1. الرئيسية
  2. Global

العمل الإنساني تحت الحصار

U.S. Army Sergeant Kornelia Rachwal gives a young Pakistani girl a drink of water as they are airlifted from Muzaffarabad to Islamabad, Pakistan, aboard a U.S. Army CH-47 Chinook helicopter USAF/Wikimedia

في اليوم العالمي الأول للإغاثة الإنسانية الذي يصادف التاسع عشر من أغسطس وبينما تسلط الأمم المتحدة الأضواء على عمال الإغاثة والاحتياجات الإنسانية المتزايدة حول العالم، يقول الخبراء أن الاتجاه نحو دمج أهداف الإغاثة في الأجندات الاجتماعية والأمنية الأوسع نطاقاً قد ساهم في تآكل "الحيز الإنساني". وفي هذا التقرير تبحث شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في الأسباب التي أدت إلى تآكل الحيز الإنساني والأساليب التي يمكن أن ينتهجها المانحون ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للحيلولة دون انكماشه إلى الأبد.

ومع افتقاده لأي تعريف رسمي فإن مصطلح "الحيز الإنساني" أصبح يستخدم ليشمل أياً من الأمور التالية أو جميعها معاً: المواقع الآمنة من الهجمات في أوقات النزاع؛ احترام المبادئ الإنسانية الأساسية؛ الاستقلال والنزاهة والحيادية؛ قدرة منظمات الإغاثة على الوصول إلى المدنيين المتأثرين بالنزاع.

ولكن مهما حمل المصطلح من معانٍ ودلالات إلا أن المراقبين يقولون أن حيز العمل الإنساني مستمر في التضاؤل مع تناقص فرص الوصول إلى المستفيدين وزيادة الهجمات على المستفيدين وموظفي الإغاثة.

وتتضمن العوامل التي تشكل ضغطاً على الحيز الإنساني، وفقاً للجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة IASC، الميل نحو الربط بين الأجندات السياسية والإنسانية؛ وعدم وضوح الفرق بين دور كل من الجيش والمنظمات الإنسانية؛ والتلاعب السياسي في المساعدات الإنسانية؛ والإحساس بعدم استقلالية المؤسسات الإنسانية عن الجهات المانحة أو الحكومات المضيفة؛ والشعور بانتماء العمال الإنسانيين لأجندات اجتماعية أو ثقافية أو دينية معينة؛ وانهيار القانون والنظام.

الترابط والتكامل – هل يشكلان خطورة؟

وقد بدأت الحكومات المانحة بالاتجاه نحو الربط بين الأجندات الإنسانية والسياسية في أوائل التسعينيات نظراً للاعتراف المتزايد بأن أسباب حالات الطوارئ المعقدة كانت في جوهرها سياسية وأنه لا يمكن للمساعدات الإنسانية وحدها القيام بحلها.

علاوة على ذلك، ساهمت عمليات مكافحة الإرهاب والتمرد في حدوث تحول في السياسة العسكرية نحو التكامل بين النشاطات الأمنية والسياسية والإنسانية والاقتصادية وجهود إعادة الإعمار. كما شهد العالم توسعاً في عدد من بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مع التركيز على حماية المدنيين.

وفي عام 2000، صادق نظام الأمم المتحدة رسمياً على "البعثات الموحدة" لتوجيه قوات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها نحو هدف سياسي وعسكري وإنساني مشترك بحيث يرأسها ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة ويتم وضع منسق للشؤون الإنسانية تحت إدارة الممثل الخاص.

وخلال العقد الماضي، قامت بعض المنظمات الإنسانية بتوسيع مساعداتها إلى أبعد من عمليات "إنقاذ الأرواح" لتشمل أنشطة المناصرة وإحلال السلام والترويج لحقوق الإنسان وغيرها من الأهداف، وفقاً لسمير الهواري الباحث في معهد تنمية ما وراء البحار.

وأضاف الهواري أن "عدداً أكبر من المنظمات [الإنسانية] تشعر أن عليها تجاوز مهمة إنقاذ الأرواح...حيث تم تطبيق النشاطات الرامية لإحلال السلام وتسوية النزاعات على الإغاثة الإنسانية مما جعلها تبدو سياسية بشكل أكبر. فهي لا تعني إنقاذ الأرواح فقط بل إحداث تحول اجتماعي ومعالجة جذور الصراع كذلك".

ويقول الخبراء في المجال الإنساني أنه يمكن إدراج هذا المزيج من الأهداف الإنسانية ضمن مجموعة أكبر من الأهداف السياسية والعسكرية. ففي السودان يدير المجتمع الدولي واحدة من أكبر العمليات الإنسانية ويمهد الطريق لعملية السلام ويعطي دفعة لحقوق الإنسان ويعمل على تحقيق العدالة من خلال المحكمة الجنائية الدولية ويروج لاتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب.

وقال الهواري لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "قد يقول البعض أن هذه الأدوار متكاملة لكن طرد وكالات الإغاثة من السودان ما هو إلا مؤشر على أن هذه الأهداف قد لا تكون متوافقة مع بعضها البعض".

التأثيرات

ويقول الخبراء أن انعدام الأمن الناتج عن ارتباط المساعدات الإنسانية بالسياسة قد قلص من قدرة وكالات الإغاثة على الوصول إلى المستفيدين. وإذا نظرنا إلى العراق مثلاً نجد أن العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية قد غادرت البلاد وبقي نحو 60 منها فقط يُدار معظمها عن بُعد مع عدم التساوي في التوزيع الجغرافي، وفقاً للتقرير الذي أصدره معهد تنمية ما وراء البحار في مارس 2009 والذي حمل عنوان "تقديم المساعدة في بيئة غير آمنة".

وأفاد التقرير أن عدد عمال الإغاثة الذين لقوا حتفهم في عام 2008 كان أكبر من أي سنة على الإطلاق وأن هذه الزيادة تعود جزئياً لارتباط السياسة بالإغاثة. وقد حدث حوالي 75 بالمائة من الهجمات - التي أوضح تقرير المعهد بأنها "كانت إلى حد كبير مرتبطة بدوافع سياسية" في كل من أفغانستان وتشاد والعراق وباكستان والصومال وسريلانكا والسودان.

.

وأفاد تقرير معهد تنمية ما وراء البحار كذلك أنه في بلدان مثل العراق وأفغانستان حيث تقوم الحكومات في الغالب بتمويل منظمات الإغاثة "لا يُنظَر إلى العاملين في المجال الإنساني على أنهم متعاونون مع الساسة الغربيين فقط ... بل على أنهم جميعاً جزء من الأجندة الغربية".

ومع كل ذلك، انخفض عدد الهجمات ضد حركة الصليب الأحمر الدولية مما لفت الأنظار لنهجها الإنساني الصرف والمحايد.

تحمل المسؤولية

وأخبر الهواري شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الحيز الإنساني لم يشهد قط "عصراً ذهبياً" تمتع خلاله بالحماية. فقد تلاعبت الحركة الانفصالية في بيافرا بمنظمات الإغاثة خلال الحرب الأهلية في نيجيريا في حين تعرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهجوم في إثيوبيا بين عامي 1935 و1936.

ويقول معهد تنمية ما وراء البحار أن مسؤولية حماية الحيز الإنساني تقع جزئياً على عاتق وكالات الإغاثة أنفسها.

وفي هذا الإطار، قال روس ماونتين، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية أنه من الخطأ إلقاء اللوم في تقلص الوصول إلى المستفيدين فقط على ارتباط الأجندات السياسية والإنسانية.

وأضاف أنه للتوجهات الحربية دور أكبر في موضوع الوصول للمستفيد من ارتباط السياسات، مشيراً إلى الأوقات العصيبة التي مرت بها منظمات الإغاثة في مناطق من جمهورية الكونغو الديمقراطية في الآونة الأخيرة من أجل الوصول إلى بعض المستضعفين وذلك بسبب تصاعد حدة النزاع مع الميليشيات التي تستهدف المدنيين.

وقد تمكنت بعض المنظمات الإنسانية من التكيف مع هذه الحقائق عن طريق الحد من أنشطتها الظاهرة للعيان على الأرض والعمل من خلال منظمات غير حكومية محلية أو تحسين أنشطة تقييم المخاطر وتحليل القدرات وتبادل المعلومات، ولكن التقدم في القطاعات على وسعها كان بطيئاً.

بالإضافة إلى ذلك، ما تزال العديد من المنظمات الإنسانية لا تجيد توقع العواقب المحتملة لبعض القرارات التي يتم اتخاذها في بيئات معقدة مثل أفغانستان، حيث "لا يوجد توافق في الآراء على الصعيد الإنساني بالإضافة إلى مساحة صغيرة جداً من الحيز الإنساني"، كما ذكر أنطونيو دونيني في أحد تقارير مركز فينشتاين.

ولكن هوارد موليت، المستشار في مجال النزاعات في منظمة كير الدولية، وهي منظمة غير حكومية، قال أنه يجب بذل جهد أكبر في أماكن مثل أفغانستان للسيطرة على عوامل الشد والجذب بين الأولويات وجوانب الاختصاص المختلفة.

WFP Distribution of Wheat Flour in Afghanistan
الصورة: عبد الله عبادي/برنامج الأغذية العالمي
لا يستطيع عمال الإغاثة الوصول إلى الكثير من المناطق في أفغانستان
وأضاف أن "معظم المنظمات العاملة في مجال الاستجابة الإنسانية لديها اهتمامات وجوانب اختصاص متعددة... وهو ما يعكس جزئياً حقيقة الفوضى في الميدان الذي نعمل به. فالاحتياجات الإنسانية الملحة والفقر المزمن وفرص تحقيق التعافي عادة ما تتواجد في المكان ذاته".

التحول

ويقول الخبراء أنه يبدو أن المجتمع الإنساني قد أصبح بحاجة إلى تحول في النهج للحيلولة دون اختفاء الحيز الإنساني.

وقال موليت أن الأمم المتحدة قامت بتعديل عنصر المساعدات لبعض البعثات الموحدة. ففي أفغانستان وبعد أن تقلصت الخبرات الإنسانية في إطار بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان إلى بضعة أشخاص تقرر إعادة فتح مكتب الأمم لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عام 2008. أما في الصومال فقد دعت الأمم المتحدة لإجراء مشاورات واسعة مع المنظمات الإنسانية قبل وضع أي خطة لبعثة موحدة.

وقال ماونتين أنه في جمهورية الكونغو الديمقراطية تقوم مختلف الجهات بحل مشكلة التعقيدات الناجمة عن العمل في بعثة موحدة بالمزيد من الاحترام المتبادل وتساندهم في ذلك مهمتهم الواضحة وهي حماية المدنيين. وأضاف قائلاً: "الأمر ليس قيام الجيش بالعمل الإنساني...وإنما أن يصبح العسكريون والسياسيون حلفاء أقوياء لتعزيز الأهداف الإنسانية عن طريق توفير الحماية".

ومع أن نهج الربط بين الأهداف قد خُلِق ليبقى، إلا أن نحو 35 من المانحين الرئيسيين وقعوا على اتفاقية مبادئ المنح الإنسانية السليمة والتي تشدد على الحاجة إلى تعزيز الحيز الإنساني.

ومن المتوقع أن يمنح الاجتماع الذي سيعقد في ديسمبر 2009 والذي سيجمع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وإدارة عمليات حفظ السلام وإدارة الشؤون السياسية واللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات الفرصة للجهات المعنية للتعبير عن آرائها.

وقد وصف موليت ذلك بأنه خطوة إلى الأمام حيث قال: "إن تآكل الحيز الإنساني على المدى الطويل قد جعله في وضع صعب ولكن خطورة الأوضاع في دول مثل الصومال وأفغانستان قد أوصلتنا إلى لحظة حاسمة.. وربما أن الوقت قد حان للاعتراف بالقيود التي يسببها ارتباط الأجندات ووضع بعض الخطوط الحمراء في السياسات والممارسات".


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join