على غرار معظم الأطفال المكفوفين وضعاف البصر في باكستان -- وكذلك العديد من الذين يمكن تصحيح بصرهم -- لا تذهب كانيز فاطمة ذات العشر سنوات إلى المدرسة. وعن ذلك قالت والدتها بشرى بيبي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): إنها لا ترى السبورة بوضوح. ولكننا لا نعرف السبب، لذا قالت معلمتها أنها لا تستطيع أن تتعلم".
ولم يسبق لبشرى وزوجها النظر في احتمال أن تكون مشكلة ابنتهما مجرد خطأ انكساري يسهل تصحيحه باستخدام نظارة. فالزوجان لم يحصلا سوى على القليل من التعليم النظامي ولديهما طفلان آخران يحتاجان إلى الرعاية.
وقالت بشرى: "ليس لدينا المال لأخذ كانيز إلى طبيب أو شراء النظارات". يبلغ دخل أسرتنا 8 آلاف روبية (100 دولار) شهرياً".
ووفقاً لنياز الله خان، مدير مكتب منظمة "سايت سيفرز" الدولية في باكستان، وهي منظمة خيرية تسعى إلى علاج فقدان البصر والوقاية منه في الدول الفقيرة وتتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، هناك 1.4 مليون شخص مصاب بالعمى في باكستان، من بينهم 45 إلى 48 ألف طفل دون الخامسة عشرة.
وأخبر خان شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "ثلاثة أضعاف هذا العدد من الأطفال ضعاف البصر".
وتعرّف منظمة الصحة العالمية ضعف البصر على أنه "حدة الإبصار التي تقل عن 6/8، وتعادل أو أفضل من 3/60 في العين الأفضل مع أحسن تصحيح". وتشير أيضاً إلى أنه على الصعيد العالمي، هناك عبء كبير بسبب الأخطاء الانكسارية والتي يمكن تصحيحها باستخدام التعديل البصري المناسب.
وقال الدكتور نيشات كاوسر، وهو طبيب عام: "كثيراً ما نعاين أطفالاً يعانون من مشاكل في العين وعلى الرغم من أننا نحيلهم إلى عيادات العيون المجانية، لا يأخذ بعض الآباء والأمهات أطفالهم إلى هناك. إنهم لا يدركون أن ضعف البصر يمكن أن يؤثر على التعلم ونوعية الحياة. وكثيراً ما يحاول الناس شراء نظارات رخيصة من الباعة على جانب الطريق".
ولا يوجد في الوقت الحاضر سوى 64 مدرسة للأطفال المكفوفين وضعاف البصر في باكستان التي يقدر عدد سكانها بحوالي 165 مليون نسمة.
وقال خان "نحن نحاول، في إطار سياسات الحكومة الجديدة، تسهيل التعليم في المدارس العامة للأطفال الذين يعانون من درجات إبصار متدنية إلى معتدلة، لأن البيئة في مدارس المعاقين لا تصلح لهم. فهم بحاجة للعيش مع أناس عاديين وتعلم التكيف مع ظروفهم".
إعتام عدسة العين
تم تشخيص حالة أروسا هارون، 12 عاماً، على أنها إعتام عدسة العين في كلتا العينين قبل عام. وكان والداها، وكلاهما يعمل أمين مكتبة، قادرين على دفع تكاليف عملية جراحية في عيادة خارجية بمستشفى خاص. وقالت أروسا: "أستطيع أن أرى جيداً من جديد".
ويوجد ما بين تسعة آلاف وعشرة آلاف طفل مكفوف في باكستان بسبب إعتام عدسة العين، وهي حالة تشكل 53 بالمائة من جميع المكفوفين في هذا البلد.
ووفقاً لمنظمة "سايت سيفرز"، تجرى 3,000 إلى 4,500 جراحة إعتام عدسة العين للأطفال سنوياً.
ومع ذلك، هناك تهديدات أخرى للنظر، بعضها مرتبط بالفقر. فالفقر كان أحد أسباب مشكلة كانيز، التي تنتمي إلى أسرة منخفضة الدخل، وتعاني من وجود خطأ انكساري غير مصحح، في حين أن أروسا، التي تنتمي إلى أسرة لديها المزيد من الامتيازات، عولجت قبل أن يؤثر ضعف البصر على تعليمها.
وقد أكدت بعض الدراسات العلمية الصلة بين الفقر والعمى.
نقص فيتامين (أ)
ويعتقد الخبراء أن أحد أسباب ذلك هو انتشار نقص فيتامين (أ). فعلى الصعيد العالمي، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نقص هذا الفيتامين هو السبب الرئيسي لعمى الأطفال.
الصورة: كميلا حياة/إيرين |
مرضى بانتظار إجراء فحص العيون |
وقد نفذت باكستان، بدعم من اليونيسف، برنامج التغذية التكميلية بفيتامين (أ)، المرتبط بأيام التحصين الوطني ضد شلل الأطفال، منذ عام 1999.
وتدور رحى المعركة ضد العمى في القطاعين العام والخاص، بمساعدة منظمات خيرية، مثل منظمة لايتون رحمة الله الخيرية، التي تدير 56 عيادة عيون ومستشفى في جميع أنحاء البلاد.
وقال نجم الثاقب الحميد، عضو مجلس أمناء المنظمة: نعالج واحداً من بين كل ثلاثة مرضى عيون [في البلاد]، ومهمتنا هي أن نقدم عناية جيدة بالبصر إلى كل من يحتاج إليها".
ولكن رغم هذه الجهود، يظل أطفال مثل كانيز فاطمة خارج المدارس والتي قالت: "أتمنى أن يسمح لي نظري بالقراءة مثل شقيقاتي".
kh/at/cb - ais/dvh