك فإن الرسائل القصيرة والخدمات الأخرى تقوم بدعم الوسائل الأخرى التي نستخدمها للحصول على المعلومات".
البيانات المشتركة
من جهته، قال أندريه فيريتي، مسؤول إدارة المعلومات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه يرى دوراً لمنظمته والمنظمات الأخرى مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أو الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث في العمل مع الحكومات من أجل إنشاء نظام لتبادل البيانات، وربما يتم إنشاؤه أولاً في أكثر البلدان عرضة للكوارث.
وأضاف فيريتي قائلاً: "تخيل لو أنه قد تم بالفعل إنشاء كود قصير [رقم هاتف خاص مكون من أربعة أرقام] وإنشاء موقع إلكتروني وعمليات لمعالجة المعلومات المحددة [قبل حالة الطوارئ]. فعندما تقع الكارثة سيعرف الناس والحكومة كيف يستخدمون النظام... عندها سيكون لدينا ’تقييم مبكر‘ جيد عن الموقف لأن الناس سيبدؤون بإرسال الرسائل القصيرة منذ اللحظة الأولى تقريباً. أعرف أن الكثيرين سيترددون في تسميه هذه الطريقة تقييماً رسمياً، ولكن يمكن استخدامها للمساعدة في تحديد أكثر المناطق تضرراً وباستطاعة المنظمات بعدها إرسال بعثات تستهدف التحقق من التقييم في تلك المواقع".
وأخبر فيصل تشوهان، وهو رجل أعمال ومبتكر في مجال التكنولوجيا في إسلام آباد وعضو أساسي في فريق "تقرير باكستان" شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "موقع تقرير باكستان يقدم نوعين من الواجهات للتفاعل مع المنظمات والأفراد. فهو يوفر لهم الفرصة لتبادل بياناتهم المرمزة جغرافياً مع العالم الخارجي بشكل علني وفي نفس الوقت الحصول على المعلومات من المنظمات الأخرى".
ويعتمد تصميم البوابة على برامج يوشاهيدي الذي تم تطويره في كينيا من أجل تتبع البيانات والمعلومات الخاصة بالأشخاص في الأزمات. وتعني كلمة يوشاهيدي "شهادة" في اللغة السواحيلية وقد تم تصميم الموقع في البداية لرسم خريطة لتقارير العنف في كينيا بعد انتخابات 2008.
ويبدو أن أخبار "تقرير باكستان" بدأت تنتشر بشكل واضح بين ضحايا الفيضانات. وفي هذا الإطار، قال سيد خان البالغ من العمر 32 عاماً من منطقة ناوشيرا بإقليم خيبر بختون خوا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد سمعت عن هذا الموقع الإلكتروني من خلال بعض المنظمات غير الحكومية. وربما سأقوم بإرسال رسالة إليهم إذا استمرت كميات قليلة من المساعدات في الوصول إلينا".
 إنها أداة رائعة وخاصة في موقف كالذي نواجهه |
ولكن فيريتي، مسؤول إدارة المعلومات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قال: "لست متأكداً مائة بالمائة أن موقع تقرير باكستان قد اثبت نجاحه كما هو الحال بالنسبة لموقع يوشاهيدي في هايتي. أعتقد أن السبب في ذلك هو التأخير الطويل في إنشاء الموقع وإجراءات الرسائل القصيرة الأكثر تعقيداً وقضايا القراءة والكتابة".
نشر الرسالة
وقال تشوهان العضو الأساسي في فريق "تقرير باكستان" أنه قد تم عرض مقترح للمساعدة على جميع الشركات الخمس التي تدير شبكات الهاتف المحمول في باكستان، مضيفاً أنه "في هايتي لعبت الشركات المشغلة للهاتف المحمول دوراً نشطاً جداً في نشر الرسالة. نحن نبحث عن نفس الشيء لدى مشغلي شبكات الهاتف المحمول في باكستان".
ويجري حالياً نشر الأخبار الخاصة بعمل موقع تقرير باكستان من خلال وسائل الإعلام وحملات الرسائل القصيرة ومنظمات الإغاثة. كما تتم مناشدة المنظمات الإنسانية لتقديم المزيد من المساعدة من أجل نشر الأخبار الخاصة بتلك التقنية.
وقال أسد علي البالغ من العمر 25 عاماً وهو متطوع لمساعدة ضحايا الفيضانات في مدينة تاتا في السند: "إنها أداة رائعة وخاصة في موقف كالذي نواجهه".
ويقول موقع "تقرير باكستان" حول تقديم المعلومات واستخدامها: "مما لا شك فيه أن الوكالات العاملة في المجال الإنساني ستلاحظ بصورة مباشرة الموقف والاحتياجات الحالية في المناطق المتضررة من الكوارث. نحن نحثهم على وضع تلك الملاحظات والمعلومات القيمة على موقع البوابة لضمان أن تتمكن جميع الأطراف المعنية والوكالات في المنطقة من الاستفادة من هذا التعاون. ويمكن أيضاً للوكالات العاملة في المجال الإنساني الاشتراك في موقع تقرير باكستان واستلام تقارير تم التحقق منها لاستكمال المعلومات الخاصة بها وإرسالها إلى موظفيها".
وفيما يخص التحقق من التقارير يقول الموقع: "يمكن للمنظمات العاملة في المجال الإنساني أن تساعد الفريق في إدارة التقارير المقدمة إلى موقع البوابة. وسيساعد هذا التعاون في الحيلولة دون أن تقوم التقارير المضللة بتشويه البيانات".
kh/at/cb-hk/dvh
