تفكر فرح إقبال*، البالغة من العمر 25 عاماً، بجدية في تغيير مجال عملها بعيداً عن المنظمات غير الحكومية إذ يعتقد والداها أن العمل فيها قد بدأ يتسم بخطورة كبيرة.
وعن ذلك قالت فرح: "أنا أحب عملي وأحب التحدث إلى النساء اللواتي أقابلهن في المجتمعات الريفية. فهن دائماً على أتم الاستعداد للكلام عن قضيتهم ورواية قصصهن".
ولكن والدي فرح يرغبان في أن تترك ابنتهما عملها كموظفة في مجال رعاية المرأة في بيشاور، عاصمة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في باكستان لأنه "لم يعد آمنا". وعبر الوالدان عن ذلك بقولهما: "لقد تلقت المنظمات غير الحكومية تهديدات كثيرة جعلتنا نقلق على سلامة ابنتنا خصوصاً وأنها غالباً ما تعمل في الميدان".
وقد شهد الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في باكستان تدهوراً أمنياً كبيراً خلال السنة الماضية، حيث أخبر مسرات هلالي، نائب رئيس اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في باكستان، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الأمور ساءت بشكل كبير" هناك.
وكانت اللجنة قد أصدرت إنذاراً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2008 تحذر فيه من تزايد التهديدات الأمنية التي تستهدف المنظمات غير الحكومية في المنطقة، وخصوصاً موظفاتها من النساء.
وقد تزايدت المخاوف بشكل خاص بعد تعرض موظف أمريكي بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للاغتيال في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2008 في بيشاور. كما تم استهداف موظفي المنظمات غير الحكومية المحلية حيث تم التبليغ عن العديد من حالات الاختطاف منذ عام 2006، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية. وفي شهر سبتمبر/أيلول 2006، تعرضت عاملتا صحة لهجوم في خار، حيث استهدفت قذيفة موجهة عن بعد سيارتهما لتودي بحياة الأولى وتصيب الثانية بجروح بليغة.
ولا زالت التهديدات تتواصل عبر المنشورات والأقراص المدمجة، حيث أفاد جيهانزيب خان، المدير الإقليمي لجمعية حماية حقوق الطفل بإسلام أباد أن الجمعية لم تتمكن من تنظيم أنشطة ميدانية أو تقييمات في مناطق مثل سوات وهانجو وباجور وخيبر بسبب خطورة هذه المناطق على موظفيها. وأشار إلى أنه "تم توقيف مثل هذه الأنشطة".
محاولة الوصول
بدورها، قالت دوروثي بلين، المديرة القطرية لمنظمة كونسورن وورلد وايد، ومقرها المملكة المتحدة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد كنا جد محظوظين حيث لم نتأثر مباشرة بهذه التهديدات". وأوضحت قائلة: "لقد عملنا في منطقة مانسيرا وبالاكوتا، ولكننا نعمل بشكل عادي مع شركائنا الذين يتمتعون بعلاقات جيدة مع المجتمعات في الميدان. ولا يوجد لدينا أي موظفين دوليين في الميدان".
وأشارت بلين إلى أن المرة الوحيدة التي شعرت فيها منظمتها بأنها "معرضة للخطر" هي تلك التي تم فيها استهداف مكاتب منظمة بلان إنترناشيونال، وهي مؤسسة خيرية مقرها المملكة المتحدة، في مانسيرا في فبراير/شباط 2008 وتم اغتيال أربعة من موظفيها. ولكن وقوع العديد من حالات الاختطاف أو الاغتيال لموظفي الإغاثة الدوليين زاد من مخاوف المنظمة، حسب قولها. وأضافت أن "الموظفين المحليين يترددون في الإقرار بعملهم مع منظمة غير حكومية دولية مخافة تعرضهم للخطر".
من جهته، قلل مسرات هلالي، من اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان، من المخاوف قائلاً: "الواقع هو أننا لا نستطيع إرسال الناس إلى سوات أو وزيرستان أو غيرهما من المناطق بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي حيث يوجد خطر التطرف. لا تعمل هناك أية منظمات غير حكومية حتى المحلية منها. نحاول أن نواصل أعمال المراقبة وتجميع الحقائق عبر الحفاظ على علاقاتنا مع السكان المحليين".
وتلقي اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان باللوم على السلطات لفشلها في الحفاظ على القانون والنظام.
وقالت فرح إقبال: "لا أحد الآن يريد أن يعمل مع المنظمات غير الحكومية بسبب المخاطر المترتبة على ذلك. ستبقى الكثير من الأعمال التي يجب القيام بها عالقة مما سيتسبب في المزيد من المعاناة للمحتاجين خصوصاً النساء والأطفال".
*ليس اسمها الحقيقي
"
