رغم التأثير السلبي للجفاف في شرق وشمال شرق سوريا على الحياة وسبل المعيشة، قد يحصل المزارعون على بعض الأمل والراحة من قصة نجاح مشاريع الري في منطقة السالمية الوسطى.
فقد امتد نشاط المشروع التجريبي للري بالتنقيط الذي كان يديره برنامج منظمة آغا خان لدعم المناطق الريفية في قرية فريتان من دعم مجموعة ائتلافية تتكون من 17 مزارعاً في عام 2003 إلى 52 قرية في الوقت الحالي.
وتم اختيار قرية فريتان بسبب توافر الأراضي المروية والآبار فيها. وهي منطقة كان غالبية المزارعين فيها ما زالوا يستخدمون الشكل التقليدي للري"، كما أخبر إيرين علي زين، مدير المشروع في السالمية.
وأوضح زين أن نظم الري بالتنقيط تستمر لمدة تترواح بين خمس وعشر سنوات، مما أدى إلى حصول المزارعين على المزيد من الأرباح بعد فترة طويلة من تركيب نظم الري ودفع ثمنها. عند استخدام نظام الري بالتنقيط، يستفيد النبات بنسبة 90 في المائة على الأقل من المياه، في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى 60 في المائة عند استخدام الري السطحي.
ونظام الري المحسن هذا يسحب المياه من البئر ويرسله مباشرة إلى النباتات من خلال سلسلة من الأنابيب المثقوبة بمئات من الثقوب الصغيرة، مما يحد من التدفق الإجمالي للمياه بغرض خفض الفاقد.
وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، انخفضت مساحة الأراضي المروية حول السالمية إلى أقل من النصف، وجف 60 بالمائة من الآبار هناك. كما كان منسوب المياه الجوفية ينخفض في بعض المناطق بمعدل متر واحد سنويا منذ عام 1985، وأصبحت سوريا بالفعل تعاني من "ندرة المياه".
التمويل المتناهي الصغر
في الماضي ، كان من الصعب على المزارعين الحصول على قروض حكومية لعدة أسباب منها شرط امتلاك آبار مرخصة، وإثبات ملكية الأرض، ووجود ضامن للمبلغ الذي يريدون اقتراضه.
ويقدم معهد التمويل الأصغر بسوريا، الذي افتتح فرعه الثالث في دمشق يوم 28 يناير، قروضاً جماعية للمزارعين في فريتان وقرى أخرى في منطقة السالمية. حيث بدأ برنامج دعم المناطق الريفية العمل على حقول تجريبية للخضروات الصيفية في عام 2004، وبدأ في تقديم القروض الجماعية في السنة التالية.
وأضاف زين أنه في نهاية المطاف تم التغلب على الشكوك المحلية حول المشروع وشارك جميع المزارعين السبعة عشر في المشروع. وأضاف أن حوالي 90 بالمائة من الأراضي المستخدمة لزراعة الخضروات الصيفية وأشجارالفاكهة في منطقة السالمية تزرع الآن بواسطة الري الحديث.
وتتراوح أحجام القروض لأغراض الري بالتنقيط بين 5000 ليرة سورية (100 دولار أمريكي) و18000 ليرة سورية (360 دولار)، وفقاً لمساحة الأراضي والمعدات التي يحتاجها كل مزارع، والمجموعة بالكامل مسؤولة عن سداد القرض. كما أسس مزارعو فريتان جمعية لاستخدام المياه واختاروا رئيساً لإدارة القرض ومحاسب لجدولة التمويل والدفعات المالية الواجب دفعها، كما قال زين.
الربح المتبادل
يتمثل النجاح الحقيقي للمشروع في الجمع بين زيادة الدخل وخفض استخدام المياه.
استخدم المزارعون مياه أقل بنحو 30 بالمائة هذا العام لزراعة الخضروات الصيفية وأدى التبني الجماعي لتكنولوجيات جديدة إلى زيادة المحاصيل بحوالي 60 بالمائة، وفقاً لشبكة آغا خان للتنمية.
قال زين أن "الأمر بسيط جداً، بسبب توافر المياه، يستطيع المزارعون على سبيل المثال إعادة زرع الأرض مرتين في سنة واحدة".
قال أبو عليم (85 عاماً) الذي يزرع أرض مساحتها أربعة هكتارات منذ أكثر من 50 عاماً، أنه حصل على مزايا أخرى لنظام الري بالتنقيط. "بما أننا نضخ كميات أقل من المياه لري المحاصيل، فنحن نستخدم وقود ديزل أقل وهذا أمر جيد لأن تكلفته زادت ثلاث مرات عما كانت عليه منذ عامين".
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل المزارعون نصف الوقت الذي كانوا يعملونه من قبل، كما تم خفض تكاليف الوقود بنسبة تصل إلى 64 بالمائة، وفقاً لطاهر، نجل أبو عليم.
وفي الوقت الحالي يتم تطبيق نموذج فريتان في المجتمعات الأخرى بمنطقة السالمية، لتقديم القروض اللازمة لتلبية الاحتياجات الزراعية الأخرى، مثل علف الحيوانات بهدف دعم سبل العيش الريفية.
"
