في مواجهة الزيادة في عدد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا، حثت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة بخصوص الإعادة السريعة للمهاجرين الذين لا يحق لهم الحصول على اللجوء، ولكن قراراً صادراً عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي قد يجعل الدول تفكّر مليّاً قبل تسريع الإعادة إلى الوطن.
.
ويتعلق الحكم الصادر بمعاملة إيطاليا ثلاثة من المهاجرين الذين فرّوا أثناء انتفاضة الربيع العربي من وطنهم تونس ووصلوا إلى جزيرة لامبيدوسا في سبتمبر 2011.
وقد تم إبقاء المهاجرين في ما وصفته المحكمة بأنه ظروف "مروعة" في مركز استقبال على الجزيرة، حيث لم يسمح لهم بالخروج، وكانت إمدادات المياه محدودة وكان عليهم النوم على الأرض. وبعد مشاركتهم في احتجاجات للمهاجرين، تم نقلهم إلى سفينتين راسيتين في ميناء باليرمو، وبعد أربعة أيام، تمت إعادتهم إلى تونس دون أن تتم مقابلتهم بخصوص ظروفهم الفردية ولم تعط لهم الفرصة للطعن بقرار طردهم. واستندت عملية الإعادة على اتفاقية ثنائية كانت إيطاليا قد أبرمتها مع تونس وسمحت بإعادة المهاجرين التونسيين غير الشرعيين في إطار إجراءات مبسطة.
وقد وجدت المحكمة أن إيطاليا قد انتهكت عدة مواد من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان من حيث: الظروف "غير الإنسانية" للاحتجاز في مركز الاستقبال وعلى متن السفن؛ وعدم إبلاغ المهاجرين حول أسباب احتجازهم. وربما الأهم، إجراء "طرد جماعي" للمهاجرين إلى تونس دون النظر بشكل مناسب في طلبات لجوئهم.
وقال ثوربيورن ياغلاند، الأمين العام لمجلس أوروبا، الذي يضم محكمة ستراسبورغ أن "أزمة الهجرة تشكّل تهديداً خطيراً لاحترام حقوق الإنسان في أجزاء عديدة من أوروبا".
"إن الحكم الصادر اليوم هو تذكير في الوقت المناسب لجميع دول مجلس أوروبا الـ 47 أن طالبي اللجوء والمهاجرين يجب أن يعاملوا بطريقة إنسانية وفردية مع امتلاكهم لنفس الحقوق الأساسية التي يمتلكها أي شخص آخر".
ويشمل اختصاص المحكمة دولاً خارج كتلة الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تركيا ومقدونيا، حيث وردت تقارير من المهاجرين تشير إلى احتجازهم في ظروف سيئة.
وقالت إيزابيلا ماجشير، الباحثة في مشروع الاحتجاز الدولي Global Detention Project ومقره جنيف لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الحكم الصادر لا يمثل مجرد انتصار شخصي للرجال التونسيين الثلاثة، الذين سيحصل كل منهم على 10,000 يورو كتعويضات من الحكومة الإيطالية، ولكنه أيضاً انتصار لمنظمات حقوق اللاجئين التي ستكون قادرة على استخدامه لمناصرة جهود تحسين ظروف الاعتقال وعمليات الإعادة للمهاجرين ودعمها.
وأضافت قائلة: "من الناحية التاريخية، كانت المحكمة مترددة بعض الشيء في إصدار الأحكام المتعلقة بالطرد الجماعي. وهذه واحدة من المرات القليلة التي وجدت فيها مخالفة من هذا النوع".
واتفق ستيف بيرز، أستاذ القانون والخبير في قانون الاتحاد الأوروبي في جامعة إسيكس أن الحكم الصادر كان هاماً، وخاصة في سياق جهود الاتحاد الاوروبي لتسريع طلبات اللجوء وعمليات الإعادة.
وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "هذا الحكم يرسل إشارة واضحة أن هناك قيوداً لما يمكنك القيام به لترحيل المهاجرين غير الشرعيين".
"أعتقد أنه من الواضح أن الإعادة ليست ممكنة إلا بعد الدراسة المناسبة لطلب اللجوء وإذا قمت بالطعن في رفض [هذا الطلب]، ينبغي أن يسمح لك بالبقاء أثناء عملية الطعن".
ks/ag-aha/dvh"