1. الرئيسية
  2. Africa

باكستان: الإدارة المحلية والناس تحت وطأة الفيضان

A flooded Thatta suburb, Pakistan Jaspreet Kindra/IRIN
A flooded Thatta suburb, Pakistan

في باحة المبنى الذي كان على وشك أن يصبح كلية بضواحي مدينة كراتشي الساحلية بباكستان، يغلي الله بخش إبريقاً من الشاي على النار. وكان هو و3,000 شخص غيره قد وجدوا مأوى في هذا المبنى بعد أن اقتلعتهم مياه نهر الإندوس من قراهم الواقعة في محيط ألف كلم من مركز المدينة.

وعلق بخش على ما مر به وغيره من ضحايا الفيضانات بقوله: لم يحتج الفيضان لأكثر من خمس دقائق ليجرف ما قضينا كل حياتنا في بنائه وتجميعه". ويتفق معه العديد من النازحين من قريته، ميربور بوريرو، وكلهم من مزارعي الكفاف الذين جرفت المياه محاصيلهم ومواشيهم وبيوتهم، لتبتلع بذلك سبل عيشهم ومأواهم وأمنهم في جرعة واحدة. مع ذلك، لا يسع بخش إلا أن يردد: "إنها مشيئة الله".

ولا يستطيع العديد من المتضررين التفكير فيما هو أبعد من واقعهم المنهار، فلم تمض سوى 10 أيام فقط على فقدانهم كل ما يملكون. وعلق بخش على ذلك بقوله: "سوف تستغرق المياه شهوراً وربما سنوات لتجف في قريتنا...وحتى ذلك الحين، نحن بحاجة للحصول على عمل لإطعام أسرنا". وخاطب بخش عبد الستار، مسؤول المنطقة، قائلاً: "يجب أن تطلب من الحكومة توفير فرص عمل لنا".

ويشعر القرويون بالامتنان لوجود من يصغي لأوجاعهم، ولكن عبد الستار قال: "لم يتلقوا أية مشورة، فليس لدينا ما يكفي من الموارد لذلك". وأضاف أنهم بحاجة لأماكن يقيمون فيها لثلاثة أشهر على الأقل، "ولكن في بعض الأجزاء من إقليم السند المغمور كلياً بالمياه، قد يحتاج الأمر لبضع سنوات قبل أن تجف المنطقة". وأوضح أنه قد تم إنشاء مخيم الكلية ومخيمين آخرين بالقرب من الميناء، وأضاف قائلاً: "نحاول التفاوض مع بعض الشركات لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم توظيف الرجال كعمالة مؤقتة".

ويشكل مخيم الكلية في خليج هوكس بضواحي كراتشي واحداً من ثلاث منشآت أقيمت في المنطقة من قبل الإدارة المحلية التي تعاني من مشاكل مالية ومن نفس قدر الارتباك الذي يعاني منه المتضررون الذين تحاول مساعدتهم. أما الإدارة الإقليمية فيبدو أنها تعمل بدورها بنظام السحب على المكشوف. من جهته، قال قاضي عياض ماهيسار، المنسق المقيم للأمم المتحدة في إقليم السند: "نحن على استعداد للتدخل وقد بدأنا ذلك بالفعل، ولكن المساعدات تأتي ببطء شديد وبكميات قليلة للغاية".

وفي الوقت الذي يحاول فيه القرويون التعامل مع فداحة خسارتهم، تكافح الإدارة المحلية لاحتواء الآثار المترتبة على جهل المتضررين بقواعد النظافة الصحية، حيث أفاد عبد اللطيف، وهو طبيب حكومي يقوم بزيارات منتظمة للمخيم أنه يرى ما لا يقل عن 40 حالة من حالات الإصابة بالإسهال كل يوم.

وبالرغم من أن هناك مراحيض في المبنى إلا أن رائحتها كريهة للغاية. وأوضح عبد الستار أنه في حال توفرت الموارد، "سنسعى لنقل الناس إلى مخيمات مفتوحة تضم مناطق منفصلة للغسيل والشرب والاستحمام لنتمكن من المحافظة على النظافة العامة".

الاحتياجات العاجلة

وتشكل مياه الشرب النظيفة حاجة ملحة، حيث قال ماهيسار: "لقد حصلنا على أقراص لتنقية المياه ولكنها لا تكفي لحوالي 3.6 مليون نازح في هذا الإقليم...والأرقام مستمرة في الارتفاع في ظل احتمال تعرض تاتا للفيضانات. نتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 4.5 مليون نسمة".

من جهته، يرى مسؤول المنطقة، عبد الستار، أن نقص المعلومات هو المشكلة الأكبر. وأضاف: "أرادت إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية تزويدنا بالمياه المعدنية، وجلبت بالفعل مئات القناني ولكن عندما رأت الناس يستخدمون هذه المياه لغسل ملابسهم لم تعد أبداً".

كما يشكل توفير التغذية الكافية للأطفال حاجة ملحة أيضاً. وأعربت بناظير خاتون، البالغة من العمر 18 عاماً، عن قلقها لعدم تناول الأطفال الحليب منذ خمسة أيام، قائلة: "في القرية، كان لدينا جواميس وكان الأطفال يشربون الحليب يومياً، أما الآن فانظر إلى شحوبهم وضعفهم".

ويوافق ماهيسار، المنسق المقيم للأمم المتحدة، على أن "تغذية الأطفال تشكل مصدر قلق كبير، فالنازحون يحصلون أساساً على طعام الكبار". وتحاول الإدارة المحلية، خلال شهر رمضان، توفير وجبة عشاء مطبوخة بالتعاون مع مانحين من القطاع الخاص.

ويرى عبد الستار أنه من الأفضل تزويد المحتاجين بحصص تموينية أسبوعية من المواد الغذائية غير المطبوخة وتوفير مواقد خارج المخيم لطبخها، معلقاً على ذلك بقوله: "نعاني من مشاكل بالنسبة لتوريد المواد الغذائية المطبوخة إذ لا نستطيع ممارسة الرقابة على الجودة خصوصاً وأنه يتم طبخ الطعام أحياناً خمس ساعات قبل وصوله إلى هنا".

وسوف تضطر الحكومة للبدء في التفكير في استراتيجيات طويلة الأجل لمساعدة الناس على الوقوف من جديد. وقال عبد الستار: "لقد قرأت عن تغير المناخ وأعلم أننا لا زلنا عرضة للمزيد من الفيضانات. لذلك علينا أن نبدأ بالتخطيط لأن أعداداً أكثر من الناس ستجد نفسها مجبرة فيما بعد على النزوح خارج ديارها".

وفي الوقت الذي تشق فيه حشود متزايدة من النازحين بسبب الفيضانات في منطقة تاتا طريقها إلى المخيمات في كراتشي، تردد الإدارة المحلية أنها لا تملك الموارد اللازمة لاستيعابهم. وأوضح ماهيسار أن مخيمات كراتشي ليست سوى مجموعة من عدة مئات من المخيمات الأخرى المنتشرة في جميع أنحاء البلاد تحت إدارة العديد من المنظمات غير الحكومية.

وتقوم الأمم المتحدة، بدعم من المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، بإنشاء مراكز في المدن الكبرى؛ كما أن الفرق التابعة للأمم المتحدة خرجت لإجراء تقييمات من أجل التخطيط للجولة المقبلة من المساعدات التي ستركز على التعافي. وعلق أحد عمال الإغاثة من ذوي الخبرة على ذلك بقوله: "من الصعب القيام بذلك في ظل استمرار تكشف حجم الكارثة. إنني لم أر شيئاً كهذا قط".

وفي مخيم الكلية تتحدث النساء عن ذكرياتهن خشية أن ينسينها في ظل عدم وجود أي تذكير حسي بها. وقالت ساردارا خاتون، أم بناظير: "لقد تدفق النهر عبر ما كان يشكل قريتنا في ذلك الوقت. بعض الناس قالوا لنا أن عمق الماء أصبح يتراوح بين 5 و6 أقدام [1.5 و2 متر]".

وكانت والدة بناظير قد جمعت تجهيزات الزواج لبناتها الثلاث. وتحدثت عن ذلك قائلة: "كان لدي كل ما سيحتجن إليه بما في ذلك غسالة الملابس الكهربائية! كن يتلقين عروضاً للزواج وكنا بالفعل سنقوم بتزويجهن في وقت قريب". كانت التجهيزات جميعها موضوعة جانباً في ركن من أركان بيتهم ولكن "الله وحده يعلم مصيرها الآن".

كما كانت بناظير تملك آلة للخياطة تعمل عليها لجني بعض النقود، حيث قالت: "كنت أقوم بتعديل الملابس التي تأتيني من الناس. لقد فقدنا كل ما لدينا ولكننا لسنا متسولين. لم تكن في قريتنا مدرسة لتعليم البنات، ولكنني تعلمت كسب لقمة العيش من خلال العمل على آلة الخياطة. هل تعتقد أنك تستطيع أن تزودني بواحدة مثلها الآن".

jk/he/oa –amz/dvh 



"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join