لن أصحب زوجتي إلى طبيب حتى لو انتهى بها المرض إلى الموت". هذا ما قاله بير غول من إقليم باكتيكا في أفغانستان موضحاً أن ذلك مخالف للعادات والتقاليد في البلاد. ويشارك غول في موقفه هذا العديد من سكان إقليم باكتيكا الذي لا توجد فيه أية طبيبة بالرغم من أن الإحصائيات الرسمية تفيد بأن عدد النساء بالإقليم يفوق الـ 180,000 امرأة.
من جهته، أخبر نانغيالاي، نائب مدير دائرة الصحة بالإقليم، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن هذا الموقف "يشكل مشكلة خطيرة"، مضيفاً أن قطاع التمريض في الإقليم يعاني هو الآخر من قلة عدد النساء العاملات فيه. وبالرغم من أن وزارة الصحة وبدعم من منظمات إنسانية، كانت قد تمكنت من زيادة عدد القابلات في باكتيكا من 400 قابلة عام 2001 إلى 2,500 قابلة عام 2008، إلا أن ذلك لا يزال يعتبر غير كاف.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في تقريرها "وضع الأطفال في العالم 2009" أنه "لا تزال هناك حاجة لحوالي 4,546 قابلة لتغطية 90 بالمائة من حالات الحمل والولادة بالبلاد". كما أشارت المنظمة إلى أن أفغانستان تضم ثاني أعلى نسبة وفيات نفاسية في العالم بعد النيجر وأن واحدة من بين كل ثماني أفغانيات حوامل تواجه خطر الوفاة جراء مضاعفات الحمل.
التحديات
كما أفادت اليونيسف أن محدودية الحصول على الرعاية الصحية أثناء الحمل والولادة وضعف الوعي بطرق التوليد الآمنة وقلة العاملين المدربين في القطاع الصحي هي من أهم العوامل المتسببة في ارتفاع نسبة الوفيات النفاسية في أفغانستان. كما أن التقاليد المحافظة تشكل عائقاً كبيراً أمام تعليم وتوعية النساء في باكتيكا، حيث أشار تقرير اليونيسف إلى أن "التقاليد والأعراف المحلية تدعو إلى ضرورة أن يرافق النساء الخارجات من بيوتهن رجل من أقربائهن، مما يحد من حرية تحركهن ووصولهن إلى المرافق الصحية".
وفي الوقت الذي عبر فيه مسؤولون في قطاع الصحة عن التزامهم بتوسيع الخدمات الصحية وتوفيرها في جميع أنحاء البلاد، إلا أنهم أفادوا أن "انعدام الأمن يعتبر مشكلة كبيرة تعيق عمل النساء في القطاع الصحي"، حسب تصريح فايز الله كاكار، نائب وزير الصحة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).
قابلات غير مدربات
لا تتوفر أية إحصائيات موثوقة حول نسبة الوفيات النفاسية ووفيات المواليد في باكتيكا حيث تؤدي الأمراض التي يمكن الوقاية منها والقابلة للشفاء إلى الوفاة. ويعزى ذلك إلى عدم توفر عاملات مدربات في قطاع الصحة، مما يدفع النساء إلى اللجوء إلى خدمات القابلات غير المحترفات والتداوي بالأعشاب. ويخشى الخبراء من تعرض الكثير من النساء للمعاناة أو حتى الموت جراء مضاعفات الولادة الناتجة عن ضعف الرعاية الصحية وعدم توفر المضادات الحيوية.
كما تضطر النساء والفتيات اللواتي يعانين من أمراض أخرى لتحمل الألم إلى أن يشفين بشكل طبيعي. وتستعمل بعضهن الأدوية العشبية المصنعة محلياً في حين تستعين أخريات ببائعي الأدوية المحليين. أما إذا استفحل المرض، فيقوم من يستطيع تحمل المصاريف بمرافقة المرأة المريضة إلى كابول أو باكستان لتلقي العلاج.
"