1. الرئيسية
  2. Global
  • News

نحو موقف أكثر صرامة تجاه الاتجار بالبشر والاستعباد الجنسي

Jodi Hilton/IRIN
A boy, who is by himself, tries to sleep on a piece of cardboard next to the fence outside a reception centre on the Greek island of Lesvos

عقب مقتل زوجها في الحرب الدائرة في سوريا، وجدت أميرة نفسها هائمة على غير هدى في لبنان. ونظراً لكونها ممنوعة من العمل هناك ولديها طفلان يحتاجان للطعام، اضطرت إلى تزويج ابنتها التي لا يتعدى عمرها الـ9 سنوات وإرسال ابنها البالغ من العمر 12 عاماً للعمل.

وعلى الرغم من أميرة ليست شخصية حقيقية إلا أن قصتها أصبحت شائعة على نحو متزايد. فلا أحد يعرف كم من الأشخاص النازحين قسراً في العالم، الذين يصل عددهم إلى نحو 60 مليون شخص، قد وقع ضحية للاتجار بالبشر والعبودية والسخرة، لكن يبدو أن عددهم في تزايد مستمر. فهناك قرابة 7,000 امرأة وفتاة وقعن ضحية للعبودية الجنسية على يد جماعة بوكو حرام، وفي ليبيا، تستغل الجماعات المسلحة المهاجرين واللاجئين على نحو منتظم في العمل بالسخرة أو تحتجزهم للحصول على فدية، وفي العراق، يستعبد ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية أكثر من 5,000 شخص من اليزيديين.

وفي هذا الصدد، كشفت البحوث التي أجريت مؤخراً على اللاجئين السوريين في لبنان بواسطة "صندوق الحرية"، وهو عبارة عن منظمة غير حكومية تهتم بشؤون مكافحة الاتجار بالبشر والرق، أن العمل القسري وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال، والاستغلال الجنسي، وممارسة الجنس من أجل البقاء أصبحت أكثر انتشاراً، في بلد يستضيف أكثر من مليون لاجئ. وقالت كيت كينيدي من صندوق الحرية: "اليأس الاقتصادي، جنباً إلى جنب مع انعدام الحماية القانونية وغيرها من العوامل، يجعل هؤلاء الأشخاص أكثر عُرضة لمختلف أشكال الاتجار بالبشر".

ويتفق معظم المهتمين بهذا الشأن أن التدخلات الإنسانية الرامية إلى كشف الاتجار بالبشر – ناهيك عن وقفه – بحق اللاجئين شبه منعدمة بالإضافة إلى جهود تعقب مرتكبيه ومعاقبتهم. ولكن الزخم لمعالجة هذه المشكلة يزداد في الأمم المتحدة، ويعود هذا لإدراك حقيقة أن هذه الجرائم لا تزداد فحسب، بل تأخذ أشكالاً أكثر قتامة وأكثر وقاحة.

بيئة مواتية

وتدعو الجماعات المسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وبوكو حرام علناً لاستعباد النساء والأطفال، كوسيلة لجلب الإيرادات ومعاقبة مجموعات خاصة من السكان على حد سواء. في الوقت نفسه، أدّت الصراعات التي طال أمدها في سوريا وفي أماكن أخرى من العالم إلى زيادة عدد الأشخاص اليائسين الذين يبحثون عن وسيلة للبقاء على قيد الحياة في مناطق نزوحهم، مما يخلق بيئة مثالية لتفشي هذه الجرائم.

وفي السياق ذاته، أصدرت جامعة الأمم المتحدة تقريراً حديثاً بعنوان "مكافحة الاتجار بالبشر في مناطق الصراع"، يوثّق العلاقات بين الصراع وحالات الاتجار بالبشر التي تحدث في مناطق النزاعات وفي أوساط السكان النازحين الذين فروا من مثل تلك المناطق.

ويشير هذا التقرير إلى أن "اللاجئين الفارين من الصراعات غالباً ما يتعرضون للاستغلال المتصل بالاتجار بالأشخاص، بما في ذلك عمل الأطفال، والبغاء القسري، والزواج القسري والمبكر والتسول القسري".

وذكر جيمس كوكاين من جامعة الأمم المتحدة، والمؤلف الرئيسي للتقرير، أن هناك أدلة مثيرة للقلق عن أن الاتجار بالبشر في مناطق الصراع يمثل مشكلة متنامية، وأن المجموعات المسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وبوكو حرام "تشجع – وتنظم – الرق على نطاق لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية".

وقال كوكين أن هذه الجماعات المسلحة من غير الدول "تُعيد علناً إحياء الرق وتنظم أسواقاً للرقيق، باستخدام أساليب مؤسسية وأكثر تطوراً، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي في تجهيز الضحايا وبيعهم بالمزاد العلني".

وجه إنساني

وبفضل موقف شجاع لسيدة تُدعى نادية مراد، وهي امرأة يزيدية قُتلت أسرتها وتعرضت هي للاغتصاب الجماعي على يد أعضاء من تنظيم الدولة الإسلامية ثم بيعت ضمن ضحايا الاستعباد الجنسي، أصبح لدينا الآن وجه إنساني لعملية إعادة الإحياء المرعبة للاستعباد الجنسي كسلاح من أسلحة الحرب.

لقد أصبحت مراد حالياً متحدثة باسم النساء اليزيديات اللائي لايزلن ضحايا الاستعباد الجنسي لتنظيم الدولة الإسلامية. وقد جعلت شهادتها المروعة في النقاش الذي عقد العام الماضي لأول مرة بشأن الاتجار بالبشر في مجلس الأمن الدولي أعين أعضاء المجلس تفيض بالدمع. ومن المقرر أن يتم تعيينها يوم الجمعة سفيرة للنوايا الحسنة لمناصرة الناجين من الاتجار بالبشر، لاسيما اللاجئين والنساء والفتيات.

والجدير بالذكر أن ثلاثة من أهداف التنمية المستدامة – الأهداف رقم 5 و8 و16 – تتعلق بوقف الاتجار بالبشر وإعطاء جهود الأمم المتحدة مزيداً من الزخم للتصدي لهذه المشكلة. ومن بين الوكالات التي تركز على هذه القضية مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة. 

وفي الوقت نفسه، سوف يصب تقرير جامعة الأمم المتحدة، الذي يقدم 10 أفكار لمجلس الأمن للتصدي للاتجار بالبشر في مناطق النزاع، في تقرير آخر من المقرر أن يصدره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون، بشأن الموضوع ذاته خلال شهرين، على أن تتم مناقشته في مجلس الأمن في شهر ديسمبر.

ما الذي يمكن فعله؟

لا توجد حلول سهلة لمشكلة معقدة تتشابك فيها الجريمة المنظمة والإرهاب والممارسات التجارية التي تبدو في الظاهر مشروعة، وغالباً ما يكون ضحاياها مخفيين.

وعلى الرغم من أن هناك العديد من القوانين والأدوات القائمة لمكافحة الاتجار بالبشر، إلا أن تطبيقها صعب، ذلك أن القوانين التي تحظر غسل الأموال وتمويل الإرهاب لا يمكن أن تمنع انتقال الأموال عبر طرق غير رسمية تلتف على النظام المصرفي الرسمي، مثل نظام "الحوالة" الشائع في منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكنها وقف هذا النوع من التجارة الذي يتم في الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ويتم بموجبة بيع ضحايا الاختطاف للمقاتلين مقابل حفنة من الدولارات، أو مقايضتهم بالبنادق أو السجائر.

ولحل هذه المشكلة، يقترح تقرير جامعة الأمم المتحدة نهجاً متعدد الجوانب يشمل استهداف التدفقات المالية قدر الإمكان، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي، وترسيخ نظم العقوبات القائمة، وتطوير أدوات أفضل لرصد المشكلة وتقديم تقارير بشأنها، وعرض حالات الاتجار بالبشر والعبودية على محاكم الحرب الدولية.

ويحث التقرير مجلس الأمن على مساعدة الدول على اتخاذ إجراءات ضد مرتكبي هذه الجرائم. ولكن في بلدان الصراع التي ينتشر فيها الاتجار بالبشر، عادة ما تكون سيادة القانون ضعيفة بينما تنشط الجماعات المسلحة من دون عقاب. كما أن الدول لا ترغب في التخلي عن سيادتها على هذه المسألة.

لكن من غير المرجح أن يكون تضييق الخناق على مرتكبي الجرائم فعالاً ما لم يتم توفير سبل عيش بديلة للأعداد المتزايدة من النازحين. وقد كشفت دراسة حول أثر الحرب السورية على الاتجار بالبشر، أجراها المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة، أن الكثير من حالات الاستغلال التي تحدث تنطوي على تورط "أفراد من الأسرة والمعارف والجيران" وليس جماعات الجريمة المنظمة عبر الوطنية. وفي هذا الصدد، تشير الدراسة إلى أنه "غالباً ما لا يكون أمام الأسر والمجتمعات المحلية النازحة بسبب الحرب بدائل للبقاء على قيد الحياة سوى حالات يمكن أن تتسم بالاستغلال". مع ذلك، قد يكون للتدخلات الإنسانية مثل رفع القيود المفروضة على العمل لطالبي اللجوء واللاجئين، وبرامج التحويلات النقدية، وتحسين فرص الوصول إلى التعليم للأطفال اللاجئين، تأثير أكبر في الحد من الاتجار بالبشر والاستغلال من ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم.

حملات إعلامية

في الوقت نفسه، يبحث العاملون في المجال الإنساني عن سبل يمكن أن تخفف من وطأة هذه المشكلة. وفي هذا الإطار، قالت كينيدي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه يجب إيجاد طرق "لتوثيق الرق والاتجار بالبشر بين اللاجئين بشكل منهجي" كما يتعين دمج جهود مكافحة الاتجار بالبشر في استراتيجيات التصدي لأزمات اللاجئين والنازحين.

وفي حلقة العمل التي شكلت الأساس لتقرير جامعة الأمم المتحدة، رأى العديد من المشاركين أنه نظراً لعدم معالجة الاتجار بالبشر بشكل محدد في نهج المجموعات القطاعية للأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن القضية لا تحصل سوى على قدر قليل من الاهتمام في نُهج الأمم المتحدة الميدانية.

وتضمن أحد الاقتراحات في هذا الشأن تدشين حملات إعلامية في الأماكن التي يتجمع فيها الأشخاص المعرضين للخطر، مثل المعابر الحدودية ومراكز معالجة اللاجئين ومراكز توزيع الأغذية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن أن تبدأ الدول بالتعاون مع بعضها البعض ومع الأمم المتحدة في إرسال وحدات تحقيق إلى المناطق ذات المخاطر المرتفعة.

ويكمن جزء من المشكلة في أن الوكالات غالباً ما تكون غير مهيأة للتعامل مع حالات الاتجار بالبشر التي تحدث في خضم الصراعات أو الأزمات. وقد ذكرت مقالة كتبها عدد من المؤلفين في عام 2015 ونشرتها شبكة الممارسة الإنسانية التابعة لمعهد التنمية الخارجية في بريطانيا أن "الجهات الإنسانية كثيراً ما تفتقر إلى المعرفة أو الأدوات المنهجية والمصممة بشكل خاص لمكافحة الاتجار بالبشر. وغالباً ما تكون مخاطر الاتجار بالبشر غير مفهومة أو واضحة بشكل كامل للمستجيبين الأوائل في بداية الأزمات".

ويقترح المؤلفون أن يتم نشر "خبراء متفرغين" لهذه القضية مع أول المستجيبين وأن يتم تشكيل فرق متنقلة لمكافحة الاتجار بالبشر من الحكومة وجماعات المجتمع المدني.

كما تحث مبادرة المهاجرين في الدول التي تمر بأزمات العاملين في المجال الإنساني على تعزيز قدراتهم على تحديد ضحايا الاتجار بالبشر ومساعدتهم. وبينما يرى العاملون في المجال الإنساني أن الاتجار بالبشر يقع ضمن دائرة اختصاص الجهات التنموية وليس الإنسانية، فإن الأمر الواضح بشكل جلي أنه أصبح أولوية إنسانية ملحة.

 (الصورة الرئيسية: صبي يحاول أن ينام على قطعة من الورق المقوى بجانب سور يقع خارج مركز استقبال في جزيرة ليسفوس اليونانية في أكتوبر 2015. جودي هيلتون/إيرين)

pg/ks/ag-kab/dvh

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join