خرجت شايستا بيبي لشراء كتب مدرسية في بيشاور لابنة أختها البالغة من العمر 15 عاماً. وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): علي الآن أن أجد طريقة أوصل فيها هذه الكتب إلى أختي التي تعيش بالقرب من بلدة متا في سوات".
وتأمل أخت شايستا الكبرى، وتدعى قدسية بيبي، أن تتمكن من استخدام الكتب لتدريس ابنتها في المنزل، حيث لم تتمكن الصغيرة التي تستعد لامتحانات التخرج من المدرسة في الربيع، من حضور أية حصة منذ أسابيع بسبب تهديدات المقاتلين.
ووفقاً لمسؤول في إدارة التعليم في سوات فضل عدم الكشف عن اسمه، انخفض عدد الفتيات المسجلات في المدارس من 120,000 إلى 50,000 فتاة منذ عام 2007. كما تم تدمير أكثر من 130 مدرسة – معظمها للإناث – في سوات خلال العام الماضي، وفقاً لمصادر في إدارة التعليم.
وأخبرت قدسية شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: "أشعر بالخوف حتى لإرسال ابنتي إلى مدرسة خاصة ولذلك سأحاول تدريسها في المنزل. فأنا أحمل شهادة بكالوريوس ومن بين القليلات في المنطقة الحاصلات على شهادة جامعية".
كما وافقت قدسية على إعطاء الدروس لزميلات ابنتها بشرط حضورهن سراً إلى منزلها – واحدة أو اثنتين فقط في المرة الواحدة – لتجنب لفت نظر المقاتلين.
ويخشى السكان المحليون أن يؤدي الحظر الذي أعلنته طالبان على تعليم الفتيات منذ 15 يناير/كانون الثاني إلى تبني إجراءات صارمة من قبل الحركة لمنع النساء من التعليم.
وكان من المفترض أن تفتتح المدارس الخاصة أبوابها يوم 15 يناير/كانون الثاني، ولكن طبقاً لما ذكرته المحامية مسرت هلالي، المسؤولة في مفوضية حقوق الإنسان في باكستان، "رفضت المدارس فتح أبوابها إلى أن تحصل على تأكيدات من المقاتلين بأنها لن تتعرض لهجماتهم".
الخوف من العمل
ولكن مواصلة التعليم ليست الصعوبة الوحيدة التي تواجه النساء في وادي سوات، فالعديد منهن أيضاً يخشين الخروج للعمل.
وعن ذلك أخبرت شاندانا جبرين (ليس اسمها الحقيقي)، 21 عاماً، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: "كنت أعمل في صيدلية في منغورا [المدينة الرئيسية في سوات] ولكن تم تحذير والدي بأن عملي غير أخلاقي لأنني أعمل إلى جانب الرجال. فتوقفت عن العمل على الرغم من أن ذلك يعني فقدان الدخل بالنسبة لأسرتي التي هي بحاجة ماسة إلى مبلغ الـ 8,000 روبية [105 دولار] التي كنت أتقاضاه كل شهر". وأضافت أن والديها شعرا بالخوف من أن يعاقبهما المقاتلون في حال استمرت في العمل.
ولكن هذه المخاوف مبررة فقد قدم حامد مير المذيع الشهير في تلفزيون جيو بتناول القصة المنشورة في إحدى الصحف عن معلمة وصفها المقاتلون بأنها عاهرة وقاموا بعد ذلك بقتلها لرفضها التوقف عن التدريس. وكانت المعلمة، وهي من قرية كوزا بنداي، أرملة والمعيل الوحيد لأطفالها الثلاثة.
وأخبرت هلالي من مفوضية حقوق الإنسان في باكستان شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: "نحن نسمع عن المزيد والمزيد من الوقائع التي تُمنَع فيها النساء من الذهاب إلى العمل. تحث الرسائل التي تذاع على موجات راديو FM الرجال على إبقاء النساء في المنازل لتجنب التعرض للانتقام. وقد تم إذلال المعلمة التي قتلت بسبب عملها ووضع سلاسل من الأجراس في قدميها لإظهار أنها كانت عاهرة".
وأضافت قائلة: "حتى النساء في أجنحة الأمراض النسائية يتعرضن للمضايقات على يد المقاتلين الذين يطلبون منهن تضفير شعورهن وعدم استخدام ملاقط أو ربطات الشعر المزركشة".
كما طُلب من أخريات يسكنّ في القرى المحيطة بمنغورا ارتداء "البرقع" وهو اللباس الذي تفضله حركة طالبان لأنه يغطي المرأة من رأسها حتى أخمص قدميها. وأخبر جهانزيب خان الذي ينحدر من سوات شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في بيشاور: "طلبت عصابة من المقاتلين اليافعين من زوجتي وابنتي ارتداء البرقع على الرغم من أنهما كنتا تضعان 'الجادر' [وهو لباس خارجي يغطي المرأة]". ويحاول جهانزيب الآن العثور على وظيفة في المدينة ليتمكن من الانتقال وأسرته من سوات. ويقدر ناشطو حقوق الإنسان المحليون أن عشرات الآلاف من السكان قد فروا فعلاً من سوات.
"