في الحين الذي تصل فيه المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لسد معظم الحاجات الأساسية للفلسطينيين، تبقى المصانع عاجزة عن تصدير منتجاتها، مما أدى إلى عمليات فصل مكثفة للعمّال وتفاقم البطالة في منطقة تعاني أصلاً من فقر كبير.
ويتحدث رجال الأعمال عن فصل حوالي 30,000 عاملاً نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ بداية الاقتتال بين حركة حماس من جهة وحركة فتح من جهة أخرى الشهر الماضي، والذي انتهى عندما استولت حركت حماس على القطاع.
وقد أفادت مجموعة بالترايد التجارية المحلية بأن حوالي 80 بالمائة من شركات القطاع الخاص قد أقفلت أبوابها، في حين لا تعمل القلة القليلة الباقية منها إلا بحوالي 60 بالمائة فقط من طاقتها الإنتاجية. كما عملت إسرائيل على إلغاء الرمز الجمركي لقطاع غزة مما زاد من صعوبة استيراد البضائع.
وقال أحد موظفي الإغاثة بأن الاقتصاد في غزة في طريقه إلى التوقف"، في حين تفيد إحصاءات البنك الدولي بأن ما يفوق 80 بالمائة من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر [المحدد في 2.41 دولار يومياً].
الإسمنت
وأصبحت بعض البضائع كالإسمنت غير قادرة على دخول القطاع، مما دفع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى توقيف كافة مشاريع البناء التي تديرها في غزة. وشرح جون جينغ، مدير الأونروا بقطاع غزة، الوضع بقوله: "لقد اضطررنا إلى توقيف مشاريعنا التي تبلغ قيمتها حوالي 93 مليون دولار لعدم توفر الإسمنت وغيره من مواد البناء".
وأضاف في بيان له بأن "هذا كله يعتبر جزءاً حيوياً من العمل الإنساني"، مذكراً بأن الأعمال الرامية إلى توفير مأوى للاجئين ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي ومياه الشرب والمراكز الصحية قد تأثرت كذلك، الأمر الذي سيؤدي إلى "آثار وخيمة على الصحة العامة".
توقع ارتفاع الحاجة إلى الإغاثة
كما فقد الآلاف من اللاجئين وظائفهم حيث عبّر كريس غونيس، أحد المسؤولين في الأونروا، عن قلقه من أن تنشأ حاجة ملحة للمزيد من عمليات الإغاثة قائلاً: "إن انعدام الدخل سيجعل الناس يعتمدون أكثر على المساعدات، وهذا يجعلنا نعتقد بأن عدد المستفيدين من عمليات الإغاثة سيرتفع".
ويتحدث الناس في غزة عن وضع ميؤوس منه نظراً لقلة فرص العمل، فبعضهم بات مضطراً إلى العمل برواتب ضئيلة حتى يتمكن من توفير بعض النقود لأسرته، وهم يلومون الأغنياء متهمينهم بالاستفادة من الوضع الحالي.
موقف إسرائيل
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
أغلق معبر كارني التجاري منذ 12 حزيران/يونيو |
وقال المسؤولون بأنهم يسعون إلى "تفادي أزمة إنسانية في قطاع غزة"، غير أن المراقبين عبروا عن قلقهم لضعف المحاولات الرامية إلى تفادي انهيار الاقتصاد في قطاع غزة، وتقليل الاعتماد على المساعدات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة. وأفادت السلطات العسكرية بأنها لا تستطيع إعادة فتح معبر كارني أمام الصادرات لأنها تحتاج من أجل ذلك إلى تعاون من الطرف الفلسطيني وهو التعاون الذي لا تستطيع حركة حماس توفيره.
القطاع الخاص
وبما أن إسرائيل لن تتحاور مع حماس، وبما أن هذه الأخيرة لا تعترف بإسرائيل، فإن التنسيق حول دخول البضائع يتم أساساً بين الجيش وشركات القطاع الخاص، في حين تقوم منظمات مثل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بمراقبة الأسواق والاحتياجات في غزة. غير أن عمّال الإغاثة يرون بأن هذا الوضع يجب أن يكون وضعاً مؤقتاً فقط، إذ لا ينبغي أن تحدد مصالح الشركات البضائع التي ينبغي دخولها إلى القطاع. ويقول بعضهم بأنه يجب أن يتم تعيين جهة مستقلة ذات اطلاع صحي وغذائي للإشراف على هذه العمليات.
دفع الرواتب
إن انعدام الدخل سيجعل الناس يعتمدون أكثر على المساعدات، وهذا يجعلنا نعتقد بأن عدد المستفيدين من عمليات الإغاثة سيرتفع |
ومن جهتها، قالت هنادي، وهي أم لطفلين وحامل بالثالث، وتعيش في بلدة بيت ساحور المجاورة بأنها لم تحصل إلا على جزء من راتبها وبأنها لا زالت تنتظر الحصول على أكثر من 6,000 دولار.
"